امتزجت تكوينات وجماليات الحروف العربية والصينية، أمس، في الملتقى الإماراتي - الصيني لفن الخط، الذي انطلقت النسخة الثانية منه في مكتبة محمد بن راشد بدبي، وسط مشاركات أكبر من الدورة الأولى.
وينظم الملتقى بالتعاون بين جمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة الإسلامية، وجمعية الخطاطين الصينيين، ويشهد تنظيم معرض لفنون الخط الصينية والعربية.
وقال رئيس جمعية الإمارات لفن الخط الفنان، خالد الجلاف، لـ«الإمارات اليوم»، إنه لدى الحديث عن أقدم الخطوط في العالم، فإن الصين تبقى من الدول التي حافظت على هذا التراث، إذ يعود فن الخط فيها إلى أكثر من 3000 عام، وعلى الرغم من كل التقنيات التي تنتجها الصين، وتحديداً تقنيات الكتابة، إلا أن شعب هذا البلد لم ينس أنه يمتلك إرثاً عظيماً، وحافظ عليه.
وأشار إلى أن الملتقى يبرز كذلك اهتمام بلدان أخرى بفنون الخط، ومن بينها الدول العربية وكوريا واليابان، لافتاً إلى أن الخط في الصين قديماً كان للنخبة، ولم يكن متاحاً للشعب ممارسته لفترة من الزمن، وبعدها راح يأخذ أهميته، وهذا الفن يجب ألا يكون أقل أهمية لدينا في العالم العربي.
من جهته، قال المسؤول عن المعرض الفني الذي افتُتح على هامش الملتقى، علي وانغ: «يتميز المعرض في نسخته الجديدة بمستوى الخطاطين الأكثر تميزاً، كما أن المشاركة أوسع، ما يبرز تقدم التعاون بين الصين والإمارات في مجال فن الخط، وهناك أفكار حول تنظيم معرض للخط العربي لفنانين إماراتيين في الصين».
وأضاف أن الدورة الحالية تقدم أكثر من 50 عملاً، فضلاً عن الأختام التي تتسم بأنها من الأحجار الكريمة، وقد اندمج فيها فن الخط مع النحت على الحجر الكريم.
وأوضح أن الخط الصيني يعود إلى أكثر من 3000 عام، وكان في البدء عبارة عن رموز تُنحت على عظام، ثم رسمت على جلود الحيوانات، لتنتقل إلى الورق، وهناك أربعة أنواع أساسية للخط الصيني، وتتفرع عن كل مدرسة ألوان متباينة من الخطوط.
وحول صعوبة الخط الصيني، رأى وانغ أنها تتجلى في الحفظ، لأن تكويناته ليس حروفاً، بل كلمات يجب أن تحفظ كما هي.
الجلي الديواني
وتشارك الفنانة مريم البلوشي في المعرض بلوحة كتبت فيها بخط الجلي الديواني: «من لانت كلمته وجبت محبته»، ويأتي تصميم العمل مائلاً إلى جانب اليسار، وهدفه تقديم قوة الكلمة، حسب مبدعة اللوحة التي اعتبرت أن ليونة الكلمات هي التي تخلق الجسور بين الناس.
وأشارت إلى أن الفن أحد أهم الركائز لخلق الشراكات بين الشعوب، وقد اختارت اللوحة لهذا المعرض لأنها مكتوبة بالحبر الأسود وعلى ورق ياباني، بينما امتداد الحروف يأتي متشابكاً للتعبير عن التطلعات والطموح، كما أن لوحتها تحمل بعداً إنسانياً.
وذكرت أن الخط الصيني يعتمد على الأشكال والرموز والرسم، ورغم أن أبناء تلك الثقافة معتادون على التكنولوجيا، إلا أنهم يعتزون بخط اليد والورق والحبر، منوهة بأن ذلك الاعتزاز بالهوية يعد عاملاً مشتركاً ما بين الصين ودولة الإمارات.
مخطوط من التاريخ
من جهته، عمد الفنان عمران البلوشي إلى تقديم لوحة مستخدماً فيها خطاً عمره أكثر من 1000 عام، موضحاً أنه استوحى لوحته من المخطوطات القديمة، ولكنه استخدم فيها ألواناً جديدة، مع الحفاظ على هوية الخط كما كان يكتب، وهو يجمع بين الحدة والليونة.
وأضاف أنه يستعين كثيراً بالبحث في التاريخ، ليختار الخطوط القديمة التي لم يتم توارث تقنياتها وطريقة كتابتها، لذا يقوم بما يعرف بعملية هندسة عكسية تتيح له استنباط الأساليب التي كتبت فيها الحروف، وأكد أن التحديات الأبرز في تقديم هذه الأعمال هو استنباط أشكال الحروف والكلمات واتصالاتها، وكذلك وضع العمل في قالب جديد ولون جديد، مع الإشارة إلى أن هذه الخطوط صعبة القراءة، وتحتاج إلى مجهود.
«جوهرة»
وبلوحة تحمل عنوان «جوهرة»، تشارك الفنانة فاطمة الحمادي في المعرض، مؤكدة أن التكوين الفني للعمل شبيه بالجوهرة بالفعل، إذ تتداخل فيه الحروف العربية مع الألوان، وتبدو النقاط التي تستخدم في اللغة العربية، كما لو أنها لآلئ.
وقالت إنها استخدمت الأكريليك والأحبار، ومجموعة من المواد التي تؤمن البروز على الكانفاس، مبينة أن مشاركتها تقدم الانطباع بأن الفنان يمكنه أن يكون خطاطاً، مع وجود البصمة اللونية التي تتيح رسم الحروف وليس كتابتها، لأن تكوين اللوحة عبارة عن تداخلات للحروف العربية وتراقصها على اللوحة.
وعن تباين الألوان في اللوحة، أوضحت أنها استخدمت لون الكهرمان، وسعت إلى التركيز على لون الأحمر المارون، كي تؤمن الانسجام والتناغم بين الحرف واللون.
نقاط تلاقٍ بين عالمين
شارك في الجلسة الافتتاحية للملتقى رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد، محمد المر، والقنصل العام للصين لدى دبي، أو بو تشيان، ورئيس جمعية الخطاطين الصينية، لي شين، ورئيس جمعية الإمارات لفن الخط، خالد الجلاف.
وقال محمد المر عن أهمية الملتقى وفنون الخط: «حرصت مكتبة محمد بن راشد منذ افتتاحها على أن تكون فضاء ثقافياً، لا يتكون من أماكن للقراءة فحسب، بل أيضاً أماكن لتبادل الأفكار والاطلاع على ثقافات الشعوب والاستمتاع بالفنون».
وأضاف أن الثقافتين العربية والصينية تلتقيان في العديد من النقاط، مشيراً إلى أن النهضة التي تشهدها الصين منذ 30 عاماً، وتحقيقها إنجازات أبهرت العالم في مجال الصناعة والتكنولوجيا، جذبا الانتباه إليها، خصوصاً في العالم العربي، ولفت المر إلى أن الخط في أوروبا لم يعد يستخدم بعد انتشار الطباعة، بخلاف العالم الإسلامي والعربي الذي حافظ على هذا الفن، وكذلك الحال في الصين، مشيداً بتشارك الإمارات والصين في احترام فن الخط وتقديره.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.