- يلمس الأمريكيون هذا الشعور في صميم حياتهم اليومية، حتى وإن تجرأ قلة من المسؤولين على النطق به علانية: لقد بات حلم امتلاك منزل بعيدًا عن متناول معظم الأسر، وخاصة من هم دون 65 عامًا.
- تتحدث العناوين الرئيسية عن "اقتصاد قوي"، ولكن على أرض الواقع، يُحرم ملايين الأشخاص من دخول سوق الإسكان بسبب مزيج سام من التضخم المرتفع، وأسعار الفائدة المتصاعدة، والركود في الأجور.
- هذه ليست مجرد نكسة مؤقتة، بل هي عرض لمرض أعمق، وتفكك منهجي يُطلق عليه المستثمر الأسطوري راي داليو ، مؤسس ومدير شركة بريدج ووتر للاستثمارات والتحوط اسم "دورة الديون الكبرى".
- يقرع داليو جرس الإنذار في كتابه الجديد، "كيف تُفلس الأمم"، بأن ما نعيشه اليوم ليس هزة عابرة، بل هو المرحلة الأخيرة من دورة اقتصادية طالما أسقطت أممًا عظمى من قبل. والأسوأ من ذلك، أن القادم قد يكون أشد قتامة.
الواقع المر: أرقام تكشف عن موت الحلم
- الأرقام لا تكذب، وهي ترسم صورة قاتمة لمستقبل الحلم الأمريكي؛ ففي عام 2025، لا تستطيع سوى 25% فقط من الأسر الأمريكية تحمل تكلفة شراء منزل جديد متوسط السعر.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- وتنخفض هذه النسبة بشكل أكبر لمن هم دون سن الـ 65، حيث تتلقى الأجيال الشابة الضربة الأقسى من ارتفاع الأسعار والفائدة.
- حتى المنازل ذات الأسعار الأقل بكثير من المتوسط تظل بعيدة المنال عن أكثر من نصف السكان.
- هذه هي الحقيقة التي يتجنبها السياسيون ووسائل الإعلام، مكتفين بتقديم وعود فضفاضة وحلول مؤقتة، بينما يستشري المرض الحقيقي المدفوع بالديون في جسد الاقتصاد.
- وهنا، يطرح داليو أسئلة مصيرية: لماذا يغفل الأمريكيون عن أزمة الديون التي تلوح في الأفق منذ التسعينيات؟ وكيف ستزداد هذه الأزمة سوءًا في ظل غياب الوعي العام؟ وما الحقائق التي يخفيها الساسة عن المستقبل المالي لأمريكا؟
تشخيص الأزمة: كيف تعمل آلة الديون العملاقة؟
- يكشف تحليل داليو عن الآلية الخفية التي تدير هذا الانهيار: مع تضخم ديون الحكومة إلى مستويات فلكية، تضطر البنوك المركزية إلى طباعة المزيد من النقود لتغطية العجز.
- تؤجج هذه السياسة نيران التضخم، وتخلق حلقة جهنمية مفرغة: فكلما رُفعت أسعار الفائدة لكبح التضخم، أصبحت قروض الإسكان أكثر تكلفة على المواطنين، وفي الوقت نفسه، يتآكل الدولار وتتبخر معه مدخراتهم.
- إنها ليست مجرد قضية اقتصادية، بل وصفة مجربة للاضطرابات الاجتماعية والتغييرات السياسية الجذرية.
نذير العاصفة: لماذا لم نرَ الأسوأ بعد؟
- تُظهر أبحاث داليو أن الولايات المتحدة في المراحل المتأخرة من "دورة الديون الكبرى"، وهي مرحلة تتسم بديون لا يمكن تحملها، وتدهور في مستويات المعيشة، وتبخر بطيء للطبقة الوسطى.
- علامات الإنذار واضحة كالشمس: تراجع صارخ في ملكية المنازل، وارتفاع جنوني في الإيجارات، وشعور متزايد باليأس يخيم على الأجيال الشابة.
- اللحظة الأكثر خطورة لم تأتِ بعد. فعندما تصل الحكومة إلى مرحلة تقترض فيها المال لمجرد دفع فوائد ديونها المتراكمة، وعندما يتضاءل الطلب العالمي على شراء الديون الأمريكية، لن يتبقى سوى خيار واحد:
تشغيل مطابع النقود بلا توقف، مما يفتح أبواب الجحيم على مصراعيها أمام تضخم مفرط وانهيار في قيمة العملة.
- هذا ليس سرًا، فالأمريكيون يشعرون بذلك في رواتبهم، وفواتير البقالة، وعجزهم عن شراء منزل. لكن نادرًا ما تتم مناقشته بصراحة ممن هم في السلطة، ربما لأن الحلول تتطلب خيارات صعبة ومحاسبة على عقود من سوء الإدارة المالية.
جرس الإنذار الأخير: هل من شجاعة لمواجهة الحقيقة؟
- خلاصة القول: الحلم الأمريكي لم يمت بعد، ولكنه على أجهزة الإنعاش، وصمت القادة في واشنطن يصم الآذان.
- إن كتاب راي داليو ليس مجرد مراجعة اقتصادية، بل هو صرخة تحذير أخيرة، وما لم تواجه الإدارة الأمريكية حقيقة "دورة الديون الكبرى" وتتخذ إجراءات جريئة الآن، فإن امتلاك منزل سيصبح أثرًا من الماضي لمعظم الأمريكيين.
- انتهى وقت الإنكار والتجاهل، والسؤال الوحيد المتبقي الآن هو: هل يملك المجتمع الأمريكي الشجاعة لمواجهة الحقيقة، وتجاوز الانقسامات الحزبية، وفرض تغيير حقيقي قبل أن يتحول الحلم إلى كابوس لا فكاك منه؟ فالوقت لم يعد حليفًا لأحد.
المصدر: ميديام
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.