عرب وعالم / الامارات / صحيفة الخليج

التدخين بين الطلاب.. تقليد وفضول ورغبة في التجربة

تمثل ظاهرة التدخين بين الطلبة والطالبات تحدياً كبيراً، حيث تشير الدراسات إلى أن نسبة المدخنين بين طلبة المدارس، من 13 إلى 18 عاماً، تزيد على 13%، كما كشفت أن الدافع وراء ذلك هو تقليد الكبار والفضول والرغبة في التجربة، لكن هناك أسباباً أخرى كشفها طلبة مدخنون ل«الخليج» في هذا التحقيق. وهي أسباب يستدعي التعامل معها بجدية سعياً للحد من زيادة انتشار هذه الظاهرة، فيما استعرض مختصون نفسيون عدة حلول غير نمطية لمواجهة هذه الظاهرة وحماية أبنائنا.
تشارك مختلف الجهات سنوياً في حملات توعوية تحث الطلبة على الابتعاد عن الظواهر السلبية ومنها التدخين، وذلك بتنظيم محاضرات تثقيفية توضح خطورته على الصحة وتسببه في أمراض القلب والرئة وغيرها، كما تضيء على دور الأسرة والبيئة المحيطة.
في حديثهم ل«الخليج» فضّل الطلبة عدم ذكر أسمائهم، لذا سنشير إليها بالأحرف الأولى فقط، وأوضح (ع.س.م) الطالب في الصف الحادي عشر، عن تجربته قائلاً: «منذ صغري، كنت أرى بيئتي والرجال الكبار من حولي يدخنون، وكنت أشعر أن هذا الأمر جزء من العادات والتقاليد، وبدأت التدخين منذ الصف الثامن، وأصبحت أكثر تعلقاً به مع مرور الوقت».
وأشار إلى أن تعلقه بالتدخين يزداد في أوقات التوتر والضغط النفسي، حيث يجد فيه متنفساً وحيداً يساعده على تحسين مزاجه والتخفيف من ضغوط الحياة اليومية.
فيما قال (ح.س.س) الطالب في الصف التاسع، إن الأسباب التي دفعته إلى تجربة التدخين في سن مبكرة، اعتقاده الخاطئ بأنه يرتبط بمفهوم الرجولة، وأضاف: «كنت أظن أن التدخين يعزز ثقتي بنفسي ويجعلني أشعر بقيمتي كرجل، لكنني أدركت لاحقاً أن هذا التفكير كان خطأ».
وأوضح أنه بدأ يلاحظ الآثار السلبية في صحته وأدائه الدراسي، ما دفعه لإعادة التفكير، داعياً زملاءه إلى تجنب الوقوع في هذا الفخ الذي يخدع الكثير من المراهقين، مؤكداً أن الثقة بالنفس لا يمكن أن تأتي من عادات ضارة.

الفراغ الداخلي


قالت شيماء علي ناصر، الطالبة في الصف الثاني عشر، إنها تعرف زميلات لجأن إلى السجائر الإلكترونية وأحياناً العادية بسبب ظروفهن الصعبة، وإن بعض الفتيات يعانين غياب الحنان الأسري والشعور بالفراغ الداخلي، ما يدفعهن إلى تبني هذه العادات كوسيلة لجذب انتباه الأسرة والمحيطين بهن، مشيرة إلى أن الطالبة قد تظن أن هذا السلوك يجعلها محط اهتمام، لكن مع مرور الوقت تدرك أنه اختيار خاطئ.
وأكدت أهمية التوعية بأضرار التدخين، سواء الإلكتروني أو التقليدي، مشددة على ضرورة أن تبدأ التوعية من المدارس، إلى جانب تعزيز الحوار المفتوح بين الأسر وأبنائها لمنع الشباب من الوقوع في هذه السلوكيات.
لجأ بعض الطلاب إلى التدخين كنوع من التقليد للأب فقط، ومنهم (غ.ع.أ) الطالب في الصف التاسع وقال: «منذ صغري كنت أرى والدي يدخن، وكنت أحبه وأعتبره قدوتي في كل شيء، لذلك كنت أشعر أن كل ما يفعله صحيح، وقررت أن أقلده. عندما كنت صغيراً، كنت أرى في تصرفات والدي نموذجاً أتبعه، لم أفكر حينها في عواقب الأمور، لأن الطفل يرى في والديه المثال الذي يحتذي به».

سن مبكرة


يرى مختصون نفسيون أن هناك عوامل نفسية واجتماعية تدفع الطلاب نحو تدخين السجائر في سن مبكرة، وأكد محمد الشاعر، أن أبرز هذه العوامل هي الرغبة في تقليد الأصدقاء أو أفراد العائلة، والحاجة إلى القبول والانتماء إلى مجموعات معينة، إضافة إلى استخدام التدخين كوسيلة للهروب من الضغوط النفسية اليومية.
أما على الصعيد الاجتماعي، فأشار إلى أن المحيطة تلعب دوراً كبيراً في انتشار التدخين بين الطلاب، حيث يتأثرون بوجود مدخنين في محيطهم، إلى جانب التأثير السلبي للإعلانات المروّجة للتبغ وسهولة الحصول عليه.
وأكد أهمية الاستراتيجيات النفسية في تحديد الطلاب المعرّضين لخطر التدخين، وأن المراقبة السلوكية أداة فعّالة لمتابعة التغيرات الاجتماعية والعاطفية، إضافة لإجراء مقابلات فردية لفهم مشاعرهم وضغوطهم، واستخدام الاستبيانات لقياس مستويات التوتر والضغط الاجتماعي.

الاكتئاب والقلق


أكد الشاعر أن التدخين يزيد من حدة المشاكل النفسية التي يعانيها الطلاب، مثل الاكتئاب والقلق، حيث يُعد عاملاً مضاعفاً لهذه المشاعر السلبية، كما أن الطلاب الذين يدخنون غالباً ما يعانون انخفاض تقدير الذات بسبب التأثيرات الصحية والاجتماعية للتدخين.
وأشار إلى ضرورة وضع استراتيجيات علاجية تسهم في مساعدة الطلاب المدخنين على الإقلاع عن التدخين، أبرزها العلاج السلوكي المعرفي الذي يهدف إلى تغيير الأفكار والسلوكيات المرتبطة بالتدخين، والتقنيات السلوكية التي تعمل على تحديد المحفزات التي تدفع إلى الإقلاع عن التدخين وتقديم بدائل صحية، إضافة إلى أهمية الدعم الاجتماعي، من خلال إنشاء مجموعات دعم للطلاب تعزز التواصل فيما بينهم، وتوفر لهم بيئة داعمة.

70 مادة مسرطنة


يشكل التدخين خطراً كبيراً على الصحة العامة، حيث يحتوي على أكثر من 70 مادة مسرطنة، منها القطران وأول أكسيد الكربون والمعادن، التي تؤدي إلى أضرار صحية. هذا ما أكده الدكتور جاسم عبدو استشاري أمراض الصدر والرئة، وأوضح أن التدخين يؤثر بشكل مباشر في الجهاز التنفسي، حيث يزيد من إنتاج المخاط، ويؤدي إلى السعال المزمن، وتضييق الشعب الهوائية، وضعف المناعة، وهشاشة العظام وضعف العضلات، كما أنه يجعل الجسم أكثر عرضة للالتهابات، ويؤثر سلباً في الحويصلات الرئوية، ما يرفع من خطورة الإصابة بالأورام.
وحذر من تأثير التدخين السلبي في الأطفال وطلبة المدارس، حيث يتسبب في التهابات الجهاز التنفسي واضطرابات النوم وضعف التركيز، مشيراً إلى أن مشاركة الأهل في التدخين تؤثر سلباً في صحة الأطفال النفسية والجسدية.
وأوضح الدكتور جاسم عبدو، أن التدخين في سن مبكرة كما في طلبة المدارس، يزيد من خطورة الإصابة بالأمراض، ويؤدي إلى تأخر النمو والإصابة بأمراض الجهاز التنفسي بشكل أسرع مقارنة بالكبار، كما يؤثر في اللياقة البدنية، ودعا إلى ضرورة التوقف عن التدخين، للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية، خاصة لدى صغار السن بما فيهم الطلبة، مشدداً على أهمية الاستعانة بالأطباء المختصين، واتباع نمط حياة صحي يشمل ممارسة الرياضة، وتناول الطعام الصحي، والحصول على كافٍ من النوم.

أساليب تربوية


يرى أولياء أمور أن مراقبة الأبناء مع اتباع الأساليب التوعوية المناسبة يساعد على حثهم على الابتعاد عن التدخين، وأكدت جيهان توفيق شعيب، أم لثلاثة أبناء، أنها حريصة على مراقبة أبنائها، وأنها تعتمد على عرض مقاطع تظهر معاناة المدخنين من آثار التدخين في صحتهم، خصوصاً تأثيره في الرئتين، لإيصال رسالة مؤثرة، مشيرة إلى أن هذا الأسلوب لا يقتصر على التوعية فقط، بل يسهم في تعزيز الرقابة الذاتية لديهم، حيث يدرك الأبناء المخاطر بأنفسهم دون الحاجة إلى التوجيه المستمر.
وأوضحت أن هذا الأسلوب ساعد على ابتعاد أبنائها عن رفاق السوء، مشددة على أهمية دور الأسرة في خلق بيئة إيجابية تحمي الأبناء من الوقوع في هذه العادة الضارة.

الإجراءات التأديبية..


أكدت دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي، أن استخدام أو ترويج أو امتلاك أو توزيع التبغ ومنتجاته الأخرى ومستلزماتها، مثل الشيشة والسجائر الإلكترونية أو التدخين الإلكتروني والولاعات والغليون، في حرم المدرسة أو على متن الحافلة أو أثناء الأنشطة المدرسية خارج المدرسة يصنف ضمن مخالفات المستوى الثاني وفقاً لمستويات سوء السلوك الواردة في المادة 7 من القرار الوزاري رقم 851 لسنة 2018 بشأن ميثاق إدارة سلوك الطلبة في مؤسسات التعليم العام.
ووفقاً لسياسة المدارس بشأن سلوك الطلبة، فإن الإجراءات التأديبية لمخالفات المستوى الثاني من مستويات سوء السلوك، تتضمن توجيه إنذار كتابي في المرة الأولى ويطلب من الطالب توقيع تعهد بعدم تكرار الفعل المخالف، واستدعاء ولي الأمر الذي يطلب منه توقيع اتفاقية تلزمه بدعمه في تصحيح سلوكه، وفي حال تكرار المخالفة يتم إيقاف مؤقت للطالب لمدة تصل إلى يومين وتكليفه بأداء واجبات دراسية داخل المدرسة مع إشعار ولي الأمر.
أما في حال ارتكاب المخالفة للمرة الثالثة، فيتم إيقاف الطالب مؤقتاً لمدة تصل إلى ثلاثة أيام وتكليفه بأداء واجبات دراسية وإصدار إنذار نهائي كتابي للطالب وولي الأمر، وفي حال ارتكاب المخالفة أكثر من ثلاث مرات، يتم إيقاف الطالب فوراً عن المدرسة حتى نهاية التحقيق ولمدة أقصاها 5 أيام وإشعار ولي الأمر، وإذا استمر الطالب في تكرار المخالفة يسمح للمدرسة بتقديم طلب إلى دائرة التعليم والمعرفة لفصل الطالب.

رفقاء السوء

أوضحت لمياء سعود المصعبي، الطالبة في الصف الحادي عشر، أنها لاحظت أن بعض الطالبات يعتبرن أن التدخين أمر عادي من باب التسلية والضحك، ما قد يدفع أخريات للتأثر بهنّ، وقد لا تدرك الطالبات خطورة هذا السلوك أو تبعاته الصحية والنفسية، لكن تأثير الصديقات يلعب دوراً كبيراً في اتخاذ القرار، وأكدت أن التصدي لهذه الظاهرة بين الطالبات يتطلب توعية مستمرة من الأهل والمدرسين، مع التشديد على أهمية انتقاء الصحبة الصالحة.

الدعم اللازم

أكد محمد الشاعر أهمية التعاون بين الأسرة والمدرسة، وتوفير الدعم اللازم للطلاب، وتعزيز التعاون بين الأسرة والمدرسة عبر إقامة ورش عمل توعوية تسلط الضوء على مخاطر التدخين للآباء والطلاب، وتقوية التواصل بين الطرفين لضمان متابعة حالات الطلاب بشكل دوري ورصد أي تغييرات سلوكية، كما دعا إلى تطوير توعوية داخل المدارس تُعنى برفع وعي الطلاب بمخاطر التدخين وتأثيراته السلبية في صحتهم وحياتهم.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا