قال الخبير الاقتصادي ورئيس كلية كوينز بجامعة كامبريدج، محمد العريان، إن على الاقتصاد العالمي، الذي يعاني بالفعل صدمات جيوسياسية وآفاق ابتكارات تكنولوجية تحويلية، أن يتحمل قدراً كبيراً من التقلبات السياسية الحادة وغير المعتادة التي جلبتها أقوى دولة في العالم، ليس فقط للسندات والأسهم، بل أيضاً للمتنبئين الاقتصاديين وصانعي السياسات.

وعلى مستوى أعمق، أضاف العريان، بأن هذه الاضطرابات أثارت تساؤلات حول السرديات المُجمع عليها حول الولايات المتحدة. فقد تلاشت الافتراضات الراسخة التي تُشكل أساس خيارات الأسر والشركات والمستثمرين، وتراجعت معها مقاييس ثقة المستهلك والمنتج. ناهيك عن ارتفاع توقعات التضخم إلى مستويات لم تشهدها الولايات المتحدة منذ عام 1981.

صعوبة التنبؤ

ووسط هذا الغموض، يواجه المتنبئون صعوبة في استشراف مصير الاقتصاد الأمريكي. وبخصوص ذلك، فنّد العريان رؤيتين رئيسيتين تُكمّلان مجموعةً من التوقعات الفردية المتفرقة وغير المستقرة. في السيناريو الأول، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن الولايات المتحدة تسير في رحلةٍ وعرة ستُتوّج بإعادة هيكلة اقتصادية تُشبه تلك التي جرت في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، حيث ستخرج منها بديونٍ أقل وقطاعٍ خاصٍّ أكثر كفاءة، وستُمارس أعمالها في نظامٍ دوليٍّ أكثر عدالة.

وفي السيناريو الثاني، توقّع انزلاق البلاد ببطءٍ إلى حالة ركودٍ تضخمي، وكما حدث في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، قد ينتهي بها الأمر إلى ركودٍ عميق، ربما مع عدم استقرارٍ ماليٍّ واضح.

وحذّر العريان من أنه إذا انزلقت الولايات المتحدة إلى حالة ركود تضخمي، فإن أجزاء أخرى من العالم معرضة لخطر الوقوع في المأزق نفسه. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كان الاقتصاد والنظام المالي الأمريكي في قلب الأسواق العالمية، كما تتمتع واشنطن بنفوذ كبير في المؤسسات متعددة الأطراف.

وتابع: «لطالما كانت الولايات المتحدة المحرك الوحيد الموثوق للنمو الاقتصادي العالمي، وهي متقدمة في تطوير وتبني معظم الابتكارات المعززة للإنتاجية، مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم الحياة والروبوتات. وقد استعان الكثير من المستثمرين الأجانب بمصادر خارجية لإدارة مدخراتهم وثرواتهم في الأسواق المالية الأمريكية، بفضل سيولتها الكبيرة وبنيتها التحتية القوية».