14 مايو 2025, 9:12 صباحاً
في تطورٍ لافتٍ قد يمثل نقطة تحوُّلٍ في مسار المفاوضات النووية المتعثرة، طرحت إيران الأحد الماضي، خلال محادثات جمعت وزير خارجيتها بمبعوث أمريكي خاص في سلطنة عُمان، مقترحاً وُصف بأنه "جذري"، وتقوم الفكرة الإيرانية، التي كشفت عنها مصادر مطلعة في طهران لصحيفة "نيويورك تايمز"، (الثلاثاء)، على إنشاء مشروع مشترك لتخصيب اليورانيوم بمشاركة دول إقليمية واستقطاب استثمارات من الولايات المتحدة الأمريكية، ليكون هذا المشروع بديلاً عن المطلب الأمريكي المحوري بتفكيك البرنامج النووي الإيراني، وتحاول إيران من خلال هذا المقترح تقديم مسارٍ جديدٍ للخروج من حالة الجمود الراهنة والتوصل إلى تفاهمٍ مغايرٍ بشأن برنامجها النووي، وذلك رغم النفي الأمريكي الرسمي السريع والقاطع لتلقي أيّ مقترحٍ بهذا الشكل.
بديلٌ واقعي
وفقاً لأربعة مسؤولين إيرانيين مطلعين على تفاصيل الخطة، اقترحت طهران صراحةً خلال محادثات عُمان إنشاء مشروعٍ مشتركٍ للتخصيب يضم في عضويته دولاً عربية من المنطقة، إلى جانب استقطاب استثمارات أمريكية في هذا المشروع، وأكدت هذه المصادر، التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها؛ نظراً للطبيعة الحسّاسة والمعقّدة لهذه المباحثات، أن المقترح الإيراني الأساسي يهدف إلى تقديم "بديل واقعي" لمطلب واشنطن الرئيس والرافض من قِبل طهران بتفكيك جميع أو معظم مكونات برنامجها النووي المُثير للجدل.
وتزامناً مع تسرُّب هذه الأنباء من مصادر إيرانية، احتفت وسائل إعلام إيرانية عدة، اليوم، بما وصفته بـ "خطة إيران الجديدة المطروحة على طاولة المفاوضات"، مبرزة تفاصيل المقترح على صفحاتها الأولى، اللافت كان تناول صحيفة "فرهيختجان"، المحسوبة على الحرس الثوري الإيراني، التي تساءلت بشكلٍ صريحٍ عمّا إذا كان هذا المقترح يمثل "خدمة أم خيانة" للمصالح الإيرانية، في المقابل، جاء الرد الرسمي من واشنطن ليقوّض الرواية الإيرانية تماماً، حيث نفى المتحدث باسم المبعوث الأمريكي الخاص، إيدي فاسكيز؛ بشكلٍ قاطعٍ وجازمٍ طرح فكرة المشروع المشترك لتخصيب اليورانيوم خلال الجولة الأخيرة من المحادثات في عُمان، وأكد فاسكيز أن هذا الادعاء، الذي نُسب لمصادر مجهولة، "غير صحيح على الإطلاق"، مشدّداً على أنه "لم يتم طرحه أو مناقشته أبداً" خلال اللقاءات.
تحديات المقترح
وعلى الرغم من طرحه كمبادرة تسعى لكسر الجمود، تثير فكرة إنشاء مشروع نووي مشترك يضم أطرافاً إقليمية واستثمارات غربية تساؤلات جدية حول مدى قابليتها للتطبيق العملي، ويبدو إشراك دول عربية في مثل هذا المشروع النووي الحساس، أمراً بالغ التعقيد ويتطلب تجاوز عقبات سياسية وجيوسياسية هائلة، علاوة على ذلك، فإن غياب العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة لأكثر من أربعة عقود ونصف يمثل تحدياً كبيراً أمام استقطاب استثمارات من شركات أمريكية خاصة في قطاع استراتيجي وحساس مثل المفاعلات أو أنشطة التخصيب، كما أن الشكوك تحيط بقدرة طهران على إقناع أطراف متعدّدة ومتباينة بالمشاركة في مشروع بهذا الحجم والتعقيد، خاصة مع استمرار حالة عدم الثقة التاريخية بين هذه الأطراف.
هذا التباين الصارخ بين تأكيد مصادر إيرانية على تقديم مقترحٍ نوعي وملموسٍ في محادثات عُمان، والنفي الأمريكي المُطلق لتلقي أي شيءٍ من هذا القبيل، يسلّط الضوء على مستوى التعقيد والضبابية التي تحيط بالمفاوضات النووية الحالية، فهل يعكس هذا التضارب مجرد سوء تواصلٍ أو فهماً مختلفاً لما تمّ تداوله في عُمان؟ أم أنه يشير إلى تكتيكٍ تفاوضي متعمدٍ من أحد الطرفين أو كليهما، حيث تحاول طهران إظهار مرونة ومبادرة وتقديم بديل لمطالب واشنطن، بينما تسعى الولايات المتحدة للتقليل من شأن ما تعدّه مجرد أفكارٍ غير رسمية أو غير جدية لا ترقى لمستوى المقترحات الرسمية؟
في ظل غياب شفافية كاملة حول مجريات هذه المحادثات السرية، يبقى الكثير غامضاً بشأن ما يدور حقيقةً خلف الأبواب المغلقة. لكن ما لا شك فيه هو استمرار المساعي للبحث عن مسارات محتملة لحل الأزمة النووية، حتى لو كانت هذه المسارات محفوفة بالتحديات ويقابلها نفي الأطراف لها.
هل يمثل المقترح الإيراني، بغض النظر عن النفي الأمريكي له، مؤشراً حقيقياً على استعدادٍ إيراني لاستكشاف أطرٍ مختلفة للتفاهم النووي وتجاوز المطالب التقليدية، أم أنه مجرد بالون اختبارٍ أو مناورة إعلامية في لعبة شد الحبل المستمرة بين طهران وواشنطن؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.