منذ نشأة ألعاب الفيديو كانت القواعد بسيطة وواضحة: أنت البطل الطيب. سواء كنت مجرّد شخصية مجهولة تطلق النار على سفن فضائية، أو Jumpman الذي يحاول إنقاذ مغنية من قردٍ غاضب، فإن الدافع لم يكن يتجاوز فكرة واحدة: “أنت من سيُنقذ الموقف في النهاية”.
لكن مع تطور هذا المفهوم واتساع طموحات المطورين وازدياد رغبة اللاعبين في المفاجآت، ظهرت بين الحين والآخر لحظات قلبت هذا المفهوم رأسًا على عقب تمامًا. وليس المقصود هنا تلك الألعاب التي تمنحك ببساطة دور الشرير لمجرد المتعة والفوضى -كأن تتحكم في قرشٍ عملاقٍ مفترس- بل ما هو أعمق من ذلك بكثير.
اللحظات الأندر والأكثر تأثيرًا كانت تلك التي جاءت على شكل صدمةٍ في الفصل الأخير من القصة. لكن هذه المرة، الصدمة تقع عليك شخصيًا كلاعب، حين تدرك فجأة أن كل ما فعلته طوال اللعبة كان في خدمة الشر، وأنك لم تكن البطل على الإطلاق.
لذا، احذر من حرق الأحداث الكبرى في الألعاب المذكورة لاحقًا، فهذه لحظات صادمة اكتشفنا فيها -ونحن نحدّق في الشاشات مذهولين- أننا كنا طوال الوقت الشرير الحقيقي في القصة.
Papers, Please
تبدو هذه اللعبة وكأنها عن “البيروقراطية”، ومع ذلك ستُفاجأ بمدى قدرتها على جذبك من البداية حتى النهاية. هذه التحفة المستقلة استخدمت أسلوبًا بصريًا بسيطًا وأسلوب لعب متكرر ظاهريًا، لكنها تحولت إلى تجربة مؤثرة تُقدّم تعليقًا إنسانيًا قاسيًا عن البؤس واليأس، وعن كيف يمكن للنظام أن يحوّل الإنسان إلى أداة بلا روح.
تلعب هنا دور موظف حدودي بلا اسم في دولة خيالية تُدعى Arstotzka، ومهمتك هي فحص المهاجرين وتحديد من يُسمح له بالعبور ومن يُرفض. القوانين تتغير باستمرار وتزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، بينما تعتمد أسرتك على راتبك المرتبط بعدد المعاملات الصحيحة التي تنجزها. هذا يجعل قبول الرشوة أو التحول إلى أداة قمعية للنظام خيارًا سهلًا ومغرٍ من أجل البقاء. كل ذلك يُدار من خلال روتين ممل من الأوراق والأختام، لكنه بطريقةٍ ما يصبح تجربة مثيرة ومقلقة في الوقت ذاته.
وفي النهاية، يعتمد الأمر على قراراتك كلاعب. لكن التحول إلى موظف بلا ضمير هو الطريق الأسهل والأكثر ضمانًا “للفوز”، ولهذا يسلكه أغلب اللاعبين. ورغم أنك قد تبرر أفعالك بحماية عائلتك، فإن اللعبة تذكّرك بأن تلك “الأسباب الصحيحة” تخصك أنت فقط، ولا تمتّ بصلة إلى مصلحة الآخرين أو إنسانيتهم.
Untitled Goose Game
في هذه اللعبة، تتحكم بإوزة تعيش في بلدة إنجليزية صغيرة وهادئة. تتجول بين البرك الملونة وتعبث في الشوارع الجميلة ذات الألوان الهادئة، مما قد يوحي بأنها لعبة مريحة ولطيفة من فئة “الألعاب الدافئة”.
لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك، فهذه الإوزة الشريرة هي أقرب ما يكون إلى تجسيد الفوضى نفسها.
يمكنك ببساطة أن تتنزه وتستمتع بالأجواء، لكن اللعبة لا تتركك دون هدف؛ فهي تزوّدك بقائمة مهام، وسرعان ما تدرك أنك لست سوى مصدر إزعاج للجميع. تبدأ بسرقة أغراض البستاني المسكين لإعداد نزهتك الخاصة، ثم تنتقل إلى إحداث الفوضى، حيث يحاول الناس قضاء يوم هادئ. من الواضح تمامًا أنك لست “الطيب” في هذه القصة.
وتأتي الضربة الأخيرة في نهاية اللعبة: عندما تُكلَّف الإوزة بسرقة الجرس الذهبي الفاخر للبلدة. وبعد نجاحها في المهمة وعودتها إلى مخبئها، تُلقي الغنيمة الجديدة في حفرة مليئة بعشرات الأجراس الأخرى، ما يعني أن هذه ليست المرة الأولى. إنها دورة أبدية من العبث والإزعاج، وسكان البلدة محكوم عليهم بالمعاناة من هذا الكائن المزعج إلى الأبد.
Little Nightmares
بعد النجاح الساحق الذي حققته شركة Playdead عبر لعبتي Limbo وInside، بدأت الشركة بالانقسام بسبب خلافات داخلية، ما أدى إلى مغادرة عددٍ من أهم أعضائها وتفكك الفريق الذي صنع تلك التجربتين الاستثنائيتين. ومع تراجع الشركة، تساءل الجميع عمّا إذا كان بالإمكان أن نرى عملًا يحمل روح تلك الألعاب المظلمة مجددًا.
وهنا جاءت Little Nightmares من استوديو Tarsier لتملأ هذا الفراغ تمامًا. كانت بمثابة الوريث الروحي لتلك التجارب، تجمع بين البساطة البصرية المؤثرة والتصميم الكئيب، مضافًا إليه توتر تسللي خانق يجعل كل لحظة مليئة بالخوف والترقب.
يتقمص اللاعب شخصية Six، وهي طفلة صغيرة ترتدي معطفًا أصفر، تهرب من كائنات مشوهة مرعبة لا تريد سوى التهامها أو سحقها بطرق بشعة. وبعد سلسلة من المواقف المروعة والاختباء والنجاة بصعوبة، تأتي الصدمة الكبرى في النهاية: Six نفسها كانت الأسوأ بينهم جميعًا.
طوال اللعبة تظهر تلميحات عن جوعها الوحشي الذي لا يُشبَع، لكنه يبلغ ذروته في المشهد الختامي حين تنفجر طبيعتها الحقيقية، فتتحول إلى كائن قاتل يفترس كل من يعترض طريقه. ثم جاء الجزء الثاني Little Nightmares II ليؤكد أكثر على أصل Six المظلم، كاشفًا أنها لم تكن ضحية قدر ما كانت بداية الرعب نفسه.
نعم، خِف من Six، فهي ليست بطلة القصة، بل كابوسها الأكبر.
اذا شفت اسمي هنا فمعناتها أن الموضوع اشتغل عليه أكثر من واحد من فريق العمل، أو انه تصريح رسمي باسم الموقع. بس لا تخلي هالشي يمنعك من انك تتابعني في تويتر وانستقرام. عادي لا تستحي.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سعودي جيمر ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سعودي جيمر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
