هذه المراجعة خالية من الحرق للموسم الرابع من مسلسل The Witcher، والذي تتوفر جميع حلقاته الـ 8 الآن على نتفليكس.
بعد انتظار دام طويلاً، يعود مسلسل The Witcher بموسمه الرابع ونجمه الجديد. يجدر بي الاعتراف منذ البداية أن مغادرة هنري كافيل المسلسل كانت ضربة كبيرة بالنسبة إلي، إذ أعتبره الممثل الأمثل لتجسيد شخصية جيرالت، ولذلك وجدت صعوبة في تقبّل أي وجه آخر في هذا الدور. وبما أنني أعتقد أن كثيرين يشاركونني هذا الشعور، سأبدأ بالحديث عن التبديل بين الممثلين قبل الانتقال إلى الجوانب الأخرى من الموسم.
أشعر ببعض التعاطف تجاه ليام هيمسوورث نظراً للإرث الثقيل الذي اضطر إلى حمله، لكنّ اعتيادي عليه استغرق وقتاً طويلاً. فعلى الرغم من أن المكياج ساهم في جعله شبيهاً إلى حد ما بكافيل رغم بنيته الجسدية الأصغر بعض الشيء، إلا أن هيمسوورث حاول إعطاء جيرالت لمسته الخاصة به، حيث أصبح جيرالت أكثر كلاماً وانفتاحاً مما اعتدنا عليه، حتى أنه أكثر رقة وتعاطفاً. وقد حاول المسلسل تبرير هذا التغيّر في جملة عابرة حيث قال ياسكير أن "جيرالت خسر كل شيء، وبالتالي من الطبيعي أن يتغير"، كما استخدم صنّاع العمل أسلوب سرد جديداً لتفسير التبديل. لكنني بصراحة أعترف أنني كنت بانتظار تبرير أكثر منطقية، كأن يكون السحر أو تداخل العوالم سبباً في تغيّر شكله، فالمسلسل مليء بالسحر والعجائب، لما لا يستطيعون إعطاء تبرير أكثر إقناعاً؟ لذلك لم أجد التبرير مقنعاً بما يكفي، مما جعل عملية اعتيادي على جيرالت الجديد أكثر صعوبة، ولم أبدأ بالاعتياد عليه إلا مع الاقتراب من منتصف الموسم تقريباً، حين تسارعت الأحداث واشتد تركيز القصة على الشخصيات الأخرى.
ولم يقتصر التغيير على كافيل فحسب، إذ استُبدل الممثل كيم بودنيا الذي يجسد شخصية فيسمير بسبب تعارضٍ في جدول أعماله، إلا أن تأثير غيابه كان محدوداً نظراً لقِصر دوره هذه المرة.
نصل الآن إلى القصة.
ينقسم الموسم إلى ثلاث حبكاتٍ رئيسية تُروى بأسلوبٍ متوازٍ يشبه ما شاهدناه في الموسم الأول، لكن من دون التعقيد الزمني الذي أربك كثيرين آنذاك. حيث تجري قصص كل من جيرالت وسيري وينيفر بشكل متوازي على طول الحلقات الثمانية، والتي لا تتقاطع فيما بينها إلا بحالات نادرة. ترافق كل قصة مجموعة مختلفة من الشخصيات، منها جديدة وأخرى عائدة من المواسم السابقة.
ورغم أنّ البناء السردي متين في المجمل، إلا أن وتيرة الأحداث تتباطأ أحياناً، خصوصاً في قصة جيرالت التي تشبه في بعض الحلقات بالنصف الأول من الموسم "مهاماً جانبية" كما في ألعاب الفيديو، فتجعلنا نتلهف لمعرفة ما يجري مع الشخصيات الأخرى بينما نعلق في أحداث أقل أهمية نسبياً. لكن يستعيد الموسم توازنه في نصفه الثاني، حيث ترتفع الوتيرة وتزداد الإثارة مما يعوض عن كل ذلك.
فلنبدأ بقصة سيري، والتي برأيي كانت الأضعف والأقل إثارة للاهتمام بين القصص الثلاث. تنضم سيري إلى عصابة "الجرذان" الذين التقت بها في نهاية الموسم الماضي وتتخذ لنفسها اسم "فالكا". وفي حين أن المسلسل يبذل جهداً في محاولة جعلنا نهتم لأمر أعضاء العصابة الستة، إلا أنهم يفتقرون إلى العمق الكافي ولم يُمنحوا وقتاً كافياً لتطوير شخصياتهم لجعلنا نهتم كثيراً لأمرهم. وشعرت طوال الوقت أنني بانتظار أن تتخلى عنهم لتكمل طريقها بدلاً من أن تتحول لواحدة منهم. لكن يجدر القول أن هناك شخصية واحدة بحد ذاتها كانت مثيرة للاهتمام في قصة سيري، وهو الشرير صياد الجوائز ليو بوهارت (شارلتو كوبلي)، والذي يمتلك براعة كبيرة بالقتال ويسعى وراء سيري وأصدقائها، ومعه نحصل على مشاهد مقززة للغاية بقدر ما هي مليئة بالآكشن الدموي، والتي تخرجنا من رتابة الأحداث حيناً بعد آخر.
ننتقل الآن لقصة جيرالت، والذي يقود بدوره فريقاً آخر من شخصيات غريبة وغير متوافقة، مثل ياسكير (جوي بيتي)، ميلفا (مينغير زانغ)، ياربن (جيرمي كراوفورد)، وكاهير (إيمون فارن)، إلى جانب الوافدين الجدد زولتان (داني وودبرن) وبيرسيفال (ليندل بوركو)، وبالطبع الشخصية المنتظرة مصاص الدماء ريجيس (لورنس فيشبورن).
ساعدت كثرة هذه الشخصيات إلى جانب جيرالت على دمج ليام هيمسوورث مع عالم الويتشر مما ساهم بجعلنا نعتاد عليه بعد عدة حلقات. حيث بدأ من دون أن يشعر ينفتح لشخصيات أخرى يعتبرها مقربة منه نوعاً ما، فلم يعد ذاك الذئب الأبيض الوحيد الذي رأيناه في الموسم الأول، بل رجل الأسرة الأكثر رقة الذي رأيناه بالموسم الثالث.
تستحق الحلقة الخامسة إشارة خاصة، إذ تنفرد بأسلوبٍ سردي متنوع ومبتكر، والتي رغم أنها تبعدنا عن الأحداث الرئيسية بالمسلسل إلا أنها تعطينا قصة خلفية ذات أهمية كبيرة لبعض الشخصيات الجانبية التي ترافق جيرالت مقدّمةً بأساليب فنية مختلفة: مشهد غنائي كامل يروي حكايةً لم نكن نعرفها من ماضي ياسكير، ومشهد رسوم متحركة يستعرض قصة ريجيس، بالإضافة إلى فلاشباك يظهر كيف التقى كاهير بإمهير، إلى جانب قصة خلفية شخصية ميلفا. هذه التوليفة المميزة ساعدت على تعميق علاقتنا بالشخصيات الثانوية، على عكس ما حدث مع عصابة الجرذان.
نصل الآن إلى ينيفر التي يمكن القول أن قصتها هي الأكثر التزاماً بالشخصية من قصتي جيرالت وسيري. حيث تسعى ينيفر إلى توحيد الساحرات المتبقيات للقضاء على فيلغفورتز بعدما دمر كل شيء، في ظل امتلاكه القدرة على التحكم ببوابات التنقل السحرية مما يمنحه تفوقاً استراتيجياً عليهن. ترافق ينيفر في هذه الرحلة ما تبقى من الساحرات بداية من فيليبا وفرينجيلا وتريس ووصولاً إلى سابرينا وإستريد والمزيد.
كما تشهد قصة ينيفر في النصف الثاني من الموسم معركة كبرى رائعة، والتي تعتبر من أبرز اللحظات بالموسم، والتي تصل بضخامتها لمستوى معارك الحلقات ما قبل الأخيرة، وتقدم لنا كل ما أحببناه في مسلسل The Witcher من سحر ودموية ومكائد ومخططات ومفاجآت، وتشهد خسارات مؤلمة لشخصيات رئيسية التي لن أذكرها تفادياً للحرق.
بالطبع هناك أيضاً قصة رابعة تجري بالتوازي مع كل ذلك وهي قصة أمهير (بارت إدواردز) والحروب التي يقيمها النيلفجارديين ضد الممالك الأخرى، مع ظهور قصير لشخصيات مثل الملك رادوفيد (هيو سكينر) وسيغيسموند (غراهام ماكتافيش)، والتي تتخلل القصص الثلاث الرئيسية من دون أن تجعلنا نشعر بالملل.
من ناحية المعارك والآكشن بشكل عام، فإن الموسم لا يبخل علينا بالوحوش المختلفة والمعارك الدموية، والتصاميم القتالية المثيرة خاصة بمعارك السيف مع كل من سيري وجيرالت، مع مؤثرات بصرية رائعة ترافق المعارك بشكل عام وخاصة مع ينيفر. مع موسيقى تصويرية رائعة تضفي رهبة على الأجواء. ولا يبخل الموسم بالمشاهد الدموية والمقززة، والتي وجدت نفسي في بعض الأحيان أشيح ببصري من شدة دمويتها وقسوتها.
في المحصلة، يترك الموسم الرابع العديد من الخيوط دون حل، ويمنحنا انطباعاً بأنه "نصف موسم" أكثر منه موسماً كاملاً، لكنه مع ذلك يقدّم تجربة مشوقة وغنية بالتفاصيل، تجعلنا نترقب بشغف ما سيقدمه الموسم الخامس لإنهاء هذا الفصل الأخير من حكاية الويتشر.
رغم أن الموسم الرابع من The Witcher يعاني من غياب هنري كافيل وبداية بطيئة في بعض حلقاته، إلا أنه يتحسن تدريجياً مع اقترابنا من منتصف الموسم، حيث نبدأ بالاعتياد على أداء ليام هيمسوورث بينما تتصاعد الأحداث ويزداد التركيز على عناصر أخرى تشدّ انتباهنا بعيداً عن التغيير في شكل جيرالت. يقدّم الموسم معارك ملحمية، ووحوشاً متنوعة، ومؤثرات بصرية مبهرة مع تصميم قتالي رائع. تنقلنا الحلقات عبر ثلاث قصص منفصلة، بعضها أكثر قوة من الأخرى، لكن في المجمل يمنحنا الموسم تجربة غنية ومليئة بالتفاصيل تُمهّد بشكل جيد للأحداث الملحمية القادمة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
