نقلة في مسيرة العلاقات
• كيف تصفون طبيعة العلاقات التاريخية بين إندونيسيا والمملكة، وما أبرز المحطات التي شكلت ملامح التعاون؟
•• بدأت العلاقات عبر القنوات الدبلوماسية في 1950، ومنذ ذلك الوقت استمر البلدان في إقامة تعاون وثيق في مختلف المجالات، وتعزز من خلال الزيارات والمشاورات رفيعة المستوى. ومن أهم الزيارات تلك التي تمت في عام 2017م؛ إذ قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بزيارة تاريخية إلى إندونيسيا، ما مثّل دفعة ونقلة في مسيرة العلاقات بين البلدين. وخلال فترة إدارة الرئيس جوكو ويدودو، قام رئيس إندونيسيا بزيارة المملكة خمس مرات، علاوة على ذلك، فإن أحد المعالم البارزة في مجالات الشراكة هو التعاون الاقتصادي، إذ تعد المملكة واحدة من الشركاء التجاريين الرئيسيين لنا في منطقة الشرق الأوسط، ووصل إجمالي حجم التجارة بين البلدين في 2023م، إلى 6.145.8 مليار دولار، ثم ارتفع بنسبة 7.8% في 2024م، إلى 6.621.3 مليار دولار.
وتشمل المنتجات الرئيسية التي تصدرها إندونيسيا إلى المملكة السيارات ومختلف الأغذية والمنتجات الزراعية، وفي الوقت نفسه الصادرات الرئيسية للمملكة هي النفط والغاز.
• الحكومة الإندونيسية، كيف ترى الفرص في رؤية السعودية 2030، هل هناك مجالات محددة تشهد فيها الشركات الإندونيسية مشاركة ضمن مشاريع الرؤية؟
•• يعتبر التعاون الاقتصادي بين البلدين في الوقت الحالي متنوعاً للغاية، ويشمل العديد من المجالات المهمة. ومن أبرزها السلع والخدمات، حيث سجل إجمالي صادرات إندونيسيا غير النفطية إلى المملكة 2.573.8 مليار دولار أمريكي في 2024م، بزيادة قدرها 23.8% من 2.078.7 مليار دولار في 2023م، وفي الوقت نفسه، فإن واردات إندونيسيا من المملكة مستقرة تقريباً، وسجلت في 2024م، نحو 4.047.5 مليار دولار، وفي 2023م، بلغت 4.067.1 مليار دولار، أما السلع الخمس الرئيسية، التي تصدرها بلادنا إلى السعودية، فهي السيارات، والزيوت النباتية، والأغذية المصنعة، ومنتجات الحديد والصلب.
في المقابل، السلع الخمس الرئيسية التي تصدّرها السعودية لنا هي: المشتقات البترولية، والنظائر، والبلاستيك، والمنتجات المعدنية، والمنتجات الكيميائية. أما في الاستثمار فتركز السعودية على الطاقة والبنية التحتية، وبلغ إجمالي استثمارات المملكة في إندونيسيا في 2024م، نحو 3.175.4 مليون دولار. وبالعودة لسؤالك، تتضمن رؤية المملكة 2030 تعزيز الاقتصاد غير النفطي والسياحة والاستثمار؛ وتطوير البنية التحتية؛ وتعزيز نوعية حياة المجتمع، ويمكن أن يكون ذلك ميداناً مناسباً لتطوير العلاقات الثنائية.
فالشركات الإندونيسية تتمتع بالقدرة على المشاركة في هذه المشاريع الضخمة، خصوصاً في مجالات تطوير البنية التحتية كالطرق والجسور، والسياحة.
تعليم اللغة الإندونيسية
• التبادل الثقافي بين المملكة وإندونيسيا يُعد من الجسور المهمة، ما أبرز المبادرات الثقافية والتعليمية القائمة حالياً، أو التي يتم العمل عليها؟
•• في مجال التعليم هناك تعاون يشمل تبادل البعثات، وعدد طلابنا في المملكة بالآلاف، في حين أن عدد الطلاب السعوديين الذين يدرسون في إندونيسيا لا يزال قليلاً للغاية.
أما في القطاع الثقافي فتشجع إندونيسيا وتدعم برنامج تعليم اللغة الإندونيسية في المملكة، والتعريف بأعمال وجهود العلماء الإندونيسيين، من خلال ترجمة نتاجهم إلى العربية.
وفي المستقبل، يجري الدفع بمبادرتين رئيسيتين على الأقل وهما: تنفيذ المؤتمرات المشتركة، وتبادل الباحثين. وأجرى وزير التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا في إندونيسيا محادثات مع سفير المملكة في جاكرتا، بشأن التعاون مع الأطراف ذات الصلة في المملكة، ومن أجل تحسين التعاون في مجال المكتبات ومحو الأمية، ويجري حالياً صياغة مذكرة تفاهم بين المكتبة الوطنية لجمهورية إندونيسيا، ومكتبة الملك فهد الوطنية، وقد دخلت حالياً في عملية الترتيبات النهائية.
تعزيز الجهد الوقائي
• أُعلن أخيراً عن توقيع اتفاقية لاستئناف سفر العمالة الإندونيسية إلى المملكة، بعد توقف دام 10 سنوات، ما أهمية الخطوة من وجهة نظر جاكرتا؟
•• رحبت الحكومة الإندونيسية باستعداد الجهات الرسمية في المملكة لتنفيذ نظام «القناة الواحدة» الذي تكمن أهميته في تعزيز الجهد الوقائي والثقة لدى الجانبين، قبل إرسال العمالة.
ولا تزال هناك تفاصيل فنية تحتاج إلى الدراسة والبحث من أجل الاتفاق حولها حتى يمكن تنفيذ النظام بوضوح، فمذكرة التفاهم بين البلدين بشأن العمالة كانت خطوة مهمة لضمان حصولهم على حقوقهم، بما في ذلك عقود عمل واضحة، ونظام شفاف لدفع الرواتب، والوصول إلى الحماية، دون التسبب في خسائر لصاحب العمل.
ولا تزال الآلية المشتركة قيد التفاوض والنقاش من خلال «مبادرة إصلاح العمل» التي دخلت حيز التنفيذ في مارس 2021م، ما سيضمن خفض قضايا العمل إلى أدنى مستوى إن شاء الله.توظيف العمال الإندونيسيين
• هل تم الاتفاق على آلية مشتركة بين البلدين لمتابعة شكاوى العمالة الإندونيسية، وكذلك أرباب العمل؟
•• بالنسبة للعمالة، من المهم للغاية حصولهم على تدريب متكامل، يتضمن المهارات والأعمال قبل إرسالهم للسعودية، لذلك ستتم معالجة عملية التوظيف ومراجعتها من قبل الوكالات الفنية الحكومية، بالتعاون مع الوكالات الخاصة التي تشرف عليها الجهات المعنية السعودية، مثل «مساند»، كما يمنع العمالة من استخدام تأشيرات الزيارة للبحث عن العمل في المملكة، لأنها تنتهك الأنظمة السعودية، وتضع العمالة في موقف غير واضح. لذلك لم يعد من الممكن تحويل تأشيرات الزيارة إلى تأشيرات عمل، وفقاً للأنظمة المحلية.
وبحسب بيانات وزارة الخارجية السعودية، فإن هناك 351,373 عاملاً إندونيسياً مسجلين رسمياً في المملكة، يعملون في ثلاثة قطاعات غير رسمية؛ وهم مساعدو المنازل، يليهم عمال النظافة والسائقون، أما نحن كسفارة، فنسعى لتغيير فكرة وانطباع الناس في المملكة، الذين يركزون على العاملين في القطاع المنزلي، من خلال الترويج للعمال المحترفين، والمساهمة الحقيقية في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 لتحقيق هدف التنوع الاقتصادي. لتشمل مجالات العمل التي يمكن شغلها: الضيافة، والأطعمة، والتمريض، وموظفي البحوث المختبرية، ومحاضري الجامعات وغيرها.
وفي هذا الصدد، رأت حكومة إندونيسيا أن تتم عملية توظيف العمال الإندونيسيين في وكالة فنية تكون مسؤولة بشكل كامل عن استكمال إجراءاتهم، بدءاً من توظيف العمالة وتدريبهم، حتى المغادرة ثم التوظيف لدى صاحب العمل. وبالنسبة للأسر السعودية، فإنه من خلال المناقشات بين وكالات التوظيف الفنية للحكومتين هناك استعداد لضمان حصول العمالة على منحهم الضمان في شكل تأمين صحي، وتأمين على الحياة وتأمين على العمل، وهذا يعني أن الأسر المؤهلة فقط، هي التي يمكنها استقدام العمالة الإندونيسية.
• هل هناك جهود مشتركة لتعزيز التبادل السياحي، وتشجيع المواطنين في الجانبين على استكشاف الثقافة وكنوز الطبيعة في البلدين؟
•• التعاون السياحي بيننا جيد نسبياً، ومن منظور السياحة والزيارات الدينية سواء الحج أو العمرة، فقد سجل أن عدد المعتمرين الإندونيسيين سنوياً 1.3 مليون إلى 1.4 مليون، في حين سيصل عدد الحجاج الإندونيسيين إلى 241 ألف حاج، وهو أكبر عدد للحجاج في العالم. ومن ناحية أخرى، لم تتحول إندونيسيا بعد إلى واحدة من الوجهات السياحية الرئيسية بالنسبة للسياح السعوديين. وبحسب بيانات المديرية العامة للجوازات الإندونيسية، فإن عدد السياح السعوديين الذين زاروا بلادنا في 2024م، بلغ 126,294، وسجلت زيادة بنسبة 27.35% عن 2023م؛ أي 99,172 شخصاً ومع ذلك لا يزال هذا الرقم بعيداً عن المأمول، ما جعل السفارة تخطط لدعوة رواد الأعمال في مجال الخدمات السياحية ومنظمي السفر وأصحاب المصلحة الآخرين لحضور معرض الرياض للسفر في الفترة من 24 إلى 26 مايو 2025م.
إضافة إلى ذلك، تقدم السفارة حالياً الفرصة لرواد الأعمال في مجال خدمات السياحة ومنظمي السفر، لحضور معرض تجارة المنتجات الحلال، في الفترة من 25 إلى 29 سبتمبر 2025م.
ننظر إلى المستقبل بتفاؤل
• أخيراً، ما تصوركم لمستقبل العلاقات الإندونيسية- السعودية خلال السنوات القادمة، سواء على مستوى السياسة أو الاقتصاد أو التواصل بين الشعبين؟
•• يمكن النظر إلى مستقبل العلاقات الإندونيسية- السعودية بتفاؤل كبير، خصوصاً في المجال السياسي والاقتصادي، وذلك من عدة جوانب:
زيادة التعاون الثنائي، الذي يشمل تعزيز العلاقات الدبلوماسية، بعد إنشاء مجلس التنسيق رفيع المستوى، وإقرار اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة والاستثمار، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي تشمل زيادة التعاون في مجالات الثقافة والتعليم والصحة، وفي القطاع التجاري، والقطاعات الصناعية الاستراتيجية، مثل تطوير الطائرات بدون طيار، والمعدات الطبية، وفي المجال الاجتماعي والثقافي، وزيادة عدد المنح الدراسية المتبادلة، وبرامج التبادل الطلابي، والأنشطة الثقافية المشتركة.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.