لم تقتصر ضغوط "ترامب" على مهاجمة رئيس الفيدرالي "باول" لعدم خفض الفائدة منذ بداية العام فحسب بل اتسع الأمر لما هو أبعد من ذلك وأصبحت خطواته تشير إلى خطة إعادة هيكلة لمجلس محافظي الفيدرالي ككل وتعيين مسؤولين يدعمون رؤيته، في أمر لا يشكل تهديدًا استثنائيًا لاستقلالية البنك المركزي فحسب، بل للاقتصاد ككل.
حجر الزاوية
ينظر للاحتياطي الفيدرالي باعتباره حجر الزاوية في كبح جماح التضخم والحفاظ على استقرار الاقتصاد الأمريكي والمكانة العالمية للدولار، وبالتالي فإن تهديدات "ترامب" الاستثنائية لاستقلالية البنك تخاطر بدور الولايات المتحدة كركيزة أساسية للاستقرار المالي العالمي.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
رد فعل لمقاومة رغباته
تواجه استقلالية الفيدرالي أكبر تهديد منذ عقود، خاصة بعد خطوة "ترامب" غير المسبوقة بإقالة "ليزا كوك" عضوة مجلس محافظي البنك – التي عينها الرئيس السابق "بايدن" عام 2022 – مما يسمح للرئيس بتعيين عضو آخر له حق التصويت على قرارات البنك، ليواصل ضغطه المستمر لخفض الفائدة، ويختبر حدود السلطة الرئاسية على البنك.
إعادة تشكيل البنك
استبدال "كوك" يمكن "ترامب" من إضافة أصوات كافية لمجلس محافظي الفيدرالي المكون من سبعة أعضاء، وبالتالي يستطيع التحكم في عملية التصويت وتوجيه الفائدة حسب رؤيته، خاصة بعدما سمحت استقالة عضوة المجلس "أدريانا كوغلر" إلى شغور منصب آخر، ورشح "ترامب" بالفعل "ستيفن ميران" لخلافتها، لكن القرار في انتظار تأكيد مجلس الشيوخ.
وسط تهديدات استثنائية .. ما أهمية استقلالية البنوك المركزية عن الضغوط السياسية؟ | |
النقطة | التوضيح |
مهمة الفيدرالي |
تتمثل المهمة الرئيسية للاحتياطي الفيدرالي في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وهو ما يعني ضمان انخفاض البطالة وتحقيق استقرار الأسعار، وقد يتطلب ذلك تقديم بعض التنازلات قصيرة المدى، لذلك فإن المستويات الاستثنائية التي يتمتع بها من الاستقلالية تمكنه من اتخاذ القرارات المناسبة.
|
الحماية من النفوذ السياسي |
تحمي استقلالية البنك من النفوذ السياسي غير المبرر، مثل الضغوط لخفض الفائدة قبل الانتخابات، والتي قد تحقق مكاسب سياسية قصيرة المدى لكن أضرارًا اقتصادية طويلة الأجل، لذلك فإن مخاطر تقويض الاستقلالية ليست افتراضية على الإطلاق، لأن بالفعل واجهت دول عديدة أزمات اقتصادية نتيجة للتدخل السياسي المباشر في السياسة النقدية.
إلى جانب أن الاستقلالية تعزز ثقة السوق في قرارات البنك، والقدرة على اتخاذ إجراءات صعبة لكن ضرورية حتى لو لا تحظى بشعبية.
|
حماية تكاليف الاقتراض |
تهديد استقلالية البنك المركزي يعني رفع تكاليف الاقتراض بالنسبة للحكومة الأمريكية، فيما سيكون له تبعات سلبية عالمية، نظرًا لاستخدامها كمعيار لتحديد عوائد الأصول حول العالم.
|
استقرار التضخم |
تشير دراسات إلى أن التضخم يكون أكثر استقرارًا عندما يكون البنك المركزي مستقرًا، وذلك نظرًا للثقة في قدرة البنك على ضبط الأسعار، وبالتالي لا يرفع المواطنون والمستثمرين مطالبهم التي تتعلق بالأجور والأسعار والعوائد، لذلك بدأ المستثمرون يطالبون بعلاوة أعلى لحيازة سندات الحكومة الأمريكية عند إعلان "ترامب" إقالة "كوك".
|
طباعة النقود
|
من العوامل المهمة أيضًا في مسألة استقلالية البنوك المركزية هو قدرتها على طباعة النقود خاصة في أوقات الأزمات، وهو ما ساعد رئيس المركزي الأوروبي السابق "ماريو دراجي" في عام 2012، بتهدئة تكهنات انهيار اليورو، وتعهد ببذل كل ما يلزم للحفاظ على قيمة العملة الأوروبية الموحدة.
|
تهديد غير مسبوق
لطالما احترم رؤساء الولايات المتحدة استقلالية الفيدرالي، وسمحوا له باتخاذ قرارات تخدم مصلحة الاقتصاد حتى لو كانت مزعجة من الناحية السياسية، لكن منذ عودة "ترامب" للبيت الأبيض، واصل الانتقاد والتوبيخ لرئيس البنك "باول" متهمه بإلحاق الضرر بالاقتصاد لعدم خفض الفائدة حتى الآن.
نظرة تاريخية
رسميًا، يتمتع الفيدرالي باستقلاليته – أي تحريك الفائدة دون الحاجة للتنسيق أو موافقة من الحكومة - منذ عام 1951، لكن لم يترسخ الأمر إلا في ثمانينيات القرن الماضي عندما رفع رئيس البنك حينها "بول فولكر" الفائدة بشكل حاد لوقف ارتفاع الأسعار الذي كان ناتجًا عن صدمات الطاقة وسوء إدارة البنك للمعروض النقدي.
البنوك المركزية العالمية
في خطوة مهدت الطريق أمام درجات متزايدة من الاستقلالية الرسمية للبنوك المركزية والقدرة على اتخاذ القرارات بغض النظر عن رغبات الحكومة لذلك نجحت معظمها في السيطرة على التضخم بعد الجائحة في غضون عامين أو ثلاثة أعوام، ورغم ذلك لا تزال بعض البنوك في الصين ودول نامية أخرى تتأثر بحكوماتها عند وضع سياساتها.
تأييد جهود الرئيس
يقلل مسؤولو إدارة "ترامب" من شأن المخاوف المتعلقة بالتهديدات التي تواجه استقلالية الفيدرالي خاصة بعد إقالة "كوك"، وأوضح متحدث باسم البيت الأبيض بأن الرئيس يمارس سلطته بموجب القوانين الحالية لإقالة مسؤولة بالبنك لسبب وجيه.
وسط تهديد غير مسبوق .. ما خطورة زعزعة استقلالية الاحتياطي الفيدرالي؟ | ||
المحلل/الجهة |
| التوضيح |
معهد السياسة الاقتصادية |
|
سيطرة "ترامب" على الفيدرالي ستشير إلى صانعي القرار بأن الفائدة لن تحدد بعد الآن على أساس بيانات سليمة أو ظروف اقتصادية بل بناءً على أهواء الرئيس.
|
"بن برنانكي" رئيس سابق للفيدرالي |
|
حذر في عام 2010، من أن التدخل السياسي في قرارات البنك قد يسبب دورات ازدهار وكساد مدمرة، ويجعل من الصعب السيطرة على التضخم.
|
"إليزابيث ويلكنز" المسؤولة بمكتب رئيس لجنة التجارة الفيدرالية في عهد كل من "أوباما" و"بايدن" |
| التدخل في استقلالية البنك سيجعل الأسواق أقل استقرارًا ويزيد من الضغوط التضخمية، ويضر بالطبقة العاملة ويضعف الاقتصاد ككل. |
"فريدريك دوكروزيت" المسؤول لدى "بيكتيت" لإدارة الثروات |
|
خلال الأزمات تحديدًا، تعد استقلالية ومصداقية البنك المركزي أثمن الأصول، وسيكون الأمر بالغ الخطورة حال أصدر "ترامب" أوامره إلى الاحتياطي الفيدرالي.
|
"ديفيد ويلكوكس" الخبير الاقتصادي لدى معهد "بيترسون" |
|
سيسبب تدخل "ترامب" اهتزازات في الأسس التي تبنى عليها السياسة النقدية الأمريكية، وستشعر الأسواق المالية المحلية والعالمية بهذه الاختلالات.
|
"كريستين لاجارد" رئيسة المركزي الأوروبي |
|
حذرت من أن الاقتصاد الأمريكي معرض لخطر عدم الاستقرار حال تم تقويض استقلالية الفيدرالي، موضحة أن ذلك سيجعل السياسة النقدية مختلة وظيفيًا مما يؤدي إلى اضطراب وعدم استقرار.
|
الخلاصة
سواء أيدت المحكمة قرار إقالة "كوك" أو رفضته، فإن "ترامب" ربما لا يتوقف عن البحث عن ثغرات تسمح له بإعادة تشكيل مجلس محافظي البنك، وتوجيه دفة الاحتياطي الفيدرالي بما يتناسب مع رؤيته، لأنه لا يطيق الانتظار حتى يحين موعد رحيل "باول" عن البنك في مايو 2026..فهل ينجح في القضاء على استقلالية البنك المركزي التي استمرت منذ عقود؟
المصادر: أرقام – بروكينجز – بوليتيكو – مجلس العلاقات الخارجية – معهد السياسة الاقتصادية - رويترز – إن بي سي نيوز – الجارديان – وول ستريت جورنال
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.