أكد رئيس جامعة دبي، الدكتور عيسى البستكي، أن مستقبل التعليم في الإمارات يتجه نحو نموذج مفتوح بلا جدران ولا محددات زمنية، يعتمد على التعلّم الذاتي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، إذ يتمكن الطالب من التعلّم من أي مكان وفي أي وقت، بمرافقة «وكيل ذكي» يوجهه ويقيس تطوره، ما يجعل التعليم أكثر مرونة وشمولية واستدامة.
وكشف البستكي في حوار مع «الإمارات اليوم»، عن مفهوم «الجامعة الرشيقة»، التي تركز على التميز النوعي لا التوسع الكمي، وتحول المعرفة إلى قيمة اقتصادية عبر البحث التطبيقي والابتكار، لتسهم في تأسيس شركات ناشئة وتطوير براءات اختراع تعزز اقتصاد المعرفة وتنافسية الدولة.
وتفصيلاً، قال رئيس جامعة دبي، الدكتور عيسى البستكي: «إن معيار تقدّم الجامعات لم يعد يُقاس فقط بجودة التدريس أو عدد الأبحاث المنشورة، بل بقدرتها على تحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية عبر شركات ناشئة وبراءات اختراع ومنتجات تدعم الاقتصاد الوطني».
وأوضح أن التعليم العالي في الإمارات يمرّ بمرحلة جديدة تنتقل فيها الجامعات من إنتاج المعرفة إلى توظيفها في صنع الاقتصاد، مشيراً إلى أن الجامعات الرائدة عالمياً تُقاس اليوم بقدرتها على إنتاج ابتكاراتها وتسويقها.
وأضاف أن الجامعات المتقدمة لا تكتفي بالتدريس أو عدد الأبحاث، بل تخرّج شركات وتحوّل نتائج أبحاثها إلى منتجات تسهم في الناتج المحلي، مؤكداً أن الإمارات حققت تقدماً في مجال الابتكار، لكن المطلوب تسريع التحويل التجاري للأبحاث لتصبح ركيزة مستدامة للنمو الاقتصادي.
ورأى البستكي أن نموذج «الثلاثية الحلزونية (Tri-Helix»، القائم على تكامل أدوار الصناعة والجامعات، يمثل الإطار الأمثل لبناء منظومات ابتكار فاعلة، مؤكداً أن الإمارات حققت تقدماً في مؤشر الابتكار العالمي، خصوصاً في محور صناعة المعرفة، مشيراً إلى أن الطموح يتجاوز الأرقام الحالية، فـ«الابتكار لم يعد خياراً، بل ضرورة استراتيجية تنسجم مع رؤية الدولة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، إذ أصبحت المعرفة الوقود الحقيقي للاقتصاد الجديد».
وأكد البستكي أن التوجه الاستراتيجي للبحث العلمي في عصر التطورات التقنية والذكاء الاصطناعي يجب أن يكون متوازناً بين المعرفة الأساسية، والحلول التطبيقية، والابتكار التجاري، لضمان أن تكون الجامعات قادرة على تحويل البحث إلى قيمة اقتصادية ومجتمعية ملموسة.
وقال: «تتجسد الرؤية عملياً في تقسيم الأبحاث إلى: 50% أبحاثاً أساسية لبناء قاعدة معرفية لتطبيقات مستقبلية، 30% أبحاثاً تطبيقية لحل مشكلات الصناعة والمجتمع، و20% أبحاثاً تجارية تؤدي إلى براءات اختراع وشركات ناشئة، ما يربط البحث مباشرة بسوق العمل والاقتصاد الوطني».
وأشار إلى أن جامعة دبي عملت على مواءمة برامجها الأكاديمية مع التحولات التقنية، فأطلقت تخصصات متقدمة تشمل الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وتحليل البيانات، والتمويل التقني (FinTech)، والتسويق الرقمي، إلى جانب برنامج ماجستير إدارة الأعمال عن بُعد، المعتمد رسمياً من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ليتيح للطلاب التعلم بمرونة من أي مكان.
وأفاد بأن الجامعة تلتزم بالابتكار التطبيقي من خلال شراكات بحثية محلية وعالمية، منها التعاون مع مركز محمد بن راشد للفضاء لتحليل بيانات الأقمار الاصطناعية وتطوير خوارزميات ذكاء اصطناعي محلية، إضافة إلى مختبرات مشتركة مع شركات عالمية مثل «هواوي» لتطوير تقنيات الاتصالات والطائرات من دون طيار، بما يشمل تحسين الحمولة والسرعة والمدى وتطوير البطاريات، ليصبح الطلاب جزءاً من منظومة تعلم وبحث متكاملة تجمع بين المعرفة والابتكار والتطبيق العملي.
وشدّد رئيس جامعة دبي على أن سرعة التغير في المهارات والمعارف تفرض على الجامعات تبنّي ثقافة التعلّم مدى الحياة، التي تتيح للطالب تطوير مهاراته باستمرار ومواكبة متطلبات سوق العمل المتجددة، وأوضح أن إحدى أهم أدوات هذه الثقافة هي نظام الاعتمادات الدقيقة (Micro-Credentials)، الذي يعتمد على مساقات قصيرة أو حزم تدريبية متخصصة تهدف إلى إعادة التمهين، ورفع المهارات، أو دمج أكثر من مهنة في تجربة تعليمية واحدة.
وأضاف البستكي: «هذه الاعتمادات تراكمية، ويمكن جمعها لاحقاً للحصول على درجات أكاديمية معترف بها محلياً ودولياً، ما يجعل عملية التعلم أكثر مرونة، ويربطها ارتباطاً وثيقاً بمتطلبات سوق العمل المتغير باستمرار».
وشدد الدكتور عيسى البستكي على أهمية تقريب مخرجات الجامعات من متطلبات سوق العمل، مقترحاً نموذج «ظلّ الموظف»، الذي يقوم على مرافقة الخريج لموظف خبير خلال فترة محددة، بهدف اكتساب المهارات العملية الواقعية يوماً بيوم، مؤكداً أن هذا الأسلوب يختصر الزمن، ويعزز الجاهزية المهنية للخريجين، بحيث يصبحون قادرين على مواجهة تحديات بيئة العمل بكفاءة منذ اليوم الأول.
وأضاف أن الاعتمادات الدقيقة (Micro-Credentials) تمثل أداة فعّالة لسد فجوات المهارات المتخصصة بسرعة ومرونة، حيث يمكن تصميم مساقات تجمع بين الأكاديميين وخبراء الصناعة في قاعة واحدة، ما يتيح للطالب تجربة تعليمية تطبيقية مباشرة ترتبط بسوق العمل.
وأكد البستكي أن الذكاء الاصطناعي سيظل أداة مساعدة للإنسان، وليس بديلاً عنه، موضحاً أن العقل البشري يتميز بالإبداع والقدرة على الابتكار والفجائية، في حين أن الذكاء الاصطناعي يعمل وفق خوارزميات محددة ومنطقية.
وأضاف: «لذلك يتغير دور الأستاذ الجامعي من كونه مجرد ناقل للمعلومة إلى مصمم لتجارب التعلم، ومرشد بحثي وأخلاقي يوجّه الطالب نحو الاستخدام الأمثل للتقنيات الحديثة، ويعزز قدرته على التفكير النقدي وحل المشكلات».
وأشار إلى أن دور المعلم أصبح أكثر شمولية، إذ يتطلب دمج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية بطريقة استراتيجية، حيث يستخدم الأستاذ أدوات ذكية لدعم التعلم الشخصي، وتحليل أداء الطلاب، وتصميم أنشطة تعليمية مبتكرة تحفّز التفكير المستقل والإبداع، مع الحفاظ على البُعد الإنساني والتوجيه الأخلاقي الضروري للجيل الجديد من المتعلمين.
وأوضح البستكي أن التعليم الحديث يتجه نحو نموذج بلا جدران، مدعوماً بالذكاء الاصطناعي، حيث يصبح الطالب قادراً على التعلم من أي مكان وفي أي وقت، بمساعدة الوكيل الذكي الذي يوجهه ويصمّم تجربته التعليمية بما يتوافق مع مهاراته واحتياجاته العملية، ليصبح التعليم شخصياً ومرناً ومستمراً.
وفي حديثه عن مستقبل التعليم، قال البستكي إن التعليم سيكون بلا جدران ولا قيود زمنية، موضحاً: «سيتمكن الطالب من التعلم من أي مكان وفي أي وقت، عبر أنظمة ذكية توفر له تجربة تعليمية ذاتية بالكامل، وسيصبح الذكاء الاصطناعي رفيقاً دائماً يرافقه طوال رحلته التعليمية، يرشده ويقيّم تقدمه بشكل مستمر».
وأضاف أن جامعة دبي أنشأت لجنة متخصصة لتطوير الوكيل الذكي (AI Agent)، الذي سيُوظَّف لخدمة الطلبة وأعضاء الهيئة الأكاديمية، ودعم جميع عمليات التعلم والتفاعل داخل الفصول الافتراضية، بما يعزز تجربة تعليمية أكثر مرونة وفاعلية.
التصنيفات العالمية.. والسعي نحو العدالة
أبدى رئيس جامعة دبي، الدكتور عيسى البستكي، لـ«الإمارات اليوم»، تحفظاً على بعض نماذج التصنيف التي تجمع بين دورَي «الاستشارة والتقييم» في الجهة نفسها، معتبراً أن ذلك يمثل تضارباً يؤثر في الموضوعية ودقة التقييم.
واقترح البستكي إنشاء إطار عربي موحد للتصنيف الجامعي، تديره وزارات التعليم العالي بالشراكة مع مؤسسات دولية محايدة، بحيث يركز على الأثر التعليمي والاقتصادي للجامعات، بدلاً من المؤشرات الشكلية، مع تحقيق شفافية أكبر وكلفة أقل في عملية التقييم، بما يعزز العدالة والصدقية في مقارنة الجامعات.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
