وما إن بدأت الفترة الثانية للرئيس ترمب حتى اشتعلت كافة المواقع الإخبارية العالمية والمحلية بمتابعة أخباره، فقد استهل فترة رئاسته الثانية بالعديد من القرارات التي يراها تصب في مصلحة المواطن الأمريكي، غير أنها تؤثر كثيراً على العديد من الدول الكبرى منها الكثير من الدول الأوربية والصين وكندا، ونتيجة لذلك ضجّت الأوساط السياسية والاقتصادية في هذه الدول بالجدل محاوِلةً فهم الواقع الجديد، في الوقت الذي سارعت فيه بالتفكير في كيفية الرد على تلك القرارات السريعة والمفاجئة.
من الواضح أن الرئيس ترمب لديه خطط واضحة ومحددة، وتتمحور هذه الخطط في أن يصبح الاقتصاد هو مركز العلاقات التي تربط بين بلده وبين الدول الأخرى، ومن هنا فإن الدول التي تحظى بمؤشرات اقتصادية عالية تصبح محور اهتمام الرئيس، الذي يرغب في تكوين شراكات اقتصادية معها لتحقيق مصالح البلدين وخدمة أهدافهما الاستراتيجية، لذلك لم يكن اختيار المملكة لتغدو المحطة الأولى في جدول زيارات الرئيس ترمب الخارجية عشوائياً أو بمحض الصدفة، فاختيار الدولة الأولى التي يزورها الرئيس الأمريكي يخضع للعديد من المعايير الدقيقة من وجهة نظر الإدارة الأمريكية، وهي الخطوة التي تعقبها العديد من الخطوات التي تصبّ جميعها في طريق واحد ومحدد وهو طريق الشراكة الاستراتيجية متعددة الجوانب.
من الملاحظ أن الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين توقعوا أن تكون إسرائيل -الحليف وثيق الصلة بالولايات المتحدة- ضمن جدول زيارات الرئيس الأمريكي وواحدة من المحطات الأساسية التي سيتوقف عندها، غير أنه يبدو أن إسرائيل الدولة المارقة لم تعد عدواً للكثير من دول العالم فحسب، بل أضحت عبئاً سياسياً على رؤساء الولايات المتحدة أنفسهم، ذلك أن منطقها في إدارة شؤونها السياسية والمقتصر على منطق الرصاص وقتل الجميع، سواء كانوا عرباً أو غير عرب، نفّر منها الجميع.
من الواضح تماماً أن إسرائيل هي حليف سياسي للولايات المتحدة وليست حليفاً اقتصادياً، وما يهم الشعوب الغربية هو التحالفات الاقتصادية، وليست السياسية أو العسكرية، فالبعد الاقتصادي بالنسبة لمواطني تلك الدول يؤثر كثيراً على قرار الناخب ويحدد توجهه في الانتخابات الرئاسية، ومن المؤكد أن اختيار الرئيس الأمريكي لدول الخليج العربي لتكون أولى محطات زيارته الخارجية، واختيار السعودية من بين بقية الدول لتكون مستهل رحلته الخارجية يعني -بما لا يقبل الجدل- أن المملكة دولة ذات ثقل سياسي واقتصادي بالغ الأهمية، ولعله غني عن الذكر توضيح كيفية تأثير الجانب الاقتصادي على الجانب السياسي، فالقوة الاقتصادية للدولة تؤثر سلباً وإيجاباً على سياسة الدولة.
لدى الرئيس الأمريكي العديد من الخطط لدول منطقة الشرق الأوسط، غير أنه يخصُّ المملكة بخطط متعددة تدور حول الشراكات الاقتصادية والعسكرية؛ التي توَّجها التوقيع على وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، والعديد من مذكرات التفاهم في مجالات الطاقة والدفاع، وفي اعتقادي أن الشراكات العسكرية تمثل أهم المجالات التي تضفي أهمية بالغة للدولة على الصعيد الدولي، فالولايات المتحدة -على سبيل المثال- الدولة الأقوى عسكرياً، وإقامة شراكات عسكرية معها يقوي الجانب العسكري للدولة التي تعقد معها هذا النوع من الشراكة.
من المؤكد أن زيارة الرئيس الأمريكي لدول الخليج حظيت بانتباه واهتمام دول العالم أجمع، غير أن تجنب زيارة الرئيس الأمريكي لإسرائيل يعدّ من الأحداث البارزة في تلك الزيارة، فقد درجت العادة على أن يسارع أغلبية الرؤساء الأمريكيين لزيارة إسرائيل، ولاسيما أنها قريبة جغرافياً من دول الخليج العربي، بيد أنه من الواضح أن الرئيس الأمريكي لا يرغب في تعكير أجواء زيارته لدول الخليج بزيارة دولة لا تعترف إلا بمنهج القوة ولا تتحدث إلا بمنطق القتل والرصاص.
الجدير بالذكر أن مشاعر الصداقة والود التي يكنها الرئيس الأمريكي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان واضحة للعيان، فقد صرّح الرئيس الأمريكي في العديد من لقاءاته بثقته وإعجابه بشخص ولي العهد، وبقراراته، وبسياساته، وقد ذكر الرئيس ترمب في منتدى الاستثمار في إطار زيارته للمملكة أن هناك دولاً حولت الصحاري إلى مزارع منتجة، في الوقت الذي حولت دول أخرى مزارعها إلى صحارٍ، وهو ما يعكس بوضوح إعجابه بالمسيرة التنموية للمملكة ورؤيتها 2030، ويوضح الدوافع التي دفعت الرئيس الأمريكي لأن تكون أولى وجهاته الخارجية المملكة، في إشارة صريحة تدل على اعترافه بالأهمية الاستراتيجية للمملكة، وتؤكد في الوقت نفسه عزمه على استخدام القوة العسكرية للدفاع عنها إن اقتضت الحاجة ذلك، وهو ما أعلنه الرئيس ترمب صراحة.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.