الارشيف / اقتصاد / الطريق

في دراسة حديثة.. آليات حل أزمة زراعة قصب السكر بالصعيد الإثنين، 18 مارس 2024 07:55 مـ

تتخذ الدولة المصرية خطوات حاسمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال المحاصيل الاستراتيجية، وتتصدى للتحديات الحديثة التي تواجه سوق السكر في الوقت الحالي. يعكس الفجوة الكبيرة بين الإنتاج والاستهلاك في مجال السكر حقيقة ملحة تتطلب اهتمامًا فوريًا.

ففي عام ، ارتفع حجم إنتاج السكر في إلى 2.81 مليون فدان، ومع ذلك، يظهر الاستهلاك المحلي أن هناك حاجة متزايدة إلى التوسع في مصادر السكر. تعكس تفضيل الدولة لزراعة بنجر السكر على حساب قصب السكر اهتمامًا بمياه الري، وتحقيق استدامة في الإنتاج.

في هذا السياق، تزيد أهمية إنتاج السكر من البنجر في مصر، حيث بلغت كميات الإنتاج 1.79 مليون طن في 2023، مقابل 767 ألف طن من السكر المستخرج من القصب. تتسبب أزمة سد النهضة ونقص المياه في تحديات توفر محصول قصب السكر، ورغم ذلك، يظهر عجز في توافر السكر في الأسواق المصرية، مما يعكس تأثير التراجع في زراعة القصب على مستويات عدة، بما في ذلك الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية.

تُعد زراعة قصب السكر حجر الزاوية في الزراعة المصرية، وتتطلب الأزمة الحالية إعادة هيكلة عاجلة. تحتاج الدولة وكافة الفاعلين الرئيسيين إلى توحيد الجهود لتحديد وحل التحديات التي يواجهها الفلاحون في زراعة هذا المحصول. من خلال الاستفادة الكاملة من مكونات قصب السكر ومنتجاته الثانوية، يمكن تحقيق استدامة اقتصادية وتحفيز التنمية الاقتصادية في مصر.

وأظهرت دراسة حديثة لمركز رع للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة في مصر، أن القطاع السكري يشهد تغيرات هامة في الوضع الحالي، حيث تتجه الدولة نحو زيادة الإنتاج المحلي لتلبية الطلب المتزايد على السكر، فيشهد الإنتاج الكلي للسكر ارتفاعًا من 2.37 مليون طن في 2015 إلى 2.79 مليون طن في 2022، مع اتجاه الاعتماد المتزايد على بنجر السكر بنسبة تفوق نسبة السكر المُنتج من القصب، ترتبط هذه التغيرات بانخفاض كميات القصب الموردة لمصانع الدولة، والتي انخفضت بنسبة 24.46% إلى 7.04 مليون طن في عام 2023، يعكس انخفاض مساحة زراعة القصب من 350 ألف فدان في 2022 إلى 300 فدان في 2023 توجهًا نحو تفضيل زراعة بنجر السكر، وأن هذه التحولات تعكس التحديات التي تواجه زراعة قصب السكر في مصر، مما يستدعي النظر في إعادة هيكلة الزراعة لتحقيق الاستدامة وتفادي التراجع في الإنتاج.

وجاء في الدراسة أن هناك الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك في مصر، فالاستهلاك المحلي للسكر يتجاوز الإنتاج المحلي بشكل كبير، وهذا يعود إلى زيادة معدلات السكان في مصر، يشير استهلاك الفرد المصري إلى ارتفاع معدل استهلاك السكر إلى حوالي 33 كجم/سنة، بينما يقدر المعدل العالمي بحوالي 25 كجم/سنة وفقًا لبيانات عام 2020/2021، وإلى ارتفاع الاستهلاك المحلي من السكر من 3.25 مليون طن في عام 2020 إلى 3.37 مليون طن في عام 2022، بنسبة ارتفاع قدرها 3.69%، ولمعالجة هذه الفجوة بين الإنتاج والطلب الاستهلاكي تستورد الدولة السكر لتلبية الاحتياجات الداخلية، وهو ما يتسبب في استهلاك غير كفء للموارد، تحولت هيكل التجارة في مصر بحيث أصبحت تُصدر المادة الخام للسكر وتستورد السكر المصنع، ففي عام 2022 كانت قيمة الاستيراد حوالي 200 مليون دولار في حين بلغت قيمة التصدير 189 مليون دولار، يُظهر هذا التحول في هيكل التجارة استغلالًا غير كفؤ للموارد، حيث يمكن تحسين إنتاج السكر محليًا بدلاً من الاعتماد الكبير على الاستيراد، وأنه من المتوقع زيادة فى قيمة الاستهلاك المحلي للسكر فبحلول 2030 من المتوقع أن يصل الطلب المحلي الي 6.2 مليون طن.

وأكدت الدراسة أن سعر توريد قصب السكر في مصر شهد تغيرات كبيرة خلال الفترة من 2010 إلى 2023 في عام 2016/2017، ارتفع سعر الطن إلى 620 جنيهًا مصريًا، مسجلًا زيادة بنسبة 55% عن العام السابق، وفي عام 2019 طلبت نقابة الزراعيين سعرًا يصل إلى 900 جنيه للطن ولكن الحكومة رفضت وزاد السعر إلى 720 جنيهًا للطن وفي عام 2023 ارتفع السعر إلى 1100 جنيه و في 2024 ارتفع سعر التوريد إلى 1500 جنيه للطن.

وأنه تم اتخاذ قرار بتقديم حوافز توريد لموردي قصب السكر في موسم 2024، بحسب كمية التوريد، حيث يتم تحديد المبالغ بناءً على كمية المحصول المورد، وأن هذه الخطوات تهدف إلى تخفيف تكاليف إنتاج قصب السكر على المزارعين المصريين، وتعتبر خطوة إيجابية في سبيل تعزيز هذا القطاع.

ولفتت الدراسة أن متوسط إنتاجية فدان فدان قصب السكر يبلغ 48.6 طن، بينما يبلغ متوسط إنتاجية الفدان لبنجر السكر 20.08 طن، مظهرًا تفوق قصب السكر في الإنتاجية الفدانية، إلا أن تكلفة فدان قصب السكر تتراوح حوالي 26 ألف جنيه مصري، بينما تكون تكلفة البنجر من 13 إلى 18 ألف جنيه مما يعكس فارقًا كبيرًا في التكاليف حيث تكون تكلفة القصب ضعف تكلفة البنجر، إلا أن بنجر السكر يستهلك طاقة أكثر من قصب السكر حيث تكون تكاليف لإنتاج قصب السكر في شركات القطاع العام حوالي 3%، بينما تصل إلى 19% في إنتاج السكر من البنجروكما يتطلب البنجر وقودًا خارجيًا لإنتاج الطاقة مما يؤدي إلى استهلاكه لكميات أكبر من الطاقة مقارنة بقصب السكر، إلا أنه هناك توسع في زراعة البنجر على عكس زراعة قصب السكر ، إذ بلغت المساحة الموردة من القصب 1,3 ألف هكتار في عام 2022، بينما بلغت مساحة البنجر الموردة 251 ألف هكتار، وهو ما يتم تبريره من ارتفاع الطلب الصناعي على بنجر السكر؛ لآنه يوفر سعر أعلى وبالتالي يُحفز المزارعين للتوجه نحو زراعته.

ورصدت الدراسة أن شركات القطاع العام والأعمال العام تُساهم بـ 71% في إنتاج السكر المحلي والمتمثلة فى شركة السكر والصناعات التكاملية في مصر إذ يُمثل إنتاج الشركة من السكر المحلي حوالي 50 % من إجمالي السكر المُنتج من القصب والبنجر، وشركة الدلتا للسكر وتنتج سنويًا ما يقرب من 350 ألف طن سنويًا ، و شركة الدقهلية والتي تنتج ما يقرب من 300 ألف طن سكر أبيض من البنجر سنويًا بينما تنتج 200 ألف طن سكر أبيض من تكرير السكر الخام سنويًا وكما يورد للشركة يوميًا 20 ألف طن بينما يورد لها سنويًا 2.3 مليون طن من البنجر وبالإضافة إلى إنتاج السكر تنتج الشركة 140 ألف طن مخلفات بنجر و 130 ألف طن مولاس بنجر يتم تصديريهم بالكامل إلى ، و شركة الفيوم لصناعة السكر والتي تنتج من السكر الأبيض 180 ألف طن سنوياً و 60 ألف طن مولاس و80 ألف طن لب بنجر سنوياً ، وأن القطاع الخاص ينتج حوالي 29% من حجم الانتاج المحلي للسكر ويبلغ عدد شركاته 3 شركات النيل للسكر والشرقية للسكروالإسكندرية للسكر.

وأشارت الدراسة إلي أن الإحجام في توسع زراعة قصب السكر، يُسبب العديد من التداعيات السلبية على مستوى العديد من الأبعاد فعلي البعد الاقتصادي سيُلقي التراجع في زراعة القصب بظلاله السلبية على الاقتصاد والسوق المصري من حيث 1- انخفاض كمية السكر في السوق حيث أن الإنتاجية الفدانية للقصب تتفوق على الإنتاجية الفدانية للبنجر وبلغ حجم إنتاج السكر من القصب المورد بلغ 881 ألف طن من إجمالي قصب مورد يبلغ 928.01 ألف طن ونظرًا لعدم اعتماد المصانع بشكل كبير على السكر المستخرج من القصب سيؤدي انخفاض زراعته إلى نقص في إمدادات السكر في السوق المصري مما يؤدي إلى زيادة الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك ورفع أسعار السكر في السوق.

2- تراجع زراعة القصب في مصر يتسبب في انخفاض حجم الصناعات المتكاملة للقصب وهي الصناعات التي تعتمد على منتجات زراعة القصب كالمولاس والباجاس فهذه المنتجات تلعب دورًا أساسيًا في صناعات مثل الورق والخشب والأعلاف للماشية ومع تراجع كمية القصب المنتجة يتوقع تأثير سلبي كبير على هذه الصناعات مما يعززمن الضغوط الاقتصادية علي الاقتصاد المصري.

3- تأثير تراجع زراعة قصب السكر في مصر على البُعد الاجتماعي يظهر بوضوح حيث يتوقع ارتفاع نسب الفقر في مناطق الصعيد اعتماد الاقتصاد المحلي على زراعة القصب فحوالي 200 ألف أسرة تعتمد بشكل رئيسي على زراعة القصب وبتزايد عدد السكان من المتوقع أن يزيد عدد الأسر التي تتأثر بتراجع زراعة القصبويرتبط هذا التراجع أيضًا بزيادة نسبة الإعالة في المنطقة حيث يُتوقع تسريح عدد كبير من العمالة نتيجة لتوقف مصانع قصب السكر عن التشغيل.

4- تأثير تراجع زراعة قصب السكر في مصر على البعد المؤسسي ففي مرحلة زراعة المحاصيل السكرية سيتأثر المزارعون بشكل كبير ، وكما ستتأثر التي تعمل على توريد الأسمدة وتوزيع بذور القصب، وكما ستتأثر وزارة الري والموارد المائية في كمية مياه الري التي تُخصص للمزارعين في الزراعة، وسيُطال التأثير اللجنة الوزارية التي تُحدد سعر توريد المحاصيل السكرية ( السكر والبنجر) وفي مرحلة الإنتاج والتصنيع ستتأثر الشركة القابضة للصناعات الغذائية وما يرتبط بها من شركات فرعية أخرى، فضلاً عن تضرر القطاع الخاص، وفي مرحلة التوزيع والتجارة تتعدد الجهات التي ستضر من هذا التراجع في زراعة قصب السكر، إذ ستُضر وزارة والتجارة الداخلية التي تعمل على شراء السكر التمويني، كما ستُضر المجمعات الاستهلاكية وشركات الجملة التابعة للقطاع الخاص، بالإضافة إلى الضرر الذي سيلحق بوزارة التجارة والصناعة التي تعمل على تنظيم الاستيراد والتصدير ولعل أبرز هذه النماذج وقف خط إنتاج سكر القصب في مصنع أبو قرقاص مما أدى إلى أحداث خسائر في المصنع بقيمة 112 مليون جنيه .

ولفتت الدراسة أن الفرص التي تُحيط بزراعة قصب السكر تتعدد من نواحي عدة كما تتعدد التحديات التي تواجه هذه الزراعة فبالنسبة للفرص تتمثل في الصناعات التي يدخل فيها والتي تمثل أهمية استراتيجية داخل الاقتصاد المصري فمنها إنتاج المولاس (دبس السكر) وهو ما يدخل في صناعة العديد من المنتجات مثل الطعام للماشية، وفي تصنيع المنتجات الحيوانية والكحول والعديد من الصناعات الأخرى، وإنتاج طينة المرشحات والتي تستخدم في صناعات مثل الأسمدة العضوية وصناعة الإسمنت والشمع ، و إنتاج مصاصة القصب (الباجاس) تُستخدم في صناعات متنوعة مثل صناعة الخشب الحبيبي واللب والورق والمبيدات الحشرية.

وبالنسبة للتحديات التي تواجه زراعة قصب السكر 1/ المتمثلة فى ارتفاع كمية المياه المطلوبة: فزراعة قصب السكر تتطلب كميات كبيرة من المياه، ومع ارتفاع معدلات البخر في بعض المناطق، يمكن أن يكون ذلك تحديًا خاصًا مع توقعات انخفاض موارد المياه في المستقبل.

2/ ارتفاع التكاليف: تكلفة خدمة الإنتاج تزيد التحدي، حيث يواجه المزارعون ارتفاعًا في أسعار العمالة والأسمدة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تقليل جاذبية زراعة قصب السكر.

3/ المنافسة مع المحاصيل الأخرى: التنافس مع محاصيل أخرى يمكن أن يؤثر على اختيار المزارعين، حيث قد يتحولوا إلى زراعة محاصيل أكثر ربحية.

وفي السياق ذاته أكدت الدراسة البحثية أن الوضع الحالي لأزمة السكر في مصر يتطلب مجموعة من التوصيات اللازمة لحلها منها زيادة دور البنك الزراعي المصري ، و تسعير القصب وفق ألية سعرية تُراعي تكاليف إنتاجه على المزارع واسعار المحاصيل المُنافسة، و التكاليف عن كاهل المزارع المصري من خلال تقديم دعم كامل على الأسمدة والتقاوي التي يشتريها المزارعين وتسهيل اجراءات التوريد على الفلاح وبالإضافة إلى ذلك لابد من التوسع في نظم الميكنة في الحصاد ، و التوسع في نظام الزراعة بالشتلات ، وتعظيم الاستفادة من منتجات قصب السكر ، و استحداث أساليب تكنولوجية ، و استخدام الري الذكي ، واستخدام الطاقة الشمسية في الزراعة الحديثة ، وتحميل القصب.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الطريق ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الطريق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا