اقتصاد / مرصد الشرق الأوسط و شمال أفريقيا

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل سوق العمل العالمي ويثير سباقاً محموماً على المواهب

مرصد مينا

في عصر تتسارع فيه الابتكارات التقنية وتتغير ملامح الاقتصاد العالمي بسرعة، بات الذكاء الاصطناعي القوة الدافعة الأبرز التي تعيد رسم قواعد العمل والتوظيف والابتكار.

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقنية، بل تحول إلى عامل أساسي يؤثر في قطاعات المال والأعمال بشكل عميق، ما أدى إلى تغييرات جذرية في سوق العمل العالمي.

منذ إطلاق “تشات جي بي تي” في أواخر عام 2022، شهد العالم ما يشبه “هزة سوقية” دفعت الشركات التكنولوجية الكبرى إلى الدخول في منافسة شرسة لاستقطاب أفضل خبراء الذكاء الاصطناعي.

هذا التنافس أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في رواتب المتخصصين في هذا المجال، إذ بلغ متوسط رواتب كبار المهندسين بين 3 و7 ملايين دولار سنوياً، مع قد تتجاوز 10 ملايين دولار.

أما الباحثون في شركات التكنولوجيا الكبرى، فيحصلون على رواتب تراوح بين 500 ألف ومليوني دولار، مع زيادة ملحوظة بنسبة 50% على الأقل منذ بداية ثورة الذكاء التوليدي في 2022.

تجسد المنافسة على المواهب ذروتها في عروض مالية مذهلة، حيث قدمت شركة “ميتا” عرضاً بقيمة 100 مليون دولار لأحد كبار مهندسي “أوبن إيه آي”، وعرضت 200 مليون دولار لمهندس سابق في “آبل”.

هذه الأرقام ليست استثناءات، بل تعكس حجم الرهانات التي تضخها الشركات في تأمين مستقبلها التكنولوجي.

وفي ظل فقدان بعض الكوادر لصالح المنافسين، بدأت “أوبن إيه آي” في تطوير حوافز جديدة، بينما تمنح العديد من الشركات علاوات سنوية تزيد عن 200 ألف دولار للمختصين ذوي الخبرة.

ويرى هاني نوفل، الرئيس الإقليمي للتكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى NTT DATA، أن هذه الطفرة في الرواتب تعكس قانون العرض والطلب والعائد الاستثماري المرتفع. فالقيمة السوقية للشركات لم تعد تقاس بعدد منتجاتها، بل بسرعة ابتكارها والتقنيات التي تطورها.

ويقول نوفل إن الخبراء قادرون على رفع قيمة الشركات بمليارات الدولارات، وهو ما يدفع الشركات الكبرى للاستثمار بلا حدود في استقطاب العقول النادرة.

وحالياً، تشهد السوق تركيزاً كبيراً للمواهب في الشركات الكبرى التي لا تكتفي برفع الرواتب، بل تسعى أيضاً للاستحواذ على الشركات الناشئة الواعدة وفرقها البحثية، فقد تم ضخ نحو 170 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام فقط لتمويل شركات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، حتى قبل أن تطلق أي منتج فعلي.

واحدة من أبرز التحولات في المشهد التكنولوجي هي هجرة الكفاءات من القطاع الأكاديمي إلى القطاع الخاص، حيث يفضل حاملوا شهادات الدكتوراه في علوم الحوسبة والذكاء الاصطناعي العمل في الشركات نظراً للمردود المالي والفرص الابتكارية المتاحة، مما قد يسبب فجوة في البحث الأكاديمي المستقل. ويشدد نوفل على ضرورة تفعيل شراكات فعالة بين الجامعات والشركات لتجنب هذا الخلل.

ولم يعد سوق العمل في مجال الذكاء الاصطناعي محصوراً في المهندسين والمبرمجين فقط، بل ظهرت تخصصات جديدة مثل متخصصي أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وخبراء تجربة الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى المتخصصين في دمج هذه التكنولوجيا في قطاعات تقليدية كالقطاع الصحي والمصرفي والأمني.

ويزداد الطلب على الكفاءات ذات الخلفيات المزدوجة التقنية والقطاعية، مما يستوجب تحديث مناهج التعليم وبرامج التدريب لتلبية هذه المتطلبات.

أما في المنطقة العربية، ورغم الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية والتكنولوجيا، فلا تزال الاعتماد الأكبر على استيراد الكفاءات من الخارج.

ويؤكد نوفل أن التعاون بين القطاعين العام والخاص والجامعات هو مفتاح بناء قاعدة محلية قادرة على المنافسة.

وفي هذا السياق، بدأت شركات عالمية كبرى بفتح مراكز إقليمية في الخليج، مع نية إقامة شراكات استراتيجية مع الحكومات والمؤسسات الأكاديمية، ما قد يهيئ المنطقة لتصبح قطباً تكنولوجياً عالمياً مستقبلاً.

وفي ظل هذا التطور المتسارع، لم تعد دراسة الذكاء الاصطناعي مجرد خيار علمي، بل أصبحت ضرورة اقتصادية واستراتيجية، حيث تشكل هذه التكنولوجيا أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الجديد المبني على البيانات والخوارزميات.

وبينما تسعى الشركات جاهدة للحفاظ على ريادتها، يبقى التحدي الأكبر للدول والمؤسسات هو إعداد جيل قادر على المشاركة الفاعلة في هذه الثورة التقنية، لا فقط كمستهلكين بل كشركاء ومبدعين.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مرصد الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مرصد الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا