كتبت هبة السيد

أكد خبراء التأمين المشاركون في جلسة "التأمين الزراعي والابتكار الرقمي: بناء القدرة على مواجهة تغيّر المناخ باستخدام التكنولوجيا"، التي أقيمت ضمن فعاليات معرض ومؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وأفريقيا Cairo ICT 2025، أن ضعف البيانات، وصعوبة تقييم الخسائر، وغياب الوعي لدى المزارعين تمثل أبرز التحديات أمام توسع التأمين الزراعي في مصر، مؤكدين أن الرقمنة والشراكات المؤسسية تشكلان الطريق الأسرع لتطوير هذا القطاع الحيوي.

وأشار المتحدثون خلال الجلسة، التي أدارها هاني موسى، المدير الأول لتطوير الأعمال بمجموعة إي-فاينانس، إلى أن أقساط التأمين الزراعي في مصر ما تزال أقل بكثير من المتوسطات العالمية، ما يستدعي تدخلًا حكوميًا ودعمًا من المؤسسات الدولية، باعتبار التأمين أداة أساسية لحماية الأمن الغذائي من تقلبات المناخ.

وشدد الخبراء على أن تعزيز استخدام التكنولوجيا، وتطوير أدوات دقيقة لتقدير المخاطر، واعتماد أنماط مبتكرة مثل التأمين بالمؤشر Index Insurance، هو المفتاح لبناء ثقة المزارعين وتوسيع التغطيات التأمينية. 

وأكدوا أن المعايرة الدقيقة للخسائر وسرعة إجراءات التعويض تمثل العمود الفقري لأي منظومة تأمينية ناجحة، داعين إلى ربط البيانات الزراعية والمناخية بآليات التقييم لتبسيط التعويضات ورفع كفاءة السوق.

من جانبه، قال مصطفى خليل، نائب مساعد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن قطاع التأمين، وخاصة المرتبط بالمركبات، يشهد تحوّلًا كبيرًا بفضل نظم البيانات الحديثة وظهور ما يعرف بـ"حقوق السيارة الجديدة"، التي تربط التأمين بالملكية والفحص الفني وإدارة المخاطر. وأضاف أن السوق أصبح يضم شركات متخصصة ومحطات فحص فني معتمدة، ما يعزز دقة تسعير الوثائق وتحسين معايير السلامة.

وأوضح خليل أن الهيئة أطلقت منظومة تنظيمية تسمح بالتحصيل الإلكتروني وإصدار الوثائق رقميًا بموجب القرار 122، داعيًا الشركات للالتزام بمعايير الأمن السيبراني، مشيرًا إلى التوسع في استخدام التحقق الرقمي من الهوية، بما يمهد لتبني حلول تأمينية أكثر تطورًا. 

كما لفت إلى أن الهيئة، بقيادة الدكتور محمد فريد، تدفع نحو تعميم استخدام التكنولوجيا في جميع أنشطة التمويل غير المصرفي، مع اعتماد التوقيعات الإلكترونية وتسهيل الخدمات عبر التطبيقات والمنصات الرقمية، وتعاونت مع GIZ لإعداد دليل للمخاطر المناخية، ودعم الابتكار الرقمي في التأمين.

بدوره، أكد علاء الزهيري، رئيس الاتحاد المصري للتأمين، أن الاتحاد يعمل على بناء منظومة متكاملة للتأمين الزراعي، تعتمد على تحديد المخاطر بدقة وابتكار منتجات جديدة تتماشى مع التغيرات المناخية. 

وكشف الزهيري عن منتجين جديدين: أحدهما لحماية محاصيل محددة من موجات الحرارة الحادة، وآخر قائم على مؤشر الحرارة، يُصرف التعويض تلقائيًا عند تجاوز درجات الحرارة حدًا معينًا دون الحاجة لمعاينة الأضرار.

 وأشار إلى أن قيمة سوق التأمين الزراعي عالميًا تبلغ 1.1 تريليون دولار، وأن دولًا مثل الهند نجحت في تطبيق التأمين بالمؤشر، مؤكّدًا التعاون مع خبراء دوليين لتطوير المؤشرات المناسبة للسوق المصرية.

وأشار الزهيري إلى أهمية الوصول إلى صغار المزارعين عبر نماذج تأمينية برامترية رقمية تقلل التكاليف وتضمن تعويضات سريعة، مؤكدًا على ضرورة تكامل مؤسسي بين شركات التأمين وجهات التمويل والتكنولوجيا والبيانات الحكومية لضمان نجاح التأمين الزراعي.

وقال عمر فاروق، مسؤول سياسات البرامج في برنامج الأغذية العالمي بمصر، إن مستوى التغطية التأمينية للمزارعين عالميًا لا يزال منخفضًا رغم ارتفاع المخاطر المناخية، مضيفًا أن استقرار الإنتاج الزراعي أصبح هشًا بسبب التغيرات الحرارية والجفاف وتغير مواعيد الأمطار. 

وأوضح فاروق أن البرنامج يعتمد على بيانات درجات الحرارة والأمطار والنمو والحصاد والخرائط المناخية لتطوير نماذج قياس المخاطر، مؤكدًا أن تصميم أي وثيقة تأمين زراعي يحتاج إلى بنية بيانات قوية ونظام إنذار مبكر فعال.

وأكد فاروق أن الاعتماد على وثيقة واحدة غير كافٍ، بل المطلوب منظومة دعم متكاملة تشمل أدوات مالية رقمية لصرف التعويضات وتحسين الممارسات الزراعية وتوفير بيانات دقيقة من الجهات الحكومية، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك بنية دفع رقمي مهمة مثل InstaPay يمكن أن تساهم في صرف تعويضات سريعة وشفافة.

من جانبها، كشفت هبة موسى، رئيس قطاع التأمينات المتنوعة بشركة قناة السويس للتأمين، عن توجه جديد لتطوير التأمين الزراعي بالشراكة مع E-Finance، يعتمد على نموذج رقمي برامتري يمكن من الوصول لصغار المزارعين بتكلفة أقل وتعويضات أسرع، بدلاً من الاعتماد على المعاينة التقليدية.

انعقدت هذه الندوة ضمن فعاليات Cairo ICT 2025، بمشاركة نخبة من خبراء التأمين والزراعة والتكنولوجيا، لتقييم مستقبل التأمين الزراعي في مصر في ظل التغير المناخي، واستعراض أحدث حلول الرقمنة، وبناء رؤية مشتركة لتعزيز صمود المزارعين وتحسين إدارة المخاطر.