27 أبريل 2024, 3:25 مساءً
تعليقًا على رسالة مؤثرة من أب سعودي لمدرسة ابنه المتوفى لتفسير سبب غيابه، يرصد الكاتب الصحفي مشاري الذايدي أشهر المواقف التي رثى فيها الزعماء والشعراء أبناءهم، واصفًا ما كان يفعله الملك عبدالعزيز آل سعود إذا ذكر ابنه البِكر "تركي"، رحمهما الله، ومؤكدًا أن شعر الرثاء من أصعب وأصدق الشعر العربي، خاصة إذا رثى الأب ابنه، فـ"ولد المُعزّى بعضُه" أو قطعة من الأب ماتت.
"سلّموا لي على جدران مدرسته.. واقبلوا عذره"
وفي مقاله "الوالد عبدالرحمن أبو سعدية... ولد المُعزّى بعضُه" بصحيفة "الشرق الأوسط"، يقول "الذايدي": "«عبد الرحمن بن أحمد أبو سعدية»، والد من السعودية فقد ابنه الشاب «محمد»، الذي رحل عن الدنيا وهو في ربيعه الـ17، أثار مشاعر الناس بعد رسالته التي بعث بها إلى مدرسة ابنه لتفسير سبب غياب «الطالب» محمد عن الحضور.. كتب الوالد لمدرسة ابنه الثانوية بمركز قنا، غرب عسير، جنوب السعودية: «المكرّمون؛ مدير ثانوية حكيم بن حزام بقنا، أعضاء هيئة التدريس بالمدرسة الموقرون... تحية طيبة ملؤها المحبة والاحترام، أفيدكم بأن ابني وحبيبي الطالب محمد عبد الرحمن أحمد غاب عن الدنيا بأسرها، والتحق بالرفيق الأعلى... أرحم الراحمين، وكم كنت أتمنّى لو أنه نائم على سريره كي أوقظه وأجبره على الذهاب إلى المدرسة كما كنت أفعل، وأنا مثلكم ما زلت أراه حيًّا». وأضاف: «سلّموا لي على زملائه وأساتذته، سلّموا لي على كرسيه وطاولته، سلّموا لي على جدران مدرسته وعلى زوايا مكانه واقبلوا عذره وتقصيره».
الرثاء.. من أصدق وأصعب ألوان الشعر
ويعلق "الذايدي": "من أصدق وأصعب ألوان الشعر، شعر الرثاء، ومن أصعبه وأصدقه رثاء الأولاد، وقد حفظ لنا ديوان الشعر العربي مقطوعات تقطر أسى وتنزُّ بالألم، وتندى بالعبَرات.. الشاعر العبّاسي الشهير «ابن الرومي» الشهير بهجائياته المؤذية والمبدعة، رثى ابنه الأوسط، فقال:
توخّى حِمامُ الموت أوسط صبيتي - فلله كيف اختار واسطة العِقد؟!
فيا لكِ من نفسٍ تساقطُ أنفسًا - تساقطَ درٍّ من نظام بلا عَقد.
"جاوَرتُ أَعدائي وَجاوَرَ رَبَّهُ - شَتّان بَينَ جِوارِهِ وَجِواري"
ويمضي "الذايدي" راصدًا رثاء أكثر مراثي الأبناء خلودًا وحيوية وأسى، تشعر به وأنت لأبناء ويقول: "تقرأ هذه المرثية العجيبة، بنفس نداوة حزنها الأول، هي مرثية الشاعر الخطير «أبي الحسن التهامي» توفي 416 هجرية، وهو صاحب سيرة مثيرة، في ابنه الصغير الذي لم يبلغ مبلغ الرجال ولا الشباب.
قال «الوالد» أبو الحسن التهامي:
فَكَأَنَّ قَلبي قبره وَكَأَنَّهُ - في طَيِّهِ سِرٌّ مِنَ الأَسرارِ
ولدُ المُعَزّى بَعضه فَإِذا مَضى - بَعضُ الفتى فَالكُلُّ في الآثارِ
أَبكيهِ ثُمَّ أَقولُ مُعتَذِراً لَهُ - وُفِّقتَ حينَ تَرَكتَ أَلْأمَ دارِ
جاوَرتُ أَعدائي وَجاوَرَ رَبَّهُ - شَتّان بَينَ جِوارِهِ وَجِواري.
يا الله... كأني أشعر بفقد التهامي الآن، وكم أرغب أن أذهب له اليوم وأشاطره مشاعر الفقد وأعانقه وأقدم له كلمات التعزية... وأنا في عام 1445 هجريًّا!
مرثية "نزار قبّاني" لابنه "توفيق"
ويضيف "الذايدي" مستشهدًا: "أما في وقتنا المعاصر، وشعرنا المعاصر، فلعلّ مرثية شاعر العصر «نزار قبّاني» لابنه توفيق تأتي ساطعة في حزنها:
أواجه موتك وحدي
وأجمع كل ثيابك وحدي
وألثم قمصانك العاطرات
ورسمك فوق جواز السفر
وأصرخ مثل المجانين وحدي
وكل الوجوه أمامي نحاس
وكل العيون أمامي حجر
فكيف أقاوم سيف الزمان؟
وسيفي انكسر".
ما كان يفعله الملك عبد العزيز
وينهي "الذايدي": "في خبر التاريخ السعودي، يخبرنا المؤرخون أن الملك عبد العزيز، باني المملكة العربية السعودية الجديدة، كان رغم عِظم المسؤوليات الهائلة على كاهله، حتى رحيله عن دنيانا -رحمة الله عليه- في عام 1953، إذا ذكر ابنه البِكر «تركي»، وبه كان يُكنى، الذي توفّي بمرض الحمّى الإسبانية سنة 1919، كان يتأثر سريعًا وعميقًا حتى بعد الرحيل بعقودٍ من الزمن.. نعم... ولد المُعزّى بعضُهُ".
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.