د. علي توفيق الصادق*
شاركت في أعمال ندوة «آفاق صناعة النفط العالمية»، دعا إليها الشيخ ناصر محمد الأحمد الجابر الصباح، وكيل وزارة الإعلام الكويتية، عقدت في جامعة دورهام البريطانية، في الفترة 9 -10 مايو/ أيار 1984. شاركت في الندوة نخبة من المهتمين بشؤون الطاقة والغاز والاقتصاد.
كانت مساهمتي في أعمال الندوة ببحث بعنوان «المحاسبة الوطنية ووهم دخل صادرات النفط: حالة دول مجلس التعاون»، الموضوع مهم وجدير بأن يدرس من جوانبه المختلفة وينتهي بإطار جديد لإعداد الحسابات القومية وإعادة النظر في التشوهات في إعداد الحسابات القومية. هذه التشوهات ناجمة عن الخلط بين مفهومي الثروة والدخل. تتكون الثروة الوطنية من الثروة البشرية وغير البشرية (غير الإنسانية). والثروة غير البشرية مكونة من أصول حقيقية محلية وأصول مالية أجنبية.
النفط والغاز من مكونات الثروة
إنتاج النفط وتصديره لا يغيره إلى دخل، بل يغيره إلى نوع آخر من الثروة، مكون من عملات أجنبية (السؤال هو: كم هو مقدار الدخل من إنتاج النفط وتصديره؟). نذكر أن مكونات الثروة الوطنية، هي ثروة محلية وثروة في الخارج مكونة من أصول مالية ومادية. الإطار الحالي للحسابات الوطنية لا يفرق بين الثروة والدخل، الأمر الذي يشوه الحسابات الوطنية. تحديداً هناك بعض التشوهات:
1. المبالغة في حجم الدخل الوطني بسبب إضافة جزء من الثروة الوطنية إلى الدخل (الناتج المحلي الإجمالي).
2.المبالغة في المدخرات الوطنية، بسبب المبالغة في الدخل.
3. تشويه الحسابات الجارية في ميزان المدفوعات.
4. تشويه الاستيعاب المحلي (المكون من الاستهلاك والاستثمار).
5. المبالغة في تراكم الثروة الوطنية.
6.تقليل مبالغ المساعدات الخارجية كنسبة مئوية.
7. تشويه في مساهمات القطاعات في الدخل الوطني.
دخل اقتصاد بلد ما، على أساس إطار الحسابات القومية التقليدي، يحسب كالتالي: الدخل يساوي الاستهلاك زائد الاستثمار والصادرات ناقص الواردات. والدخل يساوي الاستهلاك والادخار. الإطار لإعداد الحسابات القومية لا يفرق بين مكونات الصادرات، أي بين المصادر الناضبة وغير الناضبة. النفط سلعة ناضبة وهي من مكونات الثروة الوطنية. يعود السبب إلى أن الإطار لإعداد الحسابات الوطنية وضعته نخبة من الاقتصاديين الغربيين والإحصائيين، الذين كانوا يبحثون احتياجات الاقتصادات الغربية.
يتكون الدخل، حسب الإطار التقليدي من الاستهلاك زائداً الاستثمار والصادرات ناقصاً الواردات. نذكر أن الدخل أيضاً يساوي الاستهلاك والادخار، والفرق بين الادخار والاستثمار يعادل الصادرات ناقصاً الواردات. نذكر أن الإطار الحالي لا يفرق بين مكونات الصادرات، الناضبة وغير الناضبة. ننظر في مضمون ميزان التوازن المحلي، الذي يساوي الفرق بين الدخل والاستيعاب المحلي (الدخل ناقص الاستيعاب المحلي)، يعادل الاستهلاك والاستثمار.
ننظر في ثلاث حالات يمكن أن تتحقق، حالة واحدة فقط في ظل الإطار التقليدي لحساب الدخل الوطني.
الحالة الأولى: الدخل الوطني أكبر من الاستيعاب المحلي، وهذا يعني أن الاقتصاد الوطني يحقق فائضاً في الحساب الجاري.
الحالة الثانية: الاستيعاب المحلي أكبر من الدخل الوطني، وهذا يشي إلى عجز في الحساب الجاري.
الحالة الثالثة: الدخل الوطني يساوي الاستيعاب المحلي، أي أن الحساب الجاري في ميزان المدفوعات متوازن.
كل حالة من الحالات الثلاث متأثرة بالإطار التقليدي لحساب الدخل الوطني. التشوهات التي ذكرناها وغيرها يمكن معالجتها، بحيث لا نخلط الثروة بالدخل والدخل بالثروة.
الذي عرضته في الندوة منشور في كتاب:
“Prospects for the World Oil Industry” edited b y Tim Niblock & Richard Lawless.
* مستشار اقتصادي
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.