اقتصاد / صحيفة الخليج

أستانا.. تاج كازاخستان ومدينة للمستقبل

أستانا، تحفة معمارية في دولة كازاخستان، وكعاصمة جديدة للبلاد، انطلقت سريعاً من السهوب الشمالية، ومن المتوقع أن يتزايد نموها لتصبح مدينة يتجاوز عدد سكانها مليون نسمة، بحلول عام 2030، وهي بالفعل المدن الكازاخستانية، لما تشتمل عليه من حداثة لم تطمس معالم تاريخها التليد. ويصبح مشهد المدينة أكثر روعة من عام لآخر، مع ظهور جديد لمباني أيقونية صممها العديد من المهندسين المعماريين الدوليين على طول الشوارع الواسعة وبتنوع في الأساليب: ما بين الآسيوية والغربية والسوفييتية والغريبة.

كانت كازاخستان مأهولة بالسكان، منذ العصر الحجري القديم، وهو تاريخ قديم يتجلى عند زيارة المتحف الوطني في العاصمة أستانا، والذي يروي قصة وافية عن ماضٍ مهيب من خلال المعروضات.

وفي المتحف، يجب عدم تفويت زيارة القاعة الذهبية، التي تضم عدة آلاف من زخارف العصر البرونزي من «الرجل الذهبي» الشهير (رمز وطني لكازاخستان)، وهو محارب من القرن الثالث أو الرابع تم اكتشاف بقاياه المغطاة بالذهب في عام 1969.

وهذا المتحف الضخم، المصنوع من الزجاج الأزرق والرخام الأبيض، يُغطي تاريخ وثقافة كازاخستان من العصور القديمة إلى الحديثة، وتضم قاعاته ذات الطابع الخاص عروضاً تفاعلية ومعروضات أثرية، بدءاً من خيمة يورت في قاعة الإثنوغرافيا، وحتى سجل تاريخ العاصمة الحديث في قاعة أستانا.

وفي قاعة المدخل الفخمة، يرحّب بالزوار نسر ذهبي عملاق يحلِّق فوق خريطة واسعة للبلاد، ومن أبرز معالم القاعة، قاعة الإثنوغرافيا، بمجموعتها الغنية من القطع الأثرية المتعلقة بالثقافة البدوية الكازاخستانية.

وتضم القاعة مجموعة من المجوهرات الكازاخستانية والذهب ومصوغاته، وتشتمل هذه المجموعات على مجوهرات ذهبية ونسخاً طبق الأصل من تلال الدفن السكيثية في بيريل وتل دفن إيسيك (حيث عُثر على الرجل الذهبي)، ونسخاً طبق الأصل من الرجل الذهبي و«الرجل الذهبي الثاني» من غرب كازاخستان، ونسخة طبق الأصل مرصعة بالجواهر لحصان من مقبرة بيريل، وأحشاء حصان حقيقية من القرن الرابع قبل الميلاد محفوظة بالمواد الكيميائية.

طبيعة ترسم لوحة البلاد

تعد الطبيعة في دولة كازاخستان من أجمل ما تحمل الأرض على ظهرها، وتجعل البلاد بشكل عام لوحة فنية يصعب مضاهاتها. ومن الحيوانات البرية التي قد تقف أمامها وجهاً لوجه في منتزه «ألتين إميل»، الواقع على بعد 250 كيلومتراً شمال شرق ألماتي، الغزلان الدرقية، والجمال، وخيول برزيوالسكي النادرة، فعلى الرغم من وجود عدد قليل من المجتمعات البدوية الكاملة في السهوب الآن، فإن الخيول لا تزال ذات مكانة مهمة في كازاخستان.

ويضم المنتزه أيضاً، عدداً من تلال الدفن القديمة، ونقوشاً صخرية تعود إلى العصر البرونزي، ولكن عامل الجذب الرئيسي فيه هو الكثبان الرملية المُغنّية، فعندما تهب الرياح تحتك حبيبات هذه الكثبان الرملية شديدة الانحدار ببعضها بعضاً، مُصدرةً صوتًا يُشبه غناء الحوت، ويبلغ ارتفاع أكبر هذه الكثبان 150 متراً، ويمكن التسلق إلى قمته. ومن المعالم السياحية الطبيعية الأخرى في أستانا منتزه «شارين كانيون»، وكثيرون يشبهون وادي شارين الواقع على بعد 200 كيلومتر غرب ألماتي، بجراند كانيون ، فرغم أن طول وادي كازاخستان يبلغ نصف طول نظيره الأمريكي، وعمقه أقل بكثير، فإنه لا يخلو من روعة وجمال.

وتشكلت هذه التكوينات الصخرية المذهلة بفعل عوامل التعرية، على مدى ملايين السنين، وأثناء المشي بينها يشعر المرء بالضآلة أمام حجمها وحجم جدران الوادي الشاهقة، التي يصل ارتفاعها في بعض الأماكن إلى 300 متر. وتوجد هناك العديد من الوديان، وأكثرها زيارةً هو وادي القلاع، بطول كيلومترين، ويُرى بوضوح عند شروق الشمس أو غروبها عندما تتوهج الصخور الحمراء برقة.

ورغم المناخ القاسي والجاف تجد الحياة طريقها إلى تلك المناطق في مشهد يثير العُجب من غرائب الطبيعة، فهناك تتحرك الأرانب والسحالي وحتى الثعالب داخل الشقوق وخارجها في الصخور، وتستمتع الزواحف بأشعة الشمس، بينما في الأعلى تقف الصقور والنسور الذهبية والنسور الجارحة تراقب ما يحدث.

ويحتضن «كاتون كاراجاي»، الواقع في منطقة نائية في شرق كازاخستان، نوعاً من الحياة البرية تجعل الزائر يفكر في بناء كوخ خشبي على الفور والبدء في عيش حياة بسيطة هناك هرباً من ضغوط الحياة العصرية. وتعكس البحيرات الصافية صوراً للمروج المحيطة والجبال المغطاة بالثلوج، وعلى الرغم من إمكانية استكشاف المنطقة سيراً على الأقدام، فإن أفضل طريقة هي بلا شك على ظهور الخيل.

حداثة وإبداع معماري

التطور الذي حققته كازاخستان لا يمكن أن تخطئه العين عند زيارة أستانا، ويقف النصب التذكاري «بايتيريك» شاهداً على ذلك بارتفاع 97 متراً، وهو أبيض ذو هيكل شبكي يُتَوِّجُهُ تكوين بيضاوي زجاجي كبير، ويشكل البرج المنطقة المركزية في نورزول.

ويجسّد هذا المكان أسطورة كازاخستانية، حيث يضع الطائر الأسطوري سامروك بيضة ذهبية في «شجرة الحياة» الشاهقة بعيدة عن متناول البشر. وتُقلّ المصاعد الزوار إلى داخل البيضة، حيث يُمكنهم التأمل في رمزيتها والاستمتاع بمناظر خلابة، ووضع أيديهم على بصمة كف الرئيس نزارباييف، بينما يُحدّقون في قصره.

ومن معالم الحداثة المعمارية الأخرى في أستانا مبنى «خان شاطر»، وهو المبنى الأكثر غرابة في نور سلطان حتى الآن، وهو عبارة عن هيكل شبه شفاف يبلغ ارتفاعه 150 متراً، مشيّد من مادة تمتص الحرارة، تم إنشاؤه كمبنى يناسب أسلوب الحياة العصري مع تسوق على مستوى عالمي، ومن الخارج يشبه خيمة السيرك المائلة، بينما يحتوي الجزء الداخلي متعدد المستويات على مركز تسوق راقٍ وقاعة طعام ومعالم جذب متنوعة.

وكدولة إسلامية لم تغفل كازاخستان إنشاء مساجد تضاهي نظيرتها الشهيرة في العالم، فإلى الجنوب من الجزء الغربي من بولفار نورزول يقع مسجد «نور أستانا» الجميل ذو المآذن الأربع، والذي تم افتتاحه في عام 2005. وقاعة الصلاة فيه عبارة عن مساحة رائعة متعددة القباب مع نقوش وأنماط هندسية باللون الأزرق والأبيض والذهبي والأحمر.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا