اقتصاد / ارقام

رحلة في فكرة .. مبدأ باريتو والتمييز بين قلة حيوية وكثرة تافهة

  • 1/2
  • 2/2

في حياتنا اليومية، سواء في العمل أو الدراسة أو حتى في الاستثمار، نلاحظ أن جزءًا صغيرًا من الجهد أو الموارد يحقق الجزء الأكبر من النتائج.

 

هذا المبدأ البسيط والفعّال هو ما يُعرف بـ قاعدة 80-20 أو مبدأ باريتو، الذي يعدّ من أهم المفاهيم الإدارية والاقتصادية في القرن العشرين، ويُستخدم اليوم لتوجيه التفكير نحو ما هو أكثر تأثيرًا وجدوى.

 

 

ما هي قاعدة 80-20؟

 

قاعدة 80-20 تنص على أن 80% من النتائج تأتي في ضوء 20% فقط من الأسباب أو المدخلات. أي أن قلة من العوامل أو الأنشطة تكون مسؤولة عن معظم النتائج أو الأرباح أو حتى الأخطاء.

 

في عالم الأعمال مثلًا، قد تنتج 20% من المنتجات أو العملاء 80% من الإيرادات، ما يجعل تحديد هذه النسبة الصغيرة أولوية لأي مدير ناجح.

 

القيمة الحقيقية لهذه القاعدة تكمن في توجيه الجهد نحو ما هو أكثر إنتاجية.

 

بدلًا من توزيع الموارد بالتساوي، تُستخدم قاعدة 80-20 لتحديد الأنشطة الأكثر تأثيرًا واستثمار الجهد فيها لتحقيق أقصى قيمة ممكنة.

 

المبدأ والتطبيق

 

في جوهرها، تدعو القاعدة إلى الكفاءة في استخدام الموارد. فهي تشجع الأفراد والمؤسسات على تحديد أفضل أصولهم أو مواردهم واستغلالها لتحقيق نتائج كبيرة بأقل جهد.

 

في المجال الدراسي مثلًا، على الطالب أن يحدد الأجزاء من المنهج التي تحقق أكبر فائدة للامتحان ويركز عليها أولًا، دون أن يتجاهل بقية المحتوى.

 

أما في الأعمال، فيمكن للشركة أن تحدد العملاء أو العمليات الأكثر ربحية وتركز عليها لتحسين الأداء العام.

 

التفسيرات الخاطئة

 

رغم بساطة القاعدة، كثيرًا ما يُساء فهمها. فالبعض يظن أنها قانون رياضي صارم، بينما هي مجرد مبدأ توجيهي مرن.

 

النسب (80 و20) ليست ثابتة أو يجب أن تساوي 100%، بل تعبر عن علاقة غير متكافئة بين السبب والنتيجة.

 

كما يخطئ البعض في الاعتقاد أن الـ 80% الأخرى غير مهمة، وهو خطأ منطقي. إذ يمكن أن تكون هذه النسبة مهمة، لكنها لا تمثل الأولوية القصوى. القاعدة لا تدعو إلى الإهمال، بل إلى ترتيب الأولويات بذكاء.

 

الخلفية التاريخية

 

ظهر المبدأ لأول مرة في أوائل القرن العشرين على يد الاقتصادي الإيطالي فيلفريدو باريتو، الذي لاحظ أن 20% من قرون البازلاء في حديقته أنتجت 80% من المحصول.

 

ثم اكتشف أن 80% من ثروة إيطاليا كانت مملوكة لـ 20% من السكان.

 

في الأربعينيات، طوّر الدكتور جوزيف جوران المفهوم وطبّقه في مجال الجودة والإنتاج الصناعي، موضحًا أن 80% من العيوب في المنتجات تعود إلى 20% من المشكلات في عمليات التصنيع.

 

وقد أطلق على ذلك "القلة الحيوية والكثرة التافهة"، وهو تعبير ما زال يُستخدم حتى اليوم في الإدارة الحديثة.

 

 

الأعمال والإدارة

 

تُستخدم قاعدة 80-20 على نطاق واسع في مختلف القطاعات.

 

في التسويق، تساعد الشركات على تحديد العملاء الأكثر قيمة والتركيز على الاحتفاظ بهم.

 

وفي الإدارة، تُستخدم لتحليل المشكلات واكتشاف الأسباب القليلة التي تؤدي إلى أغلب التحديات.

 

أما في المبيعات، فكثيرًا ما يُلاحظ أن 20% من مندوبي المبيعات يحققون 80% من الأرباح، ما يدفع المؤسسات إلى تدريبهم واستنساخ نجاحهم.

 

مثال تطبيقي

 

طالبة دراسات عليا تُدعى كارلا كانت تعمل على مشروع مدونة في مادة الاتصال الرقمي بجامعة هارفارد.

 

بعد أسابيع من الجهد في التصميم والكتابة، اكتشفت أن مدونتها تحقق أقل عدد من الزيارات مقارنة بزملائها.

 

قرأت كارلا عن قاعدة 80-20 وقررت تطبيقها على مشروعها. فحلّلت بيانات الزوار لتعرف: من هم الـ20% الأكثر تفاعلًا؟ ومن أين يأتي أغلب الزوار؟ وما هي أكثر المواضيع جذبًا؟

 

بعد تحديد جمهورها الرئيسي، عدّلت تصميم المدونة ومحتواها بما يناسب اهتماماتهم، وركزت على تسويقها بشكل أدق بدلًا من إنفاق الجهد في كل الاتجاهات.

 

النتيجة كانت مذهلة: ارتفع عدد الزيارات بأكثر من 220% خلال فترة قصيرة.

 

الدروس المستفادة

 

قصة كارلا تلخص جوهر القاعدة: النجاح لا يعتمد على بذل الجهد في كل مكان، بل على تحديد القلة الحيوية التي تصنع الفرق.

 

سواء في التسويق أو التعليم أو العلاقات أو حتى في إدارة الوقت، مبدأ باريتو يساعد على تحقيق نتائج أكبر بموارد أقل.

 

تطبيق القاعدة في الاستثمار

 

يمكن للمستثمرين تطبيق القاعدة عبر التركيز على 20% من الأصول التي تحقق معظم العوائد في السوق، أو من خلال توزيع محفظتهم بنسبة 80% استثمارات منخفضة المخاطر و20% استثمارات نمو.

 

لكن من المهم تذكّر أن أداء الماضي لا يضمن المستقبل، لذا ينبغي مراجعة الأداء دوريًا للتأكد من توافق النتائج مع الأهداف المالية.

 

والحقيقة أن قاعدة 80-20 ليست مجرد معادلة عددية، بل طريقة تفكير استراتيجية تدعو إلى الفاعلية بدلاً من الجهد العشوائي. وهي تذكير دائم بأن معظم النتائج المهمة تأتي من قلة من الأسباب المؤثرة.

 

من خلال إدراك هذا المبدأ وتطبيقه في العمل والحياة، يمكن لأي شخص أن يحقق تحسنًا مضاعفًا في الإنتاجية والنتائج، فقط عبر التركيز على القلة التي تصنع الفرق.

 

المصدر: إنفيستوبيديا

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا