عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

ترامب يجرّ أميركا إلى الاستبداد.. ونايجل فاراج سيفعل المثل في

باتت التحذيرات في الولايات المتحدة من طموحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الهادفة إلى صلاحيات مطلقة، والتي تم رفضها سابقاً، باعتبارها مبالغاً فيها و«هستيرية»، تبدو الآن غير كافية، حيث تحرك ترامب بسرعة تفوق كل ما تصوره الجميع، لإضعاف الضوابط المؤسسية المفروضة على سلطته، سواء في المحاكم، أو الجامعات، أو الخدمة المدنية أو الصحافة، وبدأ الآن العمل على إسكات منتقديه، بل يبدو أنه نجح في حظر قطاعات واسعة من المعارضة.

وشهد الأسبوع الماضي إجبار شبكة «إيه بي سي» التلفزيونية، المملوكة لشركة «ديزني»، على إيقاف برنامج «جيمي كيميل لايف»، بعد تعليقات أدلى بها مقدم البرنامج حول مقتل الناشط اليميني، تشارلي كيرك.

وفي الواقع لم ينتقد كيميل الناشط كيرك بحد ذاته، وهو عمل يعد الآن بمثابة الكفر في الولايات المتحدة، وإنما انتقد ردة فعل أعضاء الكونغرس الجمهوريين على مقتل كيرك، لاسيما سعيهم إلى «تحقيق مكاسب سياسية منه».

كان ذلك كافياً لدفع رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية، برندان كار، المعيّن من قبل ترامب، وهي الهيئة التي تمنح تراخيص البث أو تلغيها، إلى الظهور متحدثاً بحماسة، قائلاً: «يمكننا القيام بذلك بالطريقة السهلة أو الصعبة»، ونجح هذا التهديد وأصبح كيميل خارج البرنامج.

وبالطبع، هذه ليست المرة الوحيدة، إذ يحاول ترامب ترويع أكبر الصحف الأميركية، حيث رفع قضية مطالباً بتعويض قدره 15 مليار دولار على صحيفة «نيويورك تايمز»، متهماً الصحيفة بأنها تنشر رسالة كاذبة ومشوهة، وتملك هذه الصحيفة الموارد الكافية كي تقاوم، لكن الصحف الأميركية الأصغر حجماً ستفهم الرسالة بالتأكيد، ولا يمكن لأحد أن يلوم هذه الصحف إذا امتنعت عن توجيه انتقادات لترامب، لمجرد أنها لا تملك المال الكافي للدخول في صراعات قضائية ضد الرئيس.

لكن هجوم إدارة ترامب لا يقتصر على وسائل الإعلام فحسب، فقد كان مقتل كيرك فرصة بالنسبة لها لقمع المعارضة أيضاً، ويشهد على ذلك الوعد الذي قطعه أحد مساعدي ترامب، وهو ستيفن ميلر، هذا الأسبوع، على «بودكاست تشارلي كيرك»، بمحاربة جميع المنظمات اليسارية التي تصدر «رسائل تهدف إلى التحريض على العنف»، وليس من المستبعد أن يعرّف ميلر هذه الفئة تعريفاً واسعاً، بحيث تشمل معظم معارضي ترامب، وإذا بدا هذا مثيراً للقلق، فتذكروا أنه حتى قبل اغتيال كيرك، كان ميلر يصف الحزب الديمقراطي بأنه «منظمة متطرفة محلية».

صحيح أننا في المملكة المتحدة بعيدون كل البعد عن الوضع الحالي في الولايات المتحدة، لكن في الأسبوع الماضي خرج ما بين 110 آلاف و150 ألف بريطاني إلى شوارع لندن، ملبين نداء المحرض اليميني المعروف، تومي روبنسون.

ومن الجدير التأكيد على أن هذه لم تكن مسيرة إصلاحية أو محافظة قام باختطافها روبنسون، بل كانت هذه فعاليته، ويدرك البريطانيون من هو روبنسون وماذا يمثل، ومع ذلك زحف نحو 150 ألفاً منهم خلفه، ولم يثنهم عن ذلك أولئك الذين وصفوه بالاحتجاج اليميني المتطرف، ولا حتى الخطاب العنصري الذي انبعث من المنصة.

تتميز بتاريخ حافل بالإعجاب في حصر اليمين المتطرف على الهامش، وضمان عدم إظهاره، حتى الآن، لذا ينبغي فهم ما حدث، يوم السبت الماضي، باعتباره نقطة تحول نحو الأسوأ، وليس السبب خطاباً واحداً بعينه.

وقال رجل الأعمال الأميركي، إيلون ماسك، عبر الفيديو للجمهور: «العنف قادم إليكم، فإما تواجهونه أو ستموتون»، وأضاف أن «الحكومة العمالية، المنتخبة ديمقراطياً منذ عام، يجب عليها أن تحل نفسها»، وهذا يعتبر أحد أقوى الأشخاص في العالم، ويصدر مثل هذه الدعوة التي لا تعد انتهاكاً للقانون فقط، وإنما تبدو كأن ماسك يعطي الموافقة سلفاً على قيام عنف سياسي يميني في بريطانيا.

لكن رئيس الحكومة لم يسارع إلى إدانة هذا التدخل الصارخ في سياستنا، وبالفعل لم يصدر عن رئاسة الحكومة أي تصريحات بهذا الصدد، حتى دفعته أسئلة الصحافيين ومطالب النواب في اليوم التالي، وغالباً ما نلقي باللوم على المذنبين بالمبالغة في رد الفعل، لكن في لحظة كهذه فإن قلة رد الفعل هي الخطيئة الأكبر.

تظهر استطلاعات الرأي حقيقة مفجعة للغاية، إذ إن أحد الأحزاب القومية والشعبوية في طريقه للتغلب على حزبَي العمال والمحافظين في الانتخابات المقبلة، وعلى الأرجح أنه سيشكل الحكومة المقبلة، وربما

ليس رئيس حزب الإصلاح، نايجل فاراج، من أنصار تومي روبنسون، لكنه أبرز مؤيدي ترامب في بريطانيا، فهو لا يدين الاندفاع الأميركي الحالي نحو الاستبداد، بل يقف إلى جانب المسؤولين عنه، وإذا أردنا منع فاراج من أن يفعل ببريطانيا ما يفعله ترامب بالولايات المتحدة، فعلينا وقف زحف حزبه.

تتمثل أول خطوة في هذا المجال في التخلص من جوهر ادعاء فاراج، الذي مفاده أنه يتحدث باسم الشعب البريطاني، وأن وجهات نظره تعكس وجهات النظر «المنطق السليم» للأغلبية الصامتة، لكن هذا ليس صحيحاً، ففي كل قضية يعتبر فاراج حالة شاذة، يعبّر عن مواقف أقلية صاخبة، لكنها غالباً ما تكون صغيرة.

لقد كان هو المدافع الرئيس عن انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي «البريكست»، وهو قرار كان بمثابة الكارثة، حيث يقول 31% من البريطانيين إنه كان خطوة صحيحة، لكن في الحقيقة فإن 56% تفضّل العودة إلى الاتحاد الأوروبي، وتريد إعادة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن فاراج في الجهة الخطأ من ذلك العدد.

لقد روج بقوة للانسحاب من اتفاقية الاتحاد الأوروبي حول حقوق الإنسان، وإذا كنت تقرأ صحف اليمينيين، فإنك ستفترض بأن هذا هو رأي الأغلبية، وهذا خطأ، إذ إن تأييد البقاء في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان يقارب 60%، وقد ازداد في الواقع مع ازدياد النقاش حول الموضوع، ولهذا فإن فاراج خارج عن إجماع الشعب البريطاني.

لكن من المؤكد أنه منسجم مع الرأي العام في القضية التي خصصها لنفسه، وهي الهجرة، ففي يبدو أن حزب العمال قد بنى استراتيجيته السياسية بأكملها على هذا الافتراض، ومع ذلك تروي الأرقام قصة مختلفة، فبينما يعتقد 81% من ناخبي حزب الإصلاح أن المهاجرين قضوا على الثقافة البريطانية، فإن 31% فقط من البريطانيين عموماً يعتقدون ذلك، وإذا سألت عن تأثير المهاجرين في الاقتصاد، ستحصل على صورة مماثلة، «الإصلاح» هو ما يفتقد الواقعية.

ويمكنك الاستمرار في هذا النهج، ويجب على حزب العمال أن يفعل ذلك، مشيراً إلى أن فاراج يتحدث باسم الفئات المهمشة، لا الوسطية.

البريطانيون أيضاً لا يؤيدون تسليم اللاجئين الأفغان إلى حركة «طالبان»، كما يطالب فاراج، ولا يوافقون على أن تصبح بريطانيا مثل كوريا الشمالية، ولا يعتبرون شخصاً يجلس في واشنطن ويتحدث مع البريطانيين عن بعد، بأنه شخص وطني، ولا يعتقدون أن إجراءات رئيسة الحكومة السابقة، ليز تروس، التي دفعت الاقتصاد البريطاني إلى الانهيار، تمثل «أفضل ميزانية للمحافظين منذ عام 1986»، على حد تعبير نايجل فاراج.

يجب على معارضي حزب الإصلاح أن يكشفوا كل هذه الفجوات بين فاراج والناخبين، بحيث تتم إعادة تصويره باعتباره شخصية هامشية، لكن لا يمكن أن تكون هذه مهمة حزب العمال أو الديمقراطيين الليبراليين وحدهم، إذ إن أي حزب يدعي تقدير أهمية الديمقراطية، بمن فيها ما بقي من حزب المحافظين، ويرى كيف تؤدي الشعبوية القومية بسرعة إلى الاستبداد، عليه بذل الجهد نفسه وبسرعة، جميعنا يفعل ذلك، بينما يتعلم الأميركيون على حسابهم، لا يمكنك التأخير، وإلا فإن الحريات التي ظننت أنها ستدوم إلى الأبد قد تتلاشى في غمضة عين. *جوناثان فريدلاند    كاتب في «الغارديان»   عن «الغارديان»

• يجب على معارضي حزب الإصلاح كشف الفجوات بين فاراج والناخبين، لتتم إعادة تصويره باعتباره شخصية هامشية.

• ترامب يحاول ترويع أكبر الصحف الأميركية، حيث رفع قضية مطالباً بتعويض قدره 15 مليار دولار على صحيفة «نيويورك تايمز».

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا