08 أبريل 2025, 6:14 صباحاً
كما هو ماثل للجميع، وكما هو مشاهد على أرض الواقع، تحقق بلادنا، قفزات حضارية غير مسبوقة في عدة مجالات تنموية واقتصادية وصحية ومعرفية ورياضية وصناعية، وغيرها، ولا يكاد يمضي يوم إلا ونسمع عن إتمام مشروع ما، أو إطلاق مبادرة وطنية، أو اعتماد تنظيمات وقوانين، وكأننا في ورشة عمل لا تهدأ ولا تتوقف، تستهدف رفاه الإنسان السعودي، والنهوض به، ومسابقة الأمم في مضمار التطور والتقدم.
وما يلاحظ في زخم كل هذه الروح المتوثبة النشطة التي أفرزتها رؤية 2030 وما حققته من منجزات، أن هناك تعثر في التعاطي الإعلامي، مع كل هذه التطورات، ومع أن رؤية 2030 ومختلف جوانبها، باتت واقع، ومستهدفاتها وأهدافها تتحقق تباعا، وهي منجزات تحدثت عن نفسها، وأفصحت عمن وقف ورائها بالتخطيط والتنفيذ، وهو ما أظهر الإعلام السعودي بصفة عامة، وتحديدا الصحف والقنوات التلفزيونية، بتقليدية في تعاطيها مع مثل تلك المنجزات، حيث يتم الاكتفاء بنقل الأخبار، أو وضع عناوين لجذب الانتباه لبعض الوقت.
وهذه الحالة ظهرت الحاجة إلى الإعلام التحليلي، الذي يركز على تقديم المحتوى الإعلامي، بأسلوب يتجاوز نقل الأخبار، أو الوقائع، بشكل سطحي ومباشر، ليشمل تحليلًا عميقًا للمشاريع والمنجزات التي تتحقق، أو تلك التي سيتم افتتاحها قريبا، نحتاج لإعلام، يفسر الأخبار، ويضعها في سياقها الصحيح، يقدم رؤى معمّقة تساعد الناس على فهم أبعاد تلك المشاريع المختلفة وتأثيراتها الإيجابية الآنية والمستقبلية.
اتوقف معكم مع واحدا من أهم القرارات التي تستهدف الإنسان السعودية، ورفاهه وسعادته، وهو التوجيه المباشر من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي صدر مؤخرا، ويستهدف اتخاذ إجراءات لتحقيق التوازن في القطاع العقاري في مدينة الرياض. وقد حملت تلك التوجيهات، في طياتها مجموعة من الخطوات المحورية، شملت رفع الإيقاف عن الأراضي شمال مدينة الرياض، وتوفير ما بين 10 إلى 40 ألف قطعة أرض سنويًا بسقف سعر لا يتجاوز 1500 ريال للمتر المربع. ولم تقتصر على ذلك، بل تضمنت تعديل قانون ضريبة الأراضي البيضاء خلال 60 يومًا، وضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر بما يحقق التوازن في السوق.
وكما هو واضح للجميع، فإن هذه الإجراءات والتوجيه المباشر، جاءت لتستهدف رفاه وسعادة المواطن، إلا أن كثيرًا من المنصات الإعلامية، تعاملت مع هذه الأخبار بطريقة سطحية، ركزت خلالها على الجوانب المثيرة للعناوين: “رفع الإيقاف!”، “الأراضي بأسعار غير مسبوقة!”، “فرص جديدة للتملك!” بينما غاب عن هذه التغطيات التحليل العميق الذي يشرح للمواطن، كيف ستسهم هذه الخطة في تيسير امتلاك الأراضي؟ كيف سينعكس تنظيم السوق على استقرار الأسعار؟ وما الأثر المتوقع على المدى البعيد في مدينة الرياض، التي تخطط لتكون من أكبر مدن العالم بحلول 2030؟
من هنا نقول بأن الإعلام الذي يذهب نحو التحليل لما وراء العناوين الرئيسية، ويستعرض الأسباب والجذور والخلفيات المرتبطة بالموضوع، كان غائبا، الإعلام الذي يقدم تفسيرات حول ما تعنيه هذه الإجراءات، وكيف يمكن أن تؤثر في حياة الناس، ونتائجها الإيجابية في زيادة الاستقرار النفسي، وتنامي السعادة الأسرية، إعلام يعتمد على الإحصائيات، الدراسات، والتقارير، إعلام يحاول استشراف المستقبل من خلال تحليل تلك التوجيهات الكريمة، وأثرها الإيجابي على الناس، وتحديدا سكان العاصمة الرياض.
في المقابل، نجد أن الإعلام الانفعالي - أقصد بالإعلام الانفعالي هنا، ذلك الذي يركز على إثارة المشاعر السريعة وردود الأفعال اللحظية بدلاً من تقديم قراءاه معمقة للأحداث- هذا النوع من الإعلام، غالبًا ما يقدّم معلومات مجتزاه أو مشاعر مؤقتة، لكنه لا يمنح المواطن الأدوات الكافية لفهم أبعاد القضايا وتأثيراتها الحقيقية.
الحقيقة أن الإجراءات العقارية الأخيرة، كانت مثالًا واضحًا على حضور هذا النوع من الإعلام، فبدلًا من الاكتفاء بالعناوين التي تتحدث عن تراجع الأسعار أو وفرة الأراضي، كان من الواجب حضور أقوى للإعلام التحليلي، ليفتح نافذة أوسع لفهم الأبعاد الكاملة لهذه الإجراءات. لأنها إجراءات، ستعيد التوازن لسوق العقار، وتيسر فرص التملك أمام المواطنين، خصوصًا الشباب الذين يبحثون عن الاستقرار السكني، وما يزيد من أهمية هذه الإجراءات والتوجيهات الكريمة، أنها تتكامل مع مستهدفات برنامج جودة الحياة، الذي يهدف إلى تهيئة بيئة حضرية متكاملة تعزز من جودة المعيشة في المدن السعودية، وتدعم استقرار الأسرة من خلال توفير أنماط حياة متوازنة وخيارات معيشية متنوعة، في تناغم مع برامج أخرى مثل برنامج الإسكان.
وبتأمل هذا الدور الحيوي للإعلام، ندرك أننا عندما نتحدث عن إعلام تحليلي، فإننا لا نقصد مادة جامدة جافة، بل على العكس، نقصد إعلامًا يقف مع المواطن في قلب المشهد، يشرح له تفاصيل مثلت لك الإجراءات والقرارات الوطنية، بلغة يفهمها، بعيدًا عن التهويل أو التعقيد غير المبرر.
وفي ظل تدفق مستمر للأخبار وتعدد مصادر المعلومات، يصبح الإعلام التحليلي خط الدفاع الأول ضد الإشاعات وسوء الفهم. فحين يفهم المواطن خلفية القرار وتأثيراته الحقيقية، تقل فرص انتشار التأويلات الخاطئة أو الانفعالات المبالغ فيها.
الإعلام ليس مجرد ناقل للأحداث، بل شريك في بناء الوعي الوطني. وفي وطن يقفز قفزات عملاقة نحو المستقبل برؤية واضحة وطموحات كبيرة، تصبح الحاجة إلى هذا النوع من الإعلام أكبر من أي وقت مضى.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.