أكدت مديرة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» في دولة الإمارات، ساجدة الشوا، أن عدد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية عاجلة حول العالم بلغ نحو 300 مليون شخص، وفقاً لأحدث تقارير المكتب الأممي.
وقالت لـ«الإمارات اليوم» إن الأزمات الإنسانية تشهد تصاعداً غير مسبوق بفعل الصراعات المسلحة والكوارث الطبيعية وتداعيات التغير المناخي، ما يجعل التعاون الدولي واجباً إنسانياً مُلحّاً، وليس خياراً سياسياً.
وأوضحت أن العمل الإنساني لم يعد معزولاً عن السياقات السياسية والاقتصادية والأمنية والتكنولوجية، فالعالم اليوم مترابط إلى حدٍّ كبير، تتداخل فيه الأزمات الاقتصادية والسياسات الدولية والأمن السيبراني في تشكيل واقع النزاعات وتحركات البشر.
وأضافت أن المنتدى الاقتصادي العالمي يمثل منصة دولية رائدة لتبادل الرؤى والحلول المبتكرة بين صناع القرار والخبراء والعاملين في مختلف القطاعات، مشيرة إلى وجود مجلسين متخصصين في العمل الإنساني والقضايا الجيوسياسية، يناقشان سبل إعادة هيكلة منظومة المساعدات الإنسانية لتكون أكثر كفاءة واستدامة، مع توسيع دور القطاع الخاص والمؤسسات المحلية في تعزيز فعالية الإغاثة، وتحقيق أثر أعمق في المجتمعات المتضررة.
وأوضحت الشوا أن مكتب «أوتشا» في الإمارات يصدر سنوياً تقريراً شاملاً حول الاحتياجات الإنسانية العالمية، وقد كشف أحدث التقارير عن فجوة تمويلية حادة في خطة الاستجابة الأممية، إذ لا يتجاوز متوسط التمويل 15% من إجمالي المتطلبات، وهو أدنى مستوى تمويلي تشهده المنظمة منذ إطلاق برامجها الإغاثية، محذرة من أن هذه الفجوة تهدد «شريان الحياة» لملايين المحتاجين في العالم.
وأكدت أن التمويل الإنساني ليس مجرد أرقام، بل هو الأساس الذي يقوم عليه العمل الميداني الإغاثي، موضحة أن محدودية الموارد أجبرت الأمم المتحدة على تقليص عدد المستفيدين، على الرغم من ازدياد أعداد المحتاجين يوماً بعد يوم. وقالت: «المأساة الحقيقية ليست في تعدد الأزمات، بل في ندرة التمويل».
كما حذّرت من تسييس المساعدات الإنسانية، معتبرة أن استخدامها ورقة ضغط أو تفاوض في بعض مناطق النزاع يمثل خرقاً صريحاً للمبادئ الإنسانية المحايدة التي تحكم عمل الأمم المتحدة.
وأشارت إلى تزايد استهداف العاملين في الميدان الإغاثي، مؤكدة أن المساس بهم يعني عملياً حرمان الملايين من آخر أمل لهم في النجاة.
وثمّنت الشوا موقف دولة الإمارات التي كانت من أولى الدول الموقّعة على اتفاقية حماية العاملين في المجال الإنساني التي أُقرت في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل شهرين، معتبرة أن ذلك يعكس نهج الإمارات الثابت في ترسيخ القيم الإنسانية العالمية.
وأشادت بالدور الريادي للإمارات في مجال العمل الإنساني، مؤكدة أنها أكبر مانح للمساعدات الإنسانية على مستوى العالم، بحجم الدعم وسرعة الاستجابة وكفاءة التنفيذ، مشيرة إلى أن مدينة دبي الإنسانية تعد أكبر منصة لوجستية للإغاثة عالمياً، قادرة على إيصال المساعدات إلى أي منطقة منكوبة خلال 24 ساعة فقط من وقوع الأزمة، بفضل الشراكة الوثيقة بين «أوتشا» ووزارة الخارجية الإماراتية والشركاء الدوليين.
وأضافت أن ما يميز الإمارات هو دبلوماسيتها الإنسانية الناعمة، التي لا تقتصر على إيصال المساعدات، بل تمتد إلى دعم جهود السلام ووقف إطلاق النار، وتأمين ممرات إنسانية آمنة، معتبرة أن هذه المقاربة المتكاملة تمثل نموذجاً عالمياً يحتذى في الدمج بين السياسة والعمل الإنساني.
وكشفت عن إطلاق الأمم المتحدة أخيراً خطة شاملة، تحت عنوان «ذا ريفورم – The Reform» لإعادة هيكلة منظومة العمل الإنساني الدولي، بقيادة وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، وتهدف إلى دمج الشركاء المحليين، وتوحيد الأهداف، وتعزيز دور القطاع الخاص، ليس فقط كمصدر تمويل، بل كشريك معرفي وتقني في توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتحسين الاستجابة للأزمات.
وأشارت الشوا إلى أن مكتب «أوتشا» في الإمارات يولي أهمية خاصة لاستخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في العمل الإنساني، من خلال مراكز الإنسانيات (Humanitarian Data Centers) التي تجمع المعلومات من مختلف الشركاء في العالم لتكوين قاعدة بيانات دقيقة تُستخدم في التنبؤ بالكوارث، وتوجيه المساعدات بكفاءة أعلى، مؤكدة أن التكنولوجيا أصبحت عنصراً محورياً في إنقاذ الأرواح وتحقيق العدالة الإنسانية.
وفي سياق الدبلوماسية المناخية، أوضحت الشوا أن المكتب شارك بفاعلية خلال مؤتمر الأطراف «كوب 28»، حيث تم تنظيم أول يوم إنساني في تاريخ مؤتمرات المناخ بدعم من دولة الإمارات، لتسليط الضوء على الأبعاد الإنسانية لتغير المناخ.
وقالت: «استضفنا أكثر من 60 شريكاً دولياً، و15 ممثلاً من الدول الأكثر تضرراً من التغير المناخي، في سابقة جمعتهم على طاولة واحدة مع صناع القرار».
وأضافت أن المؤتمر شهد أيضاً إطلاق صندوق التمويل الطارئ للأزمات الإنسانية المناخية (H-Fund)، الذي يهدف إلى دعم الدول المتأثرة خلال 24 إلى 48 ساعة من وقوع الأزمات، في خطوة غير مسبوقة تعكس الريادة الإماراتية في سرعة الاستجابة المناخية.
وتطرقت الشوا إلى مجالات الدبلوماسية الشبابية والأكاديمية، مشيرة إلى التعاون المستمر مع أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية وعدد من الجامعات الإماراتية لتعريف الجيل الجديد من الدبلوماسيين بمبادئ العمل الإنساني، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عنه، وتمكين المرأة الإماراتية في الجهود الإغاثية الدولية.
تحديات إنسانية
شددت ساجدة الشوا على أن التحديات الإنسانية المتصاعدة في 127 دولة تتطلب تضامناً دولياً متجدداً، مؤكدة أن العمل الإنساني سيبقى الركيزة الأساسية للأمن والاستقرار العالمي.
وقالت: «الثابت الوحيد في عالمنا المتغير هو التغيير نفسه، والاستجابة الإنسانية يجب أن تتطور معه بالمرونة، والشراكة، والتكنولوجيا».
• %15 متوسط تمويل متطلبات البرامج الإغاثية، وهو أدنى مستوى تمويلي تشهده المنظمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.