شدد مسؤولو شركات عالمية على أهمية الاستراتيجيات الوطنية للإمارات في مجالي الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، مؤكدين أنها وضعت الدولة على خريطة الاقتصاد الرقمي العالمي.
وأكدوا أن برامج بناء القدرات والكفاءات الوطنية تلعب دورًا محوريًا في تمكين الشباب من الانخراط في اقتصاد قائم على المعرفة، مشيرين إلى أن الدولة حققت قفزات نوعية في تدريب أكثر من 144 ألف متعلم على المهارات الرقمية المتقدمة، بما يشمل الشبكات والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.
أشاروا هؤلاء إلى أهمية البنية التحتية الرقمية المتطورة التي تتمثل في شبكات الجيل الخامس والمراكز السحابية إلى حلول الهوية الرقمية والأمن السيبراني، كأدوات أساسية لدفع عجلة الابتكار وتحقيق الاستدامة الاقتصادية، وأن الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي تتجاوز 100 مليار دولار، وتستهدف المساهمة بنسبة 20% في الناتج المحلي غير النفطي بحلول 2031.

رؤية استراتيجية

أكد عبد الإله النجاري، المدير التنفيذي لشركة سيسكو في منطقة الخليج والمشرق العربي، أن رؤية الحكومة الإماراتية في الاستثمار بالذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي أسست واحدة من أكثر منظومات الابتكار تطورًا على مستوى العالم. وقال النجاري: «تعمل الإمارات على تقليل العوائق أمام الشركات الناشئة والعالمية، من خلال تطوير شبكات آمنة ومراكز بيانات مجهزة للذكاء الاصطناعي.

تطوير المهارات

أوضح النجاري أن أكاديمية سيسكو للشبكات، التي انطلقت في الإمارات عام 1999، ساهمت في تدريب أكثر من 144 ألف متعلم في مجالات الشبكات والأمن السيبراني والبرمجة والذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات. وفي السنة المالية 2025، تم تدريب أكثر من 29 ألف طالب عبر 38 أكاديمية.

تأثير ملموس على الاقتصاد

أشار المدير التنفيذي لسيسكو إلى أن برامج التدريب وتطوير المهارات تمكّن القوى العاملة من مواكبة التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي، بما يعزز النمو المستدام ويسهم في دعم استراتيجية الدولة لاقتصاد معرفي متكامل. كما اعتبر النجاري أن تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي يسهم في تعزيز تنافسيتها ودورها في الاقتصاد الرقمي.

التكنولوجيا والاتصال

قال عمر السمان، رئيس قسم الشبكات في إريكسون الخليج: «يشهد قطاع التكنولوجيا في الإمارات تطورًا سريعًا مدعومًا بالاستراتيجيات الوطنية للذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي».
وأوضح السمان أن الشركة تدعم هذا التقدم من خلال تقنيات الأتمتة الذكية، وشبكات الجيل الخامس المستقلة، وحلول الاتصال اللاسلكي الثابت، والشبكات الخاصة، ما يمكّن من تقديم خدمات سريعة وآمنة وفعّالة، مع تحسين كفاءة العمليات في مختلف القطاعات.

وأشار السمان إلى أن جيتكس جلوبال 2025 سيشهد عرض أحدث حلول الاتصال المتطورة، والذكاء الاصطناعي التفاعلي، وحلول المؤسسات من الجيل القادم تحت شعار «انطلق نحو المستقبل».
وقال: «ستتيح العروض التفاعلية للزوار تجربة كيف تمكّن تقنيات الذكاء الاصطناعي وشبكات الجيل الخامس من تحقيق الأتمتة الذكية والكفاءة الصناعية، وتعزيز المرونة في الخدمات الحيوية.

عوائد اقتصادية

أكد الدكتور محمود موسى، أستاذ مساعد في علوم الحاسوب بجامعة هيريوت وات دبي، أن الإمارات نفذت استثمارات استراتيجية ضخمة في الذكاء الاصطناعي، تشمل قطاعات الرعاية الصحية والنقل والتعليم والطاقة والخدمات اللوجستية. وقال موسى: «تم إطلاق شركة MGX الحكومية لاستثمارات الذكاء الاصطناعي بأصول مستهدفة بقيمة 100 مليار دولار أمريكي، كما استثمرت مايكروسوفت 1.5 مليار دولار في G42، وشارك بلاك روك وجي آي بي لتوسيع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي عالميًا».
وذكر موسى أن سوق الذكاء الاصطناعي في الإمارات بلغ 12.74 مليار درهم إماراتي في 2023، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 44% سنويًا ليصل إلى 170.14 مليار درهم بحلول 2030، مع مساهمة متوقعة تصل إلى 20% من الناتج المحلي غير النفطي بحلول 2031.
وأشار موسى إلى أن الإمارات تحتل المرتبة الخامسة عالميًا في مؤشر ستانفورد لحيوية الذكاء الاصطناعي لعام 2024، والمرتبة الحادية عشرة في مؤشر التنافسية الرقمية من IMD، مؤكداً أنها توفر بيئة استثمارية جاذبة بفضل التنظيم المرن والمناطق الحرة المالية والبنية التحتية السريعة لمراكز البيانات، مقارنة بأسواق مثل السعودية وسنغافورة.
وأوضح موسى أن الذكاء الاصطناعي عزز الإنتاجية في قطاعات الطاقة والنقل والتمويل، موضحًا أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) حققت 500 مليون دولار قيمة مضافة في 2023 من خلال أكثر من 30 أداة ذكاء اصطناعي، بينما حسّنت الأتمتة في الموانئ والخدمات اللوجستية أوقات المعالجة.
وأشار موسى إلى أن الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي حققت نموًا بنسبة 66% في التمويل عام 2024، مع زيادة عدد الصفقات بنسبة 15%. وأضاف أن إطلاق MGX كمنصة استثمارية استراتيجية يدعم الشركات الناشئة محليًا.

حلول رقمية مبتكرة

قال نات بيسوباتي، المدير الإقليمي للمبيعات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى HID Global – FARGO، إن استراتيجيات الإمارات في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي أسهمت في ترسيخ مكانة دبي كأحد أبرز المراكز الاقتصادية الرقمية عالميًا. وأضاف: «نجحت الإمارات في بناء منظومة ذكية متكاملة، تتميز بسرعة الخدمات وكفاءة البنية التحتية السحابية، مع أعلى معايير الأمن السيبراني وحماية البيانات».
وأوضح بيسوباتي أن الإمارات أصدرت قوانين حديثة مثل «القانون الاتحادي لحماية البيانات الشخصية» ونظام ضريبي شفاف، ما يعزز ثقة المستثمرين ويتيح تطبيق حلول HID بثقة وشفافية. وأكد أن حلول الشركة تشمل منصات الإصدار السحابية لإدارة بطاقات الهوية والاعتمادات الرقمية عن بعد، وأنظمة الهوية المحمولة التي تتيح استخدام الهاتف الذكي كوسيلة آمنة للوصول إلى المرافق والخدمات.