اقتصاد / صحيفة الخليج

طروادة.. قراءة جديدة

«لايف تكنولوجي»

خلف الستار الأسطوري لملحمتي «الإلياذة» و«الأوديسة»، حيث تتعالى أصوات الأبطال، تُروى حكاية أخرى لطروادة، أكثر واقعية وأقل صخباً، تتجلى في تفاصيل الحياة اليومية لسكانها. فقد كشفت الحفريات الأثرية الحديثة بموقع طروادة القديمة، الواقع في تركيا الحديثة، عن معلومات غنية تُلقي الضوء على المدينة بوصفها مجتمعاً نابضاً بالحياة، لا مجرد ساحة حرب أسطورية.
ولطالما كانت طروادة محوراً للخيال الأدبي والتاريخي، لكن الواقع الذي أزاحت عنه الأبحاث الأثرية الستار يفوق في عمقه وتعقيده ما صورته الملاحم. فبدلاً من التركيز على المعارك والحصارات، أظهرت الاكتشافات الأثرية خصوصاً من خلال ما خلفه السكان من نفايات مشاهد ملموسة من الحياة اليومية، تسرد لنا فصولاً من تاريخ غير مدون.
في حُفر النفايات القديمة، عثر علماء الآثار على بقايا طعام، كالحبوب والفواكه والخضراوات، إضافة إلى عظام الحيوانات وبقايا النباتات، ما مكنهم من إعادة رسم صورة دقيقة للنظام الغذائي، والممارسات الزراعية، والأنشطة الاقتصادية في طروادة. هذه الأدلة تقدم فهماً أعمق لكيفية تفاعل السكان مع بيئتهم، وكيف بنوا اقتصادهم وتبادلوا السلع مع مناطق أخرى.
كما أظهرت دراسات توزيع القطع الأثرية في الموقع مؤشرات واضحة على التنظيم الاجتماعي وتقسيم العمل داخل المدينة، إذ كشفت عن مناطق متخصصة في الإنتاج الحرفي والتجاري. وجود سلع مستوردة مثل فخار مميز ومجوهرات أشار إلى انخراط طروادة في شبكات تجارية واسعة النطاق، وربطها بحضارات بعيدة، ما يعكس سوقاً نابضاً واقتصاداً متقدماً.
إلى جانب ذلك، أظهرت الأدلة البيئية المُستخرجة من الموقع تغيرات في الغطاء النباتي عبر الزمن، ما يدل على التنوع البيولوجي والتغيرات المناخية التي أثرت في طروادة وسكانها. ومكنت دراسة طبقات التربة والرواسب الباحثين من تتبع التحولات البيئية الناتجة عن النشاط البشري، وإعادة بناء الظروف المناخية في العصور القديمة.
كل هذه المعطيات، المستقاة من بقايا تبدو لأول وهلة غير ذات قيمة، أسهمت في إعادة تشكيل الصورة الحقيقية لطروادة. إنها مدينة لم تكن مجرد رمز في الأساطير، بل مجتمع معقد وفعال، عاش أفراده تفاصيل يومية مملوءة بالحياة والعمل والتجارة، بعيداً عن أصداء المعارك الخيالية.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا