في الأراضي المنخفضة الرطبة على ساحل خليج المكسيك، تضخ شركة «بيتروليوس ميكسيكانوس» (بيميكس)، مزيجاً من المياه والمواد الكيميائية والرمال بضغط عالٍ في باطن الأرض لتفتيت الصخور الصلبة المشبعة بالغاز الطبيعي.
وفي معظم أنحاء العالم، تُعرف هذه التقنية باسم التكسير الهيدروليكي (Fracking)، لكنها في المكسيك تُقدَّم تحت مسمى آخر هو: «تحفيز التكوينات الجيولوجية المعقدة».
ورغم الجدل الكبير حولها، فإن شركة «بيميكس» تمارس هذه التقنية منذ أكثر من عقد في ولايات مثل «فيراكروز» و«نويفو ليون»، وتدرس الآن توسيع استخدامها لاستخراج الغاز من مكامن الصخر الزيتي غير المستغلة، بهدف إنعاش إنتاجها المتراجع وتخفيف اعتماد البلاد على واردات الغاز من الولايات المتحدة.
وقال فيكتور رودريغيز، الرئيس التنفيذي ل «بيميكس»، أمام المشرعين في أغسطس/ آب الماضي: «ما تعرفونه باسم التكسير الهيدروليكي اليوم مختلف تماماً عما كان سابقاً. لكن السؤال: هل نترك هذه الموارد مدفونة في باطن الأرض ونبقى معتمدين على الغاز الأمريكي؟».
جدل سياسي وبيئي مستمر
ظلّت الحكومات المكسيكية حذرة في الاعتراف باستخدام التكسير الهيدروليكي، خاصة بعد أن حاول الرئيس السابق أندريس مانويل لوبيز أوبرادور حظره دستورياً.
وأثارت هذه التقنية احتجاجات واسعة من الجماعات البيئية والمجتمعات المحلية التي حذرت من مخاطرها على المياه الجوفية وزيادة احتمالات الزلازل. وفي بلدة «لوس رامونيس» بولاية «نويفو ليون»، ربط السكان بين الزلازل الصغيرة ونقص المياه وبين عمليات شركة «بيميكس».
وقالت الناشطة أليخاندرا خيمينيز من «التحالف المكسيكي ضد التكسير»: «لا يسمونه باسمه لأنهم يعلمون أنه لن يُستقبل سياسياً بشكل جيد. وكل المؤشرات تدل على أن الحكومة ستتوسع في التكسير».
تحول في الموقف الرسمي
ويمثل إقرار الحكومة بأن «بيميكس» تدرس توسيع عملياتها باستخدام هذه التقنية تحولاً واضحاً في موقف الرئيسة كلوديا شينباوم، وهي مهندسة بيئية كانت قد رفضت التكسير علناً خلال حملتها الانتخابية. غير أن الأزمة الإنتاجية ل «بيميكس» تضغط بقوة: إذ يعاني العملاق النفطي ديوناً تتجاوز 100 مليار دولار، وإنتاجه عند أدنى مستوى له منذ 15 عاماً، في وقت تتزايد فيه الخسائر الناتجة عن الحوادث والتسربات.
الغاز الصخري.. رهان محفوف بالتحديات
تقدَّر احتياطيات المكسيك القابلة للاستخراج من الغاز الصخري بنحو 545 تريليون قدم مكعبة، ما يضعها في المرتبة السادسة عالمياً. كما تحتوي أحواض مثل «برغوس»، المتصلة جيولوجياً بحوض «إيغل فورد» في تكساس، على مليارات البراميل من النفط والغاز غير التقليدي. وترى «بيميكس» أن تطوير هذه الحقول قد يرفع إنتاج الغاز بنسبة تصل إلى الثلث بحلول عام 2030. لكن العقبة الكبرى تكمن في التمويل. فقد خُفّضت مخصصات «بيميكس» لمشاريع الغاز غير التقليدي بنسبة 25% هذا العام إلى نحو 12.3 مليار بيزو (658 مليون دولار)، أي ما يمثل 3% فقط من ميزانيتها التشغيلية. وتدرك الشركة أنها لا تستطيع المضي قدماً دون شراكات مع شركات أجنبية تمتلك الخبرة والتكنولوجيا، رغم القيود المفروضة على مشاركة القطاع الخاص.
تحديات جيوسياسية وبيئية
يعتمد اقتصاد المكسيك على الغاز الأمريكي، إذ استوردت في مايو/ أيار الماضي 7.3 مليار قدم مكعبة يومياً. ويُنظر إلى هذه التبعية على أنها تهديد للأمن القومي. وقال رودريغيز: «إذا أغلقت واشنطن الصنبور، ستنطفئ المكسيك».لكن هناك معضلات ندرة المياه اللازمة لعمليات التكسير، والنشاط الإجرامي في مناطق الإنتاج.
مستقبل غير محسوم
بين ضغوط الحاجة إلى تعزيز الإنتاج المحلي من الغاز وخفض الاعتماد على الواردات الأمريكية، وبين المخاوف البيئية والاجتماعية، تجد المكسيك نفسها أمام معادلة صعبة. وأكدت شينباوم مؤخراً أن «شيئاً لم يُحسم بعد»، وأن أي قرار سيتطلب مشاورات عامة ودراسات. لكن المؤكد أن توجه المكسيك نحو الغاز الصخري بات خياراً حتمياً
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.