لعبة Dispatch أخذت وصفة ألعاب TellTale القديمة وقدّمتها بثوب جديد وواضح: حلقات قصيرة تُعرض أسبوعيًا، قرارات حوار سريعة تؤثر على نبرة العلاقات و تغيّر مسار القصة، وتمثيل صوتي ثقيل يرفع كل مشهد عدة درجات وكأنها تجربة AAA. صدرت على الحاسب و PS5 بتاريخ 22 أكتوبر 2025، واكتملت الحلقات في 12 نوفمبر 2025، وحققت نجاحًا سريعًا ببيع أكثر من مليون نسخة خلال عشرة أيام، مع تقبّل جماهيري مرتفع على ستيم و اعلى تقييم للعبة في تاريخ متجر بلايستيشن، ما يوضح أن الجمهور ما زال يحب هذا النوع من الألعاب حين يُنفَّذ بإتقان
لعبةDispatch تضعك في مكتب “أبطال” نصفهم أشرار سابقون، تقضي وقتك بين شاشة البلاغات والمكالمات والتعامل مع غرور الفريق وتاريخه. السرد هنا قوي لأنه بسيط. كل حلقة تبني على القصة بشكل تصاعدي من بداية تشدّك إلى نهاية تدفعك لبدء الحلقة التالية. هذا الأسلوب ذكرني مباشرةً بروح The Walking Dead وThe Wolf Among Us: شخصيات لها أهداف حقيقية وتعارض مصالح بعضها، واختياراتك تعود عليك عاطفيًا بعد ساعة أو حلقتين، حتى لو لم تغيّر “الخط الرئيسي”. وهذا تحديدًا ما جعل أعمال TellTale محبوبة أصلًا. فرق Dispatch أنها تستخدم “مكان العمل” كعدسة؛ كل بلاغ تُرسِل له فريقًا ينعكس لاحقًا على العلاقات داخل المكتب، والتي تجعلك منغمس في القصة وكأنك تعيش حياة روبيرت اليومية. لذلك تشابهها مع TellTale ليس تقليدًا أعمى بل استمرار لمدرسة قصصية أثبتت نفسها، والمدرسة هنا تُطبَّق بأيدٍ خبيرة من مطورين سبق لهم العمل في TellTale.
اللعب نفسه خفيف جدا ويمكنك اختيار التجربة "التفاعلية او السينمائية" و الفرق بينهما هو تغيير بسيط في مشاهد الاكشن، وتبدأ “إدارة الإرسال” او الDispatching: من ترسل؟ من تُبقّي احتياطًا؟ من سيصطدم مع من لو جمعتهما معًا؟ لا توجد أنظمة معقّدة أو قوائم مرهقة، بل حلقة عمل بسيطة تجعل القرار الصغير مهمًا لأن أثره اجتماعي ونفسي قبل أن يكون قتالي. القوة هنا أن اللعبة تفهم حدودها: لا تحاول إقناعك بأنها لعبة إدارة موارد ضخمة، ولا تملأ وقتك بمعارك طويلة حتى ترفع الساعات. هي “تلفاز تفاعلي” مع طبقة خفيفة من التخطيط تمنحك إحساسًا بالمسؤولية عن المكتب. هذا التوازن جعل وتيرة الحلقات نظيفة، والانتقال بين المكتب والميدان سريع لكنه مفهوم، وفي لحظات كثيرة بدت الجودة البصرية والتحريك بمستوى كارتون تلفزيوني قوي.
القصة تنجح لأنها تركّز على الناس لا على العالم. ترى بطل خارق سابق يحاول ضبط فريقه وهو مكسور من الداخل، وشريرة تسعى لإثبات نفسها لكنها تخفي خوفًا من الفشل، وخصمًا يريد القداء عليك لاسباب كلاسيكية كما في اعمال مارفل. الحوارات ليست طويلة ولكنها تحمل ثقل و سقل في روايتها للمشاهد، والنكات السوداء في مكانها، ولا يوجد مشاهد إضافية بلا سبب. والأهم أن اللعبة تعرف متى تصمت وتترك المشهد يلتقط أنفاسه، ومتى تتسارع لقطات المكتب لتشعر أن اليوم ينهار في يديك. هذه أدوات قدمتها TellTale عبر السنين، وما زالت فعّالة هنا لأن الفريق AdHoc هو في الأصل مجموعة قدامى من تلك المدرسة، وما تزال روحها حاضرة في بناء الحلقة وتوقيت القرار. لذلك، نعم: كثير من الألعاب القصصية اليوم “تشبه بعضها”، لكن عندما يكون الشبه مع نموذج متقن، فالنتيجة ممتعة بدل أن تكون مكررة.
“نصف السحر” هنا هو التمثيل الصوتي، وربما أكثر من النصف. وجود Aaron Paul بدور روبرت/Mecha Man، وJeffrey Wright بشخصية Chase، وLaura Bailey بشخصية Invisigal، إلى جانب أسماء معروفة مثل Matthew Mercer وTravis Willingham وSeán McLoughlin (Jacksepticeye) وCharles White Jr. (MoistCr1TiKaL)، أعطى كل مشهد وزنًا إضافيًا. الأصوات تحمل تاريخ الشخصيات من أول جملة؛ تسمع التردد، الاعتذارات المغلّفة بالنكتة، والحدة التي تكشف تعب السنين. حتى الضيوف ووجوه الإنترنت المعروفة اندمجوا داخل النبرة العامة بدل أن يكونوا “استعراض أسماء”. تصريحات الممثلين نفسهم دعمت هذا الانطباع, آرون بول وصف الدور بأنه أول دور يعرض عليه الذي أغراه فعلاً للدخول لعالم الألعاب والنتيجة على الشاشة واضحة: الكيمياء بين الأصوات حاضرة، والمزج بين الجديّة والكوميديا متزن
نجاح اللعبة في السوق ليس صدفة. الإصدار الحلقي بدأ في 22 أكتوبر 2025 على ستيم وPS5، ومع أن النشر تدريجي، وصلت المبيعات لمليون نسخة خلال عشرة أيام، ثم استمرت التغطيات تتحدث عن تسارع الإقبال، وحتى فريق التطوير قال إن التفكير في موسم ثانٍ اصبح “ضرورة” بعد الاستقبال غير المتوقع. هذا النجاح جاء رغم غياب نسخة إكس بوكس حتى الآن، ما يجعل الأفق التجاري أكبر لو توسعت لها لاحقًا. أرقام ستيم تُظهر أيضًا تقبّلًا مرتفعًا للغاية من اللاعبين. كل هذه مؤشرات تقول إن الوصفة: قصة قوية، تمثيل لامع، ولعب بسيط وواضح لا تزال مطلوبة اليوم كما كانت في زمن TellTale الذهبي.
في النهاية، Dispatch لعبة تعرف ما تريد تقديمه: قصة محكمة تُروى على شكل حلقات، اختيارات قصيرة بوزن عاطفي، وتمثيل صوتي محترف يرفع النص. إن دخلتها بعقلية “مسلسل تفاعلي” ستجد تجربة مشدودة لا تُطيل بلا داعٍ، ومع أنها لا تقدّم أنظمة لعب معقدة أو حرية استكشاف كبيرة، إلا أنها تنجح في ما تستهدفه تحديدًا: جعل كل يوم في المكتب حدثًا صغيرًا له أثره. وإذا كنت من محبي The Walking Dead وThe Wolf Among Us، ستشعر أنك رجعت للبيت نفسه لكن بديكور جديد وإخراج أنضج. بالنسبة لي، هذا هو الامتداد الصحيح لمدرسة TellTale.. ليس تكرارًا أعمى، بل استخدام أدوات ناجحة مع موسيقى وأصوات وصورة صافية تخدم القصة أولاً.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
