في تاريخ صناعة السيارات، هناك مقبرة فخمة تضم طموحات عظيمة وأفكارًا سبقت زمانها. إنها مقبرة السيارات الرائعة التي امتلكت كل مقومات النجاح -من التصميم الثوري إلى البراعة الهندسية- لكنها سقطت ضحية للظروف، أو لسوء التوقيت، أو لقرارات كارثية.
هذه ليست مجرد سيارات، بل هي تراجيديات ميكانيكية، أيقونات طواها النسيان وباتت اليوم كنوزًا نادرة يلهث وراءها الخبراء وهواة جمع التحف.
1- سيتروين إس إم: التحفة التي أدت إلى إفلاس صانعها
- في سجل العلامة الفرنسية، تقف سيتروين إس إم كأثرٍ فنيٍ باهر وشاهدٍ على طموحٍ جامح.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- إذ لم تكن مجرد سيارة، بل كانت تحفة تقنية وجمالية ينبض فيها قلب إيطالي أصيل: محرك مازيراتي سداسي الأسطوانات، ويحتضنه هيكل مستقبلي بتوقيع المصمم العبقري روبرت أوبرون.
- لكن هذا الحلم كان له ثمن باهظ؛ فالتكاليف الفلكية للتطوير وضعت سيتروين على حافة الهاوية المالية؛ وجاءت أزمة النفط العالمية في السبعينيات لتكون الضربة القاضية.
- واليوم، بعد أن صُنع منها 12,920 وحدة فقط، أصبحت الإس إم أيقونة نادرة تهمس بصوت خافت عن عظمةٍ لم يُكتب لها البقاء.
2- هادسون هورنت: بطل "ناسكار" الذي تجاهله الجمهور
- عندما انطلقت هادسون هورنت عام 1951؛ كانت وحش حلبات "ناسكار" بلا منازع.
- وبفضل محركها الجبار سداسي الأسطوانات ومركز جاذبيتها المنخفض، حصدت الانتصارات وتربعت على عرش السباقات.
- لكن خارج الحلبة، كانت المعركة من نوع آخر؛ فقد اجتاحت أمريكا حُمّى المحركات ثمانية الأسطوانات الجبارة، وبدا محرك "هورنت"، رغم تفوقه، قطعة أثرية في عيون الجمهور المتعطش للأسطوانات الثماني.
- حاولت الشركة اللحاق بالركب متأخرًا، لكن الأوان قد فات، لتندمج "هادسون" مع "ناش" وتصبح مجرد ذكرى في تاريخ شركة "أمريكان موتورز".
3- تالبوت تاجورا: محاولة أخيرة
- وُلدت "تاجورا" في خضم فوضى الشركات، حيث بدأت كمشروع تحت مظلة "كرايسلر" وانتهت كمنتج ضمن مجموعة "PSA" الفرنسية.
- كانت محاولة أخيرة ويائسة لتقديم سيارة سيدان فارهة تنافس الكبار.
- على الرغم من أنها كانت أكثر حداثة من شقيقتها "بيجو 604" التي استعارت منها الكثير، فإنها فشلت في إغراء العملاء.
- بيع منها 20 ألف وحدة فقط، وكانت تكلفتها الباهظة وفشلها التجاري الذريع هما المسمار الأخير في نعش علامة "تالبوت" التجارية.
4- كورد 810/812: عبقرية سابقة لأوانها
- ثمة سيارات تُصنع في الزمن الخطأ، و"كورد" هي المثال الصارخ على ذلك.
- كانت قطعة فنية من المستقبل هبطت في حقبة الثلاثينيات، بتصميمها الثوري الذي قدم أول مصابيح أمامية قابلة للسحب في التاريخ.
- كما كانت سريعة ومعقدة بشكل مذهل، بنظام دفع أمامي وعلبة تروس شبه أوتوماتيكية، وهي تقنيات أشبه بالخيال العلمي آنذاك.
- لكن هذا التعقيد أخاف الجمهور، وحجمها الصغير نسبيًا لم يقنع محبي السيارات الفاخرة.
- كانت هذه آخر سيارة تصنعها "كورد"، ومعها طُويت صفحة عمالقة آخرين مثل "أوبورن" و"دوسنبرج".
5- إن إس يو آر أو 80: ضحية محركها الثوري
- كما حدثَ مع "كورد"، كانت خطيئةُ "NSU Ro 80" الكبرى أنها أتتْ من المستقبلِ.
- كانت السيارة رائدةً في توظيفِ محرك "فانكل" الدوّارِ، وهو ابتكارٌ تقنيٌّ مذهلٌ.
- بيد أن هذه التقنية لم تكنْ قد بلغت نضجها بعد، فسرعان ما تكشّفت عيوبها الميكانيكيةُ، ومع تزامن ذلك مع أزمة النفطِ، كان استهلاكُها المفرط للوقود بمثابةِ حكمٍ عليها بالفشل الذريع.
- ثم استحوذت عليها مجموعةُ "فولكس فاجن" وضمتْها إلى "أودي" عام 1969، لتظلَّ "Ro 80" شاهدةً على أن الريادةَ وحدَها لا تضمنُ البقاء.
6- ستوديبيكر أفانتي: تحفة فنية في زمن الانهيار
- لعلّ "أفانتي" هي التحفة الأجمل للمصمم الأسطوري ريموند لوي، فبتصميمها الجريء، كانت تختلف عن أي سيارة أخرى عام 1962.
- إذ لم تكن مجرد موديل جميل، بل وحشًا كاسرًا على الطريق، لكن "ستوديبيكر"، العلامة التي تجاوز عمرها القرن، كانت تمر بأزمة مالية خانقة.
- فكان إطلاق سيارة كوبيه حصرية ومكلفة في هذا التوقيت مغامرة انتحارية.
- وقد بيع منها 5,800 وحدة فقط، ليُسدل الستار على واحدة من أعرق الشركات الأمريكية.
7- فولكس فاجن فايتون: عندما تكون العظمة... هي المشكلة
- ماذا يحدث عندما تصنع "سيارة الشعب" سيارة تنافس قصور "مرسيدس" الفئة إس؟ الإجابة هي "فايتون".
- كانت تحفة هندسية بكل المقاييس، مزودة بأحدث التقنيات ومحركات جبارة تصل إلى W12.
- وهي سيارة مثالية، لكن مشكلتها الوحيدة كانت شعار "VW" على مقدمتها.
- لم يقتنع السوق بسيارة من فولكس فاجن بهذا السعر الفلكي، خاصة مع وجود "أودي" ضمن نفس المجموعة.
- يُقدر أن الشركة خسرت 28,000 يورو على كل سيارة باعتها، لتصبح "فايتون" درسًا قاسيًا في أهمية هوية العلامة التجارية.
8- هيلمان إيمب: السيارة التي قتلتها السياسة
- للوهلة الأولى، لا تبدو "إيمب" فاشلة، فقد بيع منها أكثر من 400 ألف وحدة.
- لكن القصة أعمق من ذلك. في محاولة لحل أزمة البطالة في أسكتلندا، أجبرت الحكومة البريطانية الشركة على بناء مصنع جديد هناك لإنتاجها.
- أدى هذا القرار السياسي الكارثي إلى أزمات لوجستية، لأن المكونات تأتي من أنحاء أخرى من البلاد، وكانت العمالة غير مؤهلة.
- تكبدت الشركة خسائر بملايين الدولارات، لتسقط في النهاية في أيدي "كرايسلر" عام 1967.
9- ليلاند بي 76: هوية ضائعة في أرض الكنغر
- وُلدت هذه السيارة لتنافس عمالقة الصناعة في أستراليا، وفازت بجوائز وأثبتت جدارتها.
- لكن قرار بيعها تحت علامة "ليلاند"، المعروفة بالشاحنات والمركبات التجارية، كان خطأً تسويقيًا فادحًا.
- تزامن موعد إطلاقها مع أزمة النفط والتضخم الذي ضرب أستراليا، فانهارت المبيعات سريعًا.
- لم يُصنع منها سوى 18,007 وحدة، لتصبح مثالًا على كيف يمكن لقرار غير مدروس أن يؤدي إلى فشل منتج واعد.
10- AMC AMX ظل الكورفيت المنسي
- كانت AMC AMX سيارة فريدة من نوعها: مقعدان فقط، حجم أصغر، وسعر أرخص بكثير من منافستها الوحيدة آنذاك، "شيفروليه كورفيت".
- حطمت السيارة أرقامًا قياسية في السرعة ونالت إعجاب النقاد، لكنها عاشت في ظل شقيقتها الأكبر "Javelin" التي تشبهها كثيرًا.
- لم يفهم الجمهور لماذا عليه شراء سيارة بمقعدين من "AMC" بينما توجد "كورفيت".
- بعد عامين فقط، و بعد أن باعت الشركة 19,134 سيارة، توقف إنتاجها، لتتحول من سيارة مستقلة إلى مجرد فئة ضمن طراز "Javelin".
- الخلاصة؛ تُعلّمنا قصص هذه السيارات أن الابتكار والجودة لا يضمنان النجاح؛ ففي عالم السيارات القاسي، قد تكون الرياح غير المواتية، أو نظرة الجمهور الثاقبة، أو حتى قرار سياسي غير مدروس، هي السبب الرئيسي الذي يودي بأعظم العبقريات الهندسية إلى الفشل الذريع.
المصدر: إسكديريا
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.