د. رامي كمال النسور *
ارتفعت أسعار الفضة، يوم الجمعة الماضي فوق 38 دولاراً للأونصة، لتصل إلى أعلى مستوى لها في أكثر من 13 عاماً، حيث أدى تصاعد التوترات التجارية العالمية إلى زيادة الطلب على أصول الملاذ الآمن. وجاء الارتفاع بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تعريفة جمركية بنسبة 35% على الواردات الكندية اعتباراً من 1 أغسطس/ آب، وأشار إلى خطط لتعريفات جمركية شاملة تتراوح بين 15 و20% على معظم الشركاء التجاريين الآخرين.
وشهدت أسعار الفضة ارتفاعاً ملحوظاً في عام 2025، بلغت نسبته حتى يوم الجمعة الماضي 24%، مدفوعةً بمزيج من الطلب الصناعي، واهتمام المستثمرين، وديناميكيات العرض المحدودة. وبينما يراقب المستثمرون والقطاعات الصناعية عن كثب تحركات الفضة، يبقى السؤال: هل ستستمر أسعار الفضة في الارتفاع طوال عام 2025؟
وللإجابة عن هذا السؤال، يجب أن نتطرق أولاً إلى العوامل الدافعة وراء ارتفاع الفضة، وأول هذه العوامل الدافعة هو توسع الطلب الصناعي، فالفضة ليست مجرد معدن ثمين، بل هي سلعة صناعية أساسية، لاسيما في تصنيع الألواح الشمسية، ومع تزايد الطلب على الطاقة الكهروضوئية، بالتزامن مع التوسع العالمي في الطاقة المتجددة والإلكترونيات والمركبات الكهربائية، تُعدّ خصائص الفضة الموصلة لا غنى عنها. وأخيراً الهيدروجين الأخضر وتقنيات الجيل الخامس، مما يُوسّع نطاق تطبيقاتها الصناعية.
ومع تسارع وتيرة إنشاء محطات الطاقة النظيفة وإنتاج السيارات الكهربائية في الصين وأوروبا، من المتوقع أن ينمو الطلب الصناعي على الفضة بنسبة 8-10% في عام 2025.
ومع المخاوف بشأن ارتفاع مستويات الديون، والتوترات الجيوسياسية، والتباطؤ المحتمل في النمو العالمي، تحتفظ الفضة بجاذبيتها كوسيلة للتحوط من حالة عدم اليقين، لاسيما للمستثمرين الذين يبحثون عن بديل أكثر تكلفة من الذهب.
وإضافة إلى كل ذلك، نجد أن نمو إنتاج الفضة لا يزال محدوداً، مع قلة مشاريع التعدين الجديدة واسعة النطاق، التي ستدخل الخدمة في عام 2025. إضافة إلى ذلك، أدى عدم الاستقرار السياسي في دول التعدين الرئيسية (مثل بيرو والمكسيك) واللوائح البيئية الأكثر صرامة إلى تقييد نمو العرض، ما خلق بيئة مواتية لدعم الأسعار.
بعد عام 2025، لا تزال آفاق الفضة مدعومة بالتحول الأخضر، لاسيما إذا استمرت الأهداف العالمية للطاقة الشمسية، واعتماد المركبات الكهربائية في التوسع. مع نمو محدود في العرض وتزايد الطلب من التقنيات الناشئة، تشير الأساسيات إلى أن دور الفضة سيتعزز في الاقتصاد العالمي، ما قد يدعم الأسعار على المدى الطويل.
وكنت في وقت سابق، كتبت مقالاً في هذه الجريدة الغراء بتاريخ 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 خلصت فيه إلى أنه «قد تكون الفضة واحدة من الفرص الاستثمارية السانحة في الأشهر القادمة»، و«ينبغي على المستثمرين أن يراقبوا من كثب حركة السوق وتطورات الطلب والعرض على الفضة، لاتخاذ القرار المناسب».
وتشير بعض التوقعات إلى أن متوسط أسعار الفضة، سيصل إلى 40 دولاراً للأونصة، في أواخر عام 2025، مع احتمال ارتفاعها إذا أدت الأحداث الجيوسياسية إلى هروب المستثمرين إلى أسواق الملاذ الآمن. وأزعم أنا كاتب المقال، أنها ستكون بحدود ال 60 دولاراً، نهاية 2025، طبعاً مع ثبات العوامل الأخرى.
وأعيد وأؤكد على ما قد ذكرته سابقاً من أن الفضة ما زالت فرصة متاحة للاستثمار، ففي حين أن التقلبات متأصلة في أسواق السلع الأساسية، فإن محركات الطلب الهيكلية وقيود العرض، توفر أساساً قوياً لأسعار الفضة لتظل مرتفعة، حتى نهاية عام، وربما بعد ذلك 2025. مع ذلك، ينبغي على المستثمرين الانتباه إلى تطورات الاقتصاد الكلي، وسياسات أسعار الفائدة، والتوترات الجيوسياسية، التي قد تُحدث تقلبات قصيرة الأجل.
أي وباختصار، من المرجح أن تواصل الفضة مسارها التصاعدي في عام 2025، لكن وتيرة هذا الارتفاع واستدامته، ستعتمد على تفاعل دقيق بين نمو الطلب الصناعي، وتحولات السياسة النقدية، وقيود العرض.
* مستشار في الأسواق المالية والاستدامة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.