تحقيق: محمد الماحي
ازدادت حالات الوقوع في فخ الإعلانات المضللة على مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، كما تتعدد وتتجدد الأساليب يوماً بعد يوم، وذلك مع نمو التسويق الإلكتروني بوتيرة متسارعة، حيث يعمل المحتالون على جذب المتسوقين بفرص مغرية لنهب أموالهم، بل ويستخدمون بعض مشاهير «السوشيال ميديا» كوسيلة لاصطياد الزبائن، وعلى الرغم من انتشار جرائم الاحتيال الإلكتروني، إلا أن الأجهزة الأمنية لم تقف مكتوفة الأيدي حيال هذه الجريمة المنظمة، وكثفت جهودها للقبض على هؤلاء المحتالين، وذلك بالتوازي مع حملات توعية تحذر من الإعلانات الإلكترونية الوهمية.
شهدت ساحات المحاكم خلال الآونة الأخيرة، قضايا عدة لضحايا عمليات احتيال تستهدف الباحثين عن العروض المغرية على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع التسوق الإلكتروني، عبر استدراجهم بعروض رقمية بمستوى احترافي، يستخدم فيها صوراً عالية الجودة ومحتوى تسويقي جذاب.
إجراءات قانونية
ضبطت شرطة أبوظبي مؤخراً محتالاً استدرج ضحيته عبر رابط وهمي واستولى على أمواله، وتم إحالته للتحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، وفي الوقت ذاته حذّرت من 5 إعلانات أخرى هي الأكثر انتشاراً على وسائل التواصل الاجتماعي، وتشترك في أسلوب واحد وهو استدراج الضحية بسعر مغري وغير منطقي للسلع.
وكشفت أن هذه الإعلانات تشمل تأجير وبيع شاليهات وشقق ومنازل، إذ عرض أحدهم شقة للإيجار بقيمة 60 ألف درهم سنوياً في حين أن قيمة الإيجار الفعلية تصل إلى 250 ألفاً، وقال رئيس قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية في مديرية التحريات والتحقيقات الجنائية، المقدم علي فارس النعيمي، إن الإعلانات الاحتيالية تشمل تأجير شاليهات وشقق وبيع مواشٍ وأعلاف، ومجالس منزلية داخلية وسيارات، وخدمات عمالة مساعدة.
عروض وهمية
فيما حذّرت شرطة رأس الخيمة من انتشار مقاطع ترويجية وهمية لعروض صيفية على فلل ومزارع سياحية، تتضمن مسابح خاصة وإطلالات خلابة بأسعار لا تتجاوز 300 درهم لليلة، مؤكدة أن بعض هذه المقاطع يُستخدم كوسيلة احتيال رقمي تنفذها عصابات محترفة، تقوم بتعديل مقاطع عقارات حقيقية وطرحها مجدداً عبر حسابات وهمية وروابط مجهولة. وأكدت أن هذه العروض المغرية التي تنتشر بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي خلال موسم الصيف، تخفي وراءها عمليات نصب واحتيال ممنهجة، تستغل سرعة حجز العملاء وثقتهم بالصور والمقاطع المنشورة، دون التأكد من مصدر الإعلان أو هوية المعلن.
في المقابل، حذّرت شرطة الشارقة من عمليات احتيال إلكتروني تندرج تحت غطاء عروض وهمية لمطاعم تقدم وجبات سريعة، حيث يتم سرقة الحسابات البنكية بعد إدخال البيانات الخاصة بالشخص والقيام بإتمام عملية الدفع، بحيث يتم سحب آلاف الدراهم، أي أن 20 درهماً قد يتم سحبها 2000 درهم.
وقال العقيد الدكتور خليفة يوسف بالحاي، مدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية بشرطة الشارقة، إن جرائم الوظائف الوهمية والإعلانات الزائفة من أبرز أنماط الاحتيال الإلكتروني التي رصدت خلال هذه المدة، وتعتمد على استدراج الضحايا عبر إعلانات توظيف أو عروض بيع مغرية على منصات إلكترونية مشبوهة، بهدف سرقة البيانات الشخصية أو تحصيل مبالغ مالية بطرق احتيالية.
عروض رقمية
قضايا عدة شهدتها ساحات المحاكم خلال الآونة الأخيرة، لضحايا عمليات احتيال تستهدف الباحثين عن العروض المغرية على مواقع التواصل الاجتماعي والتسوق الإلكتروني، ومن أحدث هذه القضايا، أقامت امرأة دعوى طالبت فيها بإلزام شابين بأن يؤديا لها 65 ألفاً و550 درهماً، وإلزامهما بمبلغ 20 ألف درهم تعويض جابراً للأضرار التي ألمت بها، مع إلزامهما أيضاً الرسوم والمصروفات ومقابل الأتعاب، وذلك لأنها اتفقت معهما عبر «فيس بوك» لاستئجار شقة سكنية وحولت لهما مبلغ المطالبة، إلا أنهما تهرّبا منها بعد حصولهما على الأموال، فتبين أنها وقعت ضحية نصب واحتيال، وأرفقت سنداً لدعواها صور ضوئية من تحويلات بنكية ورسائل التواصل الاجتماعي وهوية المدعى عليهما.
وفي قضية أخرى كشف ضحية احتيال إلكتروني أنه شاهد إعلاناً على إحدى منصات التواصل الاجتماعي لبيع خيمة بجميع ملحقاتها من أثاث وكنب، ثم تواصل مع رقم المعلن عن طريق «واتس أب»، لمعرفة سعر الخيمة بملحقاتها، فأخبره بأنها بمقابل 16 ألف درهم، وطلب تحويل عربون بقيمة 10 آلاف درهم، ليقوم بتجهيزها، وأرسل إليه كل بيانات حسابه.
وأضاف أنه أخبر المحتال بأنه سيقوم بتحويل 4000 درهم فقط، وسيدفع بقية المبلغ بعد وصول الخيمة وتركيبها مع الأثاث، وبالفعل كتب المحتال فاتورة وأرسلها إليه، ما جعله يعتقد أن عملية الشراء آمنة وموثوقة، لكن الشك دخل إلى قلبه لأن المحتال كان يراسله فقط عن طريق الكتابة، رغم أنه كان يحاول أن يتصل به هاتفياً أو يرسل إليه رسالة صوتية، وما زاد الشكوك أنه عندما دخل إلى حساب المحتال على «فيسبوك» وجد أن خاصية التعليقات مغلقة، فضلاً عن وجود أكثر من حساب مزيف للشخص نفسه.
الإعلانات الزائفة
يحوز كثير من المحتالين الإلكترونيين ثقة ضحاياهم، وذلك بسبب نشر إعلانات عن أنشطتهم على صفحات المشاهير والمؤثرين الاجتماعيين، وهو ما أكدته دائرة القضاء في أبوظبي، ولفتت إلى أن طريقة الاحتيال عبر المجموعات الاستثمارية الوهمية في الأسهم والعملات المشفرة والعقار، تتضمن خطوات محددة ومتكررة، ولفتت إلى قابلية الضحية إلى منح الثقة بسهولة للآخرين والرغبة في الثراء السريع.
ورصدت «الخليج» انتشار عدد من الإعلانات المنسوبة إلى شركة «سالك» على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تدعو للاستثمار فيها عبر وسطاء، مستخدمة في ذلك مجموعة من المشاهير والشخصيات العامة، لكن الشركة حذرت عبر منصاتها من الوقوع في فخ الإعلانات الزائفة، وأشارت إلى أن المحتالين يلجأون عادة إلى هذا الأسلوب لاستدراج العملاء، وأكّدت عدم صحة جميع الإعلانات المتداولة والمنسوبة إلى مشاهير تحت ذريعة توفير فرص استثمارية مجزية بالشركة.
مهارات عالية
أكد خبراء أن أدوات الذكاء الاصطناعي سهّلت عمل المحتالين، خصوصاً مع سهولة إنشاء المواقع الإلكترونية، وأوضحوا ل«الخليج» أن هذه الممارسات تندرج تحت بند الاحتيال الإلكتروني، وتصل عقوبتها القانونية إلى الحبس سنة واحدة وغرامة لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تتجاوز المليون، أو بإحدى العقوبتين.
وقال عبدالنور سامي، خبير الأمن السيبراني، أن الإعلانات المدفوعة على وسائل التواصل الاجتماعي وعلامات التوثيق الزرقاء لم تعد كافية، مشيراً إلى أنها أصبحت متاحة بمبالغ رمزية، وإن إنشاء المواقع الإلكترونية لم يعد يتطلب مهارات تقنية عالية، بعدما سهّلت أدوات الذكاء الاصطناعي عمل المحتالين.
وأضاف أن مستخدمي الإنترنت ينجرفون خلف العروض المغرية باستمرار، بغض النظر عما إذا كانت حقيقية أو وهمية، وأن سر نجاح الحملات الإعلانية الاحتيالية هو إطلاقها في توقيت العروض الحقيقية بغرض محاكاتها وسرقتها.
وأوضح أن الحملات تظهر على منصات «التواصل» نتيجة حديث مع الأصدقاء عن المطاعم والسفرات والعروض، مثلا، وتقترح الخوارزميات إعلانات تناسب ما تحدثوا عنه بغض النظر عما إذا كان الإعلان المدفوع حقيقياً أم احتيالياً.
وأفاد المتخصص التقني محمد الشامسي، بأن أغلب عمليات الاحتيال الإلكتروني تستهدف الزبائن بشكل شرس في فترة المناسبات مثل عروض العيد والعام الجديد، إضافة إلى مهرجانات التسوق في الجمعة السوداء والبيضاء، حيث تكثر العروض ويصعب على الفرد التمييز بين الحقيقي والمزيف، ما يؤدي إلى وقوعه في فخ الاحتيال، موضحاً أن العملية تتم عبر الروابط الإلكترونية باستغلال مشاعر الناس مثل طرح روابط التبرعات والحالات الإنسانية وروابط الخصومات.
ويتفق معه المستشار القانوني عبدالله الكعبي، ويؤكد أن مثل هذه الممارسات تندرج تحت بند الاحتيال الإلكتروني، وتشمل كل من استولى لنفسه أو لغيره بغير حق على مال منقول أو منفعة، أو على سند أو توقيع هذا السند، بالاستعانة بأي طريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب، أو انتحال صفة غير صحيحة عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو نظام معلومات إلكتروني، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات.وأشار إلى أنه يُعاقب بالحبس وغرامة لا تقل عن 20 ألف درهم ولا تزيد على 500 ألف درهم أو بإحدى العقوبتين، كل من ارتكب عن طريق الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات أو موقع إلكتروني، أحد الترويج لسلعة أو خدمة عن طريق إعلان مضلل أو أسلوب يتضمن بيانات غير صحيحة، والإعلان أو الترويج أو التوسط أو التعامل بأي صورة، أو التشجيع على التعامل على عملة افتراضية أو عملة رقمية أو وحدة قيمة مخزنة، أو أي وحدة مدفوعات غير معترف بها رسمياً في الدولة، أو دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة».
استهداف المشاعر واستغلال وسائل التواصل
يدرس المحتالون الشريحة المجتمعية المستهدفة من أجل سهولة التأثير على أفرادها، وذلك بمعرفة احتياجاتهم وتوجهاتهم وقراراتهم. هذا ما أوضحه الدكتور نواف النعيمي اختصاصي الطب النفسي، وأشار إلى أنهم يؤثرون على الشريحة التي تتخذ قراراتها اعتماداً على مشاعرهم وليس المنطق.وقال إن المجتمعات الحديثة باتت تقوم على أساس سرعة وفاعلية وسائل التواصل الإلكترونية بين الأفراد، ومؤسسات الدولة من جهة أخرى، وهو ما فتح مجالاً خصباً لنوع جديد من الجريمة والمجرمين وهو الجريمة الإلكترونية، والتي يجول روادها في مواقع التواصل الاجتماعي المعروفة مثل«تويتر، فيسبوك، انستغرام وسناب شات» وغيرها.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.