اقتصاد / صحيفة الخليج

أثر رسوم ترامب في النمو الاقتصادي العالمي

د. رامي كمال النسور *
منذ توليه رئاسة أمريكا نفذ الرئيس ترامب وعوده وقام في الثاني من إبريل/نيسان بفرض رسوم جمركية لم تسلم منها دولة في العالم بما فيها جزيرة لا تعيش فيها إلا البطاريق. وشكّل هذه الرسوم الجمركية نقطة تحول مهمة في ديناميكيات التجارة العالمية، توّجت باندلاع حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين. وقد رُوّج لسياسات ترامب الجمركية تحت شعار «أمريكا أولاً»، بهدف حماية الصناعات المحلية، وخفض العجز التجاري، ومواجهة ما اعتُبر ممارسات تجارية غير عادلة من قِبل المنافسين العالميين، وخاصة . إلا أن هذه الإجراءات الحمائية أحدثت عواقب واسعة النطاق امتدت آثارها إلى الاقتصاد العالمي. فرأينا كيف بادرت الصين للرد عليه برفع الرسوم الجمركية على البضائع الأمريكية.
والآن يبدو أن ترامب مع إدارته أظهر مزيداً من الليونة في التعاملات الدولية، مع العلم أن القرارات القادمة قد تلطف أجواء التجارة العالمية وتهدئ من روع الأسواق وتخفض من مستوى اللايقين في عالم الاقتصاد والمال والأعمال.
وهنا تظهر جلياً نقطة مهمة وهي أن بوادر ركود اقتصادي عالمي قد تظهر في الأفق، ولربما سيكون أول من يذوق طعمه هي الولايات المتحدة الأمريكية.
فقد كان من أبرز الآثار المباشرة للرسوم الجمركية تعطل سلاسل التوريد العالمية المعقدة. فقد أدت الرسوم الجمركية الأمريكية على الصلب والألمنيوم ومجموعة واسعة من السلع الصينية إلى فرض رسوم جمركية انتقامية من قِبل الشركاء التجاريين. وقد أدى هذا التصعيد المتبادل إلى زيادة تكاليف الشركات المصنعة التي تعتمد على المكونات والمواد الخام المستوردة.
واضطرت الشركات إلى إعادة النظر في استراتيجيات التوريد والإنتاج، مما أدى في كثير من الأحيان إلى زيادة تكاليف التشغيل وانخفاض الربحية. على سبيل المثال، شهد المزارعون الأمريكيون، الذين وقعوا ضحايا غير مقصودة للرسوم الجمركية الصينية الانتقامية، انخفاضاً حاداً في صادراتهم إلى الصين. ونتيجةً لذلك، اضطرت الحكومة الأمريكية إلى تقديم مليارات الدولارات كدعم لتخفيف الخسائر، واستيعاب تكاليف الحرب التجارية.
ثم جاء ما هو أكثر ضرراً من الرسوم الجمركية نفسها، وهو حالة عدم اليقين التي أدخلتها في الأسواق العالمية، حيث أجّلت الشركات قرارات الاستثمار نظراً لطبيعة السياسة التجارية الأمريكية غير المتوقعة. تباطأ الاستثمار الأجنبي المباشر في الولايات المتحدة، وشهدت أسواق الأسهم العالمية تقلبات دورية حادة شهدناها مراراً مؤخراً استجابةً لإعلانات الرسوم الجمركية والمفاوضات. ورأينا أيضاً قفزات حادة في سعر الذهب الذي يكون اللجوء إليه دائماً بالدرجة الأولى مؤشراً واضحاً صريحاً على عدم الثقة بالاقتصاد العالمي.
واضطرت الشركات المتعددة الجنسيات إلى إعادة صياغة استراتيجيات الاستثمار والتوريد، مما أدى إلى تحويل الانتباه والموارد عن الابتكار والنمو. أما الاقتصادات الناشئة، وخاصة تلك المندمجة في شبكات التصنيع والتوريد في الصين والولايات المتحدة، فقد صارت عرضة للخطر بشكل خاص. وتأثرت دول جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا بالعواقب غير المباشرة لانخفاض أحجام التجارة العالمية.في حين أن الرسوم الجمركية في وضعها الحالي قبل تراجع أو تعديل الإدارة الأمريكية عليها تسبّبت في اضطرابات قصيرة الأجل، إلا أنها أيضاً ستؤدي إلى تحولات طويلة الأجل.
* مستشار الأسواق المالية والاستدامة

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا