العاب / IGN

مراجعة Thunderbolts*

  • 1/2
  • 2/2

هذه المراجعة خالية من الحرق لفيلم Thunderbolts*.


في أولى محاولات مارفل الجادة لإعادة تشكيل هويتها السينمائية بعد إرهاق الجمهور من التكرار وتراجع الحماس العام، يأتي Thunderbolts ليضع حجر الأساس لمرحلة جديدة، لا تعتمد فقط على ضخ شخصيات جديدة في القصة، بل على تقديم منظور مختلف جذريًا لما تعنيه البطولة، وما تعنيه “الفرقة” في عالمٍ فقد فيه الأبطال بريقهم المعتاد. إنه عمل يسير على خطى الأعمال الجماعية من مارفل، لكنه يبتعد عنها بخطى ثابتة من حيث النبرة، الأسلوب، والبناء الفني، ليقدّم تجربة مشحونة بالتوتر النفسي، والدراما المعقدة، والبصريات التي تكاد تكون الأكثر نضجًا منذ Captain America: The Winter Soldier.

الإخراج هنا ليس مجرد وسيلة لسرد الأحداث، بل هو بحد ذاته لغة جديدة تفرض حضورها على كل مشهد. الكاميرا تتحرك بدقة واضحة، ليست فقط لتواكب القتال أو المشاهد الحوارية، بل لتعكس الداخل المضطرب لكل شخصية. زوايا التصوير المنخفضة والمتقدمة تُستخدم لخلق شعور بعدم الأمان والارتباك، والإضاءة الباهتة أحيانًا، أو المصطنعة جدًا في لحظات أخرى، ترمز لحالة الشخصيات الذين يعيشون دائمًا في مناطق رمادية بين الخير والشر. كل عنصر بصري يوصل رسالة ما؛ في Thunderbolts، لا توجد لحظة عابرة أو غير مقصودة من الناحية الجمالية.

هذه الجرأة الإخراجية تُكمّلها رؤية فنية تحاول فك الاشتباك مع الصورة النمطية لأفلام مارفل، ففي الوقت الذي اعتاد فيه الجمهور مشاهد ختامية مفعمة بالألوان والتفاؤل، يختار هذا الفيلم أن يتحدث بلغة أكثر هدوءًا، أكثر سوادًا، وأكثر إنسانية. التكوين البصري للمشاهد يشعرنا وكأننا نتابع دراما نفسية بلمسة سياسية، لا مجرد قصة متشابكة عن مجموعة أبطال. المدينة التي تدور فيها الأحداث باردة، زوايا المباني حادة، والإحساس العام يوحي بأن هذا العالم غير صالح للأمل، ما يعكس تمامًا مزاج الشخصيات. أداء فلورنس بيو هو القلب النابض لهذا العمل، بل يمكن القول إنه المفتاح العاطفي الذي يُدخلنا إلى عالم Thunderbolts. فالفيلم لا يكتفي بمنحها دورًا قياديًا وسط مجموعة من الشخصيات المعروفة، بل يضعها عمدًا في موقع الراوي الصامت — تُروى القصة من خلال عينيها، من خلال هدوئها العاصف، وتناقضاتها الداخلية. تشعر منذ اللحظات الأولى أن الكاميرا تتبعها لا لكونها البطلة، بل لأنها روح الفيلم، زاوية النظر التي نُعاد من خلالها فهم هذا العالم المضطرب.

بيو تُقدّم واحدًا من أفضل أدوارها في عالم مارفل، إن لم يكن الأفضل. أداءها لا يعتمد على الحوار بقدر ما يُبنى على الصمت، على الملامح المتوترة، وعلى تلك اللحظات التي تُفلت فيها نظراتها وكأنها تُخبرنا كل شيء دون أن تنطق بكلمة. إنها تحمل ماضٍ ثقيل، حاضرًا مرتبكًا، ومستقبلًا غامضًا، وكل هذا يمر عبرها بطريقة لا يمكن تجاهلها. يلينا هنا ليست مجرد شخصية ضمن فريق، بل هي بوابة الفيلم ومركز ثقله الدرامي، وكل لحظة تمر بها تُعيد تشكيل فهمنا للأحداث من حولها.

الفيلم يمنحها مساحة لتقود دون أن تدّعي القيادة، ولتُحرّك الخط السردي دون أن تفرض وجودها على حساب الآخرين. إنها حالة نادرة من التوازن بين التمثيل والرمزية، حيث تصبح بيو ليس فقط ممثلة ضمن طاقم، بل كأنها مرآة تعكس توتر العالم الجديد الذي تحاول مارفل بناءه. في كل مشهد تظهر فيه، نشعر أن الفيلم ينبض معها، وأن نبضه يهدأ حين تغيب.

في الجهة المقابلة، يقدم ديفيد هاربور أداءً يجمع بين الطرافة والمرارة. الشخصية الساخرة التي عرفناها في Black Widow تعود هنا لكنها مكسورة أكثر، أكثر وعيًا بنهاية رحلتها، وأكثر حزنًا على ما فات. لحظاته الكوميدية لا تأتي كفواصل مريحة بقدر ما تبدو كقناع يحاول أن يخفي به هشاشته، وهذا بالضبط ما تحتاجه شخصية “ريد غارديان” في سياق فيلم سوداوي كهذا.

التفاعل بين أفراد الفريق تم بناؤه بعناية، دون الحاجة إلى فرض صداقات مفتعلة أو صراعات سطحية. العلاقات تتطور تدريجيًا، عبر مشاهد تحمل توترًا عاطفيًا كبيرًا، مدفوعة بمواقف تقلب ولاءات وتكشف عن جوانب جديدة لكل شخصية. الفيلم لا يعتمد على المعارك فقط لإثبات قوة أبطاله، بل يختبرهم نفسيًا، ويضعهم في مواقف أخلاقية حادة، تجبرهم على مواجهة ماضيهم بشكل حقيقي.

السيناريو متماسك بشكل لافت، ومع ذلك لا يخلو من بعض العثرات. واحدة من السلبيات القليلة في هذا الفيلم تكمن في إطالة بعض المشاهد التي لا تضيف وزنًا كبيرًا للحبكة. هناك لحظات تشعر فيها بأن الفيلم يُفرط في التأمل، أو يُعيد تأكيد فكرة قد قيلت بالفعل. ورغم أن هذه التمديدات لا تُفسد البناء الكلي للعمل، إلا أنها تخلق بعض البطء في الوتيرة، خاصة في الثلث الأوسط.

لكن هذه الملاحظة لا تُقلل من قوة التجربة الكاملة، خصوصًا حين نأخذ بعين الاعتبار الطابع المتجدد الذي يقدمه الفيلم، ومدى وعيه بذائقته الجديدة، بل وبطموح مارفل لتجاوز الصيغة التجارية المعتادة. فـThunderbolts ليس مجرد فيلم ترفيهي ضمن جدول الإنتاج السنوي، بل هو محاولة فعلية لبناء عالم أكثر تعقيدًا، أقل وضوحًا، وأكثر قربًا من الواقع.

ما يميز الفيلم في نهاية المطاف هو التوازن النادر بين الهوية الجديدة التي يريد تقديمها، وبين الحفاظ على ما يحبّه الجمهور في أفلام مارفل: الفكاهة، الحركية، والإحساس الجماعي. لكن هذه المرة، كل تلك العناصر تأتي بشكل أنضج، أكثر هدوءًا، وأقرب لما يمكن تسميته بنضج سينمائي حقيقي داخل هذا النوع من الأفلام.

يعيد Thunderbolts تعريف ما يمكن أن يكون عليه فيلم جماعي في عالم مارفل. إخراج جريء، رؤية فنية متقنة، وأداءات تمثيلية مبهرة، يقودها حضور استثنائي من فلورنس بيو وديفيد هاربور. رغم بعض الإطالة غير الضرورية، فإن الفيلم يقدّم تجربة متماسكة، مؤثرة، وجريئة، تمهّد الطريق لعالم سينمائي مختلف وأكثر نضجًا.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا