«ريسيرش جيت»

في عالم اليوم، أصبح مصطلح «الاستدامة» منتشراً بشكل كبير، نراه يتصدر عناوين المنتجات في المتاجر الكبرى ويؤثر في قرارات الاستثمار. ووراء هذا الظهور البرّاق، تكمن تعقيدات كثيرة قد تُخفي حقيقة ما إذا كانت هذه المنتجات أو الاستثمارات مستدامة بالفعل.
المنتجات التي تُسوق على أنها «مستدامة»، تُعطي المستهلك انطباعاً بأنه يُسهم في حماية البيئة والمجتمع عند شرائها، إلا أن الواقع غالباً ما يكون أكثر تعقيداً؛ فعملية إنتاج هذه السلع تبدأ قبل أن تصل إلى الرفوف، وتشمل مراحل تتطلب كميات كبيرة من الموارد الطبيعية، وربما ترتبط بتكاليف بشرية وبيئية عالية، خصوصاً في مراحل استخراج المواد الخام أو التصنيع.
ومثال على ذلك الهاتف الذكي، فرغم أنه قد يُعرض بملصق «صديق للبيئة»، فإن المعادن المستخدمة في تصنيعه قد تكون مستخرجة من أماكن تُستخدم فيها ممارسات غير جيدة، مثل العمل القسري أو تدمير البيئات الطبيعية. وهكذا، لا يُمكن تقييم استدامة المنتج فقط من خلال شكله النهائي، بل يجب النظر إلى كامل سلسلة الإنتاج.
والاستثمار «الأخضر» أيضاً ليس بمنأى عن التساؤلات؛ فالمحافظ الاستثمارية التي تُعلن دعمها لمشاريع الطاقة المتجددة قد تبدو صديقة للبيئة، لكن فاعليتها تعتمد على كيفية توجيه هذه الاستثمارات. هل تُوجه الأموال نحو مجتمعات تحتاج حقاً إلى بنية تحتية للطاقة النظيفة، أم تُستخدم لتعزيز مشاريع قائمة بالفعل دون فائدة حقيقية جديدة؟
تقييم مدى الاستدامة يواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل تعقيد سلاسل الإمداد العالمية، ووجود فجوات في الشفافية، وممارسات تُضلل المستهلكين والمستثمرين. لذلك، من الضروري اعتماد نهج شمولي يأخذ في الحسبان الأثر الكامل للمنتج أو الاستثمار على البيئة والمجتمع.
من جهة أخرى، هناك فرص حقيقية لتعزيز الاستدامة من خلال قرارات المستهلكين، والسياسات الحكومية، والاستثمار المسؤول. يمكن للنساء والقيادات المجتمعية أن تلعب دوراً محورياً في توجيه ممارسات أكثر عدالة واستدامة. كما أن السياسات التي تدعم الشفافية في سلاسل التوريد، وتشجع على التوريد الزراعي المستدام، وتستثمر في المناطق المهمشة يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً.