من البداية، يَعِد «I Love LA» بنقد عالم المؤثّرين: حياة تُقاس بالأرقام، وصداقات تُبنى على المصالح، وصور لامعة تُحاول إخفاء فراغ داخلي. على الورق، الفكرة جاهزة لدراما ساخرة تُمسك تفاصيل زمننا الرقمي وتكشف زيفه. لكن التنفيذ يقف عند الواجهة، يصفها كما هي، ويعيد تدويرها من دون رؤية تضيف معنى جديدًا. كل ما قد يصنع عملًا قويًا موجود نظريًا: فكرة واضحة، مدينة مليئة بالقصص، وساحة اجتماعية يمكن تفكيكها. ومع ذلك، ما نراه أقرب إلى سلسلة لقطات متتابعة تشبه جدول نشر يومي، تنتهي فور انتهاء الحلقة ولا تترك أثرًا.
الشخصيات تبدو محكومة بقوالب جاهزة. لا دوافع تُبنى خطوة خطوة، ولا خيارات تُفاجئنا في منتصف الطريق. العلاقة بين الناس تُدار كصفقة قصيرة العمر: تواصل عند الحاجة، تعاون حين ترتفع حرارة موضوع رائج، ثم انفضاض سريع. بغياب العمق، تتناثر المواقف وكأنها مقاطع منفصلة يمكن قصّها ولصقها بلا خسارة. الدراما هنا لا تتقدّم من الداخل؛ هي مجرد محطات متشابهة تبدأ بالطريقة نفسها وتنتهي بالطريقة نفسها.
فوق هذا كله تأتي مشكلة الإيقاع. كثير من الحلقات تبدو أطول من وقتها الفعلي، لا لأن فيها طبقات تحتاج وقتًا لاكتشافها، بل لأن الأحداث نفسها لا تتحرّك. ما يُفترض أن يكون توترًا يتطوّر يتحوّل إلى دوران حول نقطة واحدة. نتابع تصوير محتوى لا يقود إلى نتيجة، ومناقشات تُحلّ في الدقيقة التالية، وصراعات تتبدّد قبل أن تتشكّل. يمكن لأي يوم عادي في حياة أي شخص أن يكون أكثر تنوّعًا مما يعرضه المسلسل في حلقة كاملة. الرتابة هنا لا تُخلق كخيار فني واعٍ يكشف خواء العالم الرقمي؛ هي فراغ فعلي يبتلع كل محاولة لبناء موقف أو اختبار علاقة أو دفع خط سردي إلى الأمام. وحتى عندما تلوح أزمة صغيرة، يأتي الحلّ سريعًا وباردًا، كأنه إجراء إداري لا حدثًا دراميًا.
يحمل العمل اسم مدينة لها ثقلها في الخيال السمعي البصري، لكن حضور المكان لا يتجاوز مظهرًا أنيقًا. لوس أنجلِس تظهر في لقطات عريضة، مقاهٍ مصمّمة بعناية، مكاتب حديثة، وشوارع تلمع تحت إضاءة محسوبة. هذا الجانب جميل فعلاً؛ مواقع التصوير مختارة بذوق، وبعض الأزياء تساعد على تعريف الشخصيات بلا شرح طويل. لكن المدينة لا تُعامل كشريك في الحكاية، ولا كبيئة تُؤثّر في الناس الذين يعيشون فيها. لا نشعر بأن التفاصيل اليومية للمكان تتحوّل إلى قصص، أو أن الأزقة والواجهات تُحرّك سلوك الأبطال. نحصل على صور جذابة، لكن العلاقة بين المكان وما يجري داخله تظلّ ضعيفة، كأن الأحداث يمكن أن تقع في أي مدينة ولن يتغيّر شيء.
لغة الإخراج والمونتاج تميل إلى ما هو مألوف على المنصّات. اللقطة تُبنى لتكون «مقطعًا» قابلًا للاقتطاع أكثر من كونها جزءًا من مشهد يخدم تطوّرًا سرديًا. حين يحتاج المشهد إلى الصبر، يُقطع بسرعة. وحين يحتاج إلى التلميح، يُشرح مباشرة. هناك لحظات تلمع فيها نظرة ممثّل أو اختيار زاوية تصوير موفّق، لكنها ومضات قصيرة لا تجد ما يحميها. غياب المخاطرة واضح: لا لعب على الصمت، لا اعتماد على الإيحاء، ولا سعي حقيقي لاختبار الشكل كي يخدم الفكرة. النتيجة أسلوب سهل الاستهلاك لكنه سريع التبخر.
مع ذلك، توجد نقاط تستحق الذكر من حين لآخر. بعض أماكن العمل مُعالجة بذكاء بصري يجعل قطعة أثاث أو لوحة على الحائط تقول الكثير عن طموح أصحابها وعزلتهم. الأزياء في مشاهد بعينها تضيف طبقة من المعنى وتختصر مسافات التعارف. وأحيانًا تظهر أداءات فردية تمنح مشهدًا واحدًا حرارة إنسانية صادقة. هذه الإشارات تُبيّن أن الفريق كان قادرًا على تقديم شيء أثقل وزنًا لو أن البناء الدرامي أفسح لها مكانًا ومساحة زمنية كافية كي تنمو وتتكرّر وتتحاور فيما بينها.
جوهر «I Love LA» يفترض أن يكشف خواء الشهرة الرقمية وعبثية الصداقات المصنوعة. لتحقيق ذلك، يحتاج العمل إلى عين تفهم دوافع هذا العالم قبل أن تدينه، وإلى كتابة تلتقط حاجات شخصياته وضعفها وخوفها من السقوط خارج الضوء. هنا، يغلب على المقاربة الاكتفاء بجمع العلامات الخارجية: مشاهد تصوير، شراكات سريعة، حفلات صاخبة، ثم تعليق عام يكاد يقول «هكذا يعيشون». النقد الحقيقي يبدأ عندما نعرف لماذا يختار الناس هذا الطريق، وكيف يبرّرونه لأنفسهم، ومتى يبدأ ثمنه بالظهور على وجوههم وعلاقاتهم. المسلسل يلمّح إلى ذلك لكنه لا يذهب إليه. وحين لا يفعل، تتحوّل رغبته في كشف الخواء إلى إعادة إنتاج له.
ما يبقى بعد المشاهدة محدود. بعض اللقطات الأنيقة تلتصق بالذاكرة لبضعة أيام، وبعض الأزياء تعرّفنا بسرعة على شخصية أو اثنتين، وأماكن عمل تمنحنا لمحة سريعة عن عالم مهني بارد. لكن لا توجد حكاية تُجبرنا على العودة، ولا علاقة تتطور أمامنا خطوة خطوة، ولا جملة تغيّر فهمنا لما رأيناه. حتى الملل نفسه، وهو موضوع مهم يمكن تحويله إلى أداة فنية، لا يُستثمر لصناعة موقف، بل يُترك كحالة زمنية مُرهِقة.
في المحصّلة، «I Love LA» يحمل نوايا واضحة لكنه يقدّمها بطريقة حذرة ومترددة. يكتفي بالتسمية بدل التحليل، ويتعامل مع المكان كخلفية جميلة لا كمحرّك للأحداث، ويُبقي الشخصيات داخل أطر ضيقة لا تسمح لها بأن تفاجئنا أو تؤثّر فينا. تظهر ومضات متفرّقة من جودةٍ بصرية وأداء تمثيلي، لكنها تظلّ معزولة بسبب إيقاع رتيب وبناء لا يُراكِم النتائج. لهذا تبدو تجربة المشاهدة متشابهة من حلقة إلى أخرى، وتخرج منها بانطباع واحد لا يتغيّر.
عملٌ يريد تفكيك عالم المؤثّرين، لكنه يصفه من الخارج ويعيد تدويره. الرتابة تطغى على حلقات كثيرة، والمكان يُستخدم كواجهة أنيقة لا كجزء حي من الحكاية، والشخصيات تُقدَّم في قوالب جاهزة لا تُتيح نموًا حقيقيًا. تبرز مواقع تصوير جميلة، وأزياء موفّقة، وأداءات فردية قليلة تمنح لحظات معزولة قيمة إضافية. لكنها لا تكفي لرفع التجربة إلى مستوى يستحق المتابعة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
