- تتزايد أعداد السيارات الكهربائية بصمت وأناقة على طرقاتنا، لترسم ملامح مستقبل نقي وصديق للبيئة. لكن مع كل سيارة كهربائية جديدة تنضم إلى أسطول النقل العالمي، تبرز قصص مرعبة تنتشر كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي: سيارات كهربائية تشتعل فجأة وبشكل غامض، وحرائق تستعصي على الإطفاء.
- يطرح هذا التناقض الصارخ سؤالاً جوهريًا يؤرق الكثيرين: هل هذه المركبات التي تمثل مستقبلنا هي حقًا آمنة؟
- الإجابة المختصرة، والمدعومة بالدراسات العلمية، هي نعم. تشير الإحصاءات بشكل قاطع إلى أن السيارات الكهربائية الحديثة أقل عرضة للاشتعال من نظيراتها التي تعمل بالوقود التقليدي.
- لكن هذه الإجابة المبسطة تخفي وراءها حقيقة أكثر تعقيدًا؛ فبينما تتفوق السيارات الكهربائية في جوانب أمان متعددة، فإنها تقدم مجموعة فريدة من المخاطر والتحديات التي تتطلب فهمًا عميقًا وتقنيات تعامل خاصة.
- نستعرض في هذا التقرير، أبرز المخاوف والتحديات التي تواجه مستقبل النقل النظيف، ونفرق بين الخرافات والحقائق العلمية.
التحدي الأول: حقيقة الحرائق.. لغة الأرقام مقابل المخاوف
- لعل الصورة الأكثر إثارة للقلق هي سيارة كهربائية تلتهمها النيران. لكن الأرقام تروي قصة مختلفة تمامًا.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
أظهرت دراسات متعددة، بما في ذلك بيانات من وكالتي السلامة السويدية والأمريكية، أن احتمالية نشوب حريق في سيارة تعمل بمحرك احتراق داخلي (بنزين أو ديزل) تفوق بكثير احتماليته في سيارة كهربائية.
- السبب بسيط: تحمل سيارات الوقود التقليدي على متنها سوائل شديدة الاشتعال تجري في أنابيب تحت ضغط عالٍ بالقرب من محرك تصل درجة حرارته إلى مئات الدرجات المئوية، مما يخلق بيئة مثالية للكوارث عند حدوث أي تسريب أو عطل.
- لكن يكمن التحدي في السيارات الكهربائية في طبيعة الحريق نفسه، لا في تكراره. فحرائق بطاريات الليثيوم-أيون ليست كالحرائق العادية؛ إنها ظاهرة كيميائية عنيفة تُعرف بـ "الانفلات الحراري"، حيث تنتقل الحرارة الشديدة من خلية بطارية إلى أخرى في سلسلة متفاعلة، مما يجعل إخماد الحريق مهمة شبه مستحيلة بالطرق التقليدية.
- تتطلب هذه الحرائق كميات هائلة من المياه (تصل إلى عشرات آلاف اللترات) ولساعات طويلة، مع وجود خطر دائم من إعادة الاشتعال حتى بعد إخماد اللهب الظاهري.
- وإدراكًا لهذا التحدي، استثمر المصنعون مليارات الدولارات في بناء حصون أمان متعددة حول البطاريات، تشمل:
- أنظمة إدارة حرارية متطورة: تستخدم سوائل تبريد للحفاظ على درجة حرارة مثالية للبطارية ومنع ارتفاعها.
- برامج إدارة البطارية (BMS): تراقب كل خلية على حدة، وتعزل أي خلية تظهر عليها علامات الخطر.
- هيكل حماية فولاذي: غلاف خارجي صلب مصمم لحماية البطارية من الصدمات الفيزيائية القوية في حال وقوع حادث.
- قواطع تلقائية: أنظمة تفصل البطارية عالية الجهد عن باقي أجزاء السيارة فور استشعار وقوع اصطدام.
التحدي الثاني: الشحن الآمن.. كيف نشحن البطارية دون قلق؟
- تنتقل المخاوف من الطريق إلى المنزل، حيث يتم شحن معظم السيارات الكهربائية. هل عملية الشحن آمنة، لا سيّما في ظل الظروف الجوية السيئة؟
- الحقيقة هي أن شحن السيارات الكهربائية في المنزل آمن تمامًا عند اتباع البروتوكولات الصحيحة. مع الوضع في الاعتبار أن الاعتماد على المقابس المنزلية العادية ليس الخيار الأمثل، ويوصي الخبراء بشدة بتركيب شاحن جداري مخصص (Level 2 Charger).
- هذه الشواحن مصممة للتعامل مع الأحمال الكهربائية العالية والمستمرة لساعات طويلة، وتأتي مزودة بأنظمة حماية مدمجة من التحميل الزائد والتأريض المناسب.
- أما خرافة خطر الشحن تحت المطر أو الثلج، فهي لا أساس لها من الصحة. فقد تم تصميم موصلات الشحن ومنافذ السيارات لتكون مقاومة للماء تمامًا وفقًا لمعايير عالمية صارمة (مثل معيار IP67)، مما يمنع أي تسرب للمياه يمكن أن يسبب تماسًا كهربائيًا.
- لكن ثمة جانباً آخر للشحن يجب الانتباه إليه: الشحن السريع. بينما يوفر هذا الخيار راحة كبيرة في السفر، فإن استخدامه المفرط يمكن أن يؤثر سلبًا على صحة البطارية على المدى الطويل. إذ تولد السرعات العالية في الشحن حرارة أكبر، مما يسبب إجهادًا حراريًا للخلايا ويقلل من عمرها الافتراضي.
- لذا، تظل النصيحة الذهبية هي الاعتماد على الشحن العادي للاستخدام اليومي، وترك الشحن السريع للحالات الضرورية فقط.
التحدي الثالث: عندما يصبح الهدوء خطرًا
- من المفارقات العجيبة للسيارات الكهربائية هي أن إحدى أكبر مزاياها - هدوؤها شبه التام - كانت تمثل في البداية أحد أكبر مخاطرها.
- فالضجيج المنخفض عند السرعات المنخفضة جعل من الصعب على المشاة، وخاصة المكفوفين وضعاف البصر، استشعار اقترابها.
- ولمواجهة هذا "التحدي الصامت"، فرضت الحكومات حول العالم تشريعات تلزم السيارات الكهربائية بإصدار أصوات تحذيرية مصطنعة.
- يُعرف هذا النظام بـ "نظام التنبيه الصوتي للمركبات"، والذي يعمل تلقائيًا عند سرعات منخفضة (أقل من 30 كم/ساعة).
- هذه الأصوات ليست مجرد ضجيج عشوائي، بل هي نغمات مصممة بعناية لتكون مسموعة بوضوح دون أن تكون مزعجة، وغالبًا ما تحاكي صوت محرك مستقبلي أو نغمة فريدة تميز العلامة التجارية.
التحدي الرابع: ما وراء الهيكل.. صلابة مبتكرة ومخاطر الجهد العالي
- في حالة وقوع حادث، تتمتع السيارات الكهربائية بمزايا هيكلية فريدة. فغياب محرك كبير في المقدمة يتيح مساحة أكبر لـ "مناطق امتصاص الصدمات".
- كما أن وضع البطارية الثقيلة في أسفل الهيكل يمنح السيارة مركز جاذبية منخفضًا جدًا، مما يقلل بشكل كبير من خطر الانقلاب، وهو أحد أخطر أنواع الحوادث.
- ولهذا السبب، تحقق العديد من السيارات الكهربائية أعلى تقييمات السلامة في اختبارات التصادم العالمية.
- لكن تقدم هذه البنية تحديًا جديدًا: نظام الجهد العالي؛ إذ تعمل بطاريات السيارات الكهربائية بجهد يتراوح بين 400 و800 فولت، وهو جهد قاتل.
- ولحماية الركاب وفرق الإنقاذ، تم تصميم أنظمة فصل تلقائي للبطارية عند وقوع حادث، كما تم تمييز جميع الكابلات عالية الجهد باللون البرتقالي الزاهي كتحذير بصري واضح لفرق الإسعاف والإطفاء.
الخاتمة: موازنة المخاطر واحتضان المستقبل
- إذًا، هل السيارات الكهربائية آمنة؟
- الإجابة النهائية هي أنها تمثل، شأنها شأن أي تقنية ثورية، موازنة دقيقة بين المخاطر الكامنة والابتكارات الهندسية المذهلة.
- من خلال الأرقام، هي أكثر أمانًا من سيارات الوقود التقليدي. لكن مخاطرها المختلفة تتطلب وعيًا وتقنيات جديدة للتعامل معها.
- إن الثورة الكهربائية على طرقاتنا ليست مجرد تغيير في مصدر الطاقة، بل هي إعادة تعريف شاملة لمفهوم سلامة السيارات.
- ومع استمرار التطور في كيمياء البطاريات، وأنظمة الإدارة الذكية، وتقنيات السلامة، فإن مستقبل النقل النظيف لا يبدو واعدًا فحسب، بل يبدو أيضًا أكثر أمانًا من أي وقت مضى.
المصدر: موتور واي
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.