عرب وعالم / السعودية / عكاظ

.. استثناء عقلاني في مشهد جنوني

في عالم يبدو كسفينة تتهاوى في إعصار، تائهة بين صراخ الأيديولوجيات المتطرفة وصخب المصالح المتصارعة، حيث تتلاطم أمواج التطرف والاضطراب، تبرز المملكة العربية كقارة صلبة.

ليست صخرة جامدة، بل كيان حي، نابض، يقف بشموخ واستقرار يلفت الأنظار ويستدعي التأمل.

إنها استثناء عقلاني مدهش في قلب «مشهد جنوني» يلف الكوكب.

فما سر هذا الاستثناء؟ وكيف ترسو هذه السفينة العظيمة في بحر هائج؟

في زمن يقدس البعض الصوت العالي والموقف المتشنج، تختار السعودية لغة المنطق الهادئ والعمل الدؤوب. ليست هناك حاجة للصراخ لإثبات الوجود، فالوجود فاعل مسكون برؤية واضحة المعالم.

رؤية 2030 ليست مجرد شعارات ترفع في الهواء، بل هي «هندسة حياتية للمستقبل»، ترسم بالعقل خطوطاً ثابتة فوق رمال متحركة.

إنها إيمان عميق بأن بناء الإنسان وتنويع الاقتصاد وتمكين الطاقات هي اللبنات الحقيقية للعظمة، لا خطابات النار والغضب.

في عالم يلهث وراء اللحظة، تخطط السعودية للعقود، أليس هذا وحده استثناءً يبعث على الدهشة؟

تطل المملكة على بحر هائج من الصراعات والتحالفات المتقلبة، ومع ذلك، فهي تمثل «قلعة استقرار» لا تُنكَر. هذا الاستقرار ليس محض صدفة جغرافية أو ثروة طبيعية فحسب، بل هو ثمرة حكمة سياسية فذة.

حكمة تعرف متى تثبت كالجبال الراسية، ومتى تتحرك كالرياح المرسلة، متى تصمت لتسمع صوت العقل، ومتى تتكلم بصوت الحكمة الذي يُسمع فوق الضجيج.

إن الولاء المطلق لقادة هذه المسيرة ليس ولاءً أعمى، بل هو ثقة راسخة في بوصلتهم التي تتلمس طريق العقلانية وسط الضباب.

إنهم قادة يدركون أن القوة الحقيقية ليست في إشعال الحرائق، بل في بناء الحصون التي تحمي شعبها ومكانتها، وتعمل بلا كلل لتحقيق السلام والازدهار.

أليست هذه الحكمة في التعامل مع تعقيدات العالم المعاصر استثناءً يستحق الإعجاب؟

بينما تنهار المجتمعات تحت وطأة الانقسامات الطائفية والعرقية والسياسية، يُشكل المجتمع نسيجاً وطنياً متماسكاً مذهلاً.

هذا التماسك ليس إنكاراً للتنوع، بل هو رتقاء فوقه لبناء هوية جامعة.

إنه الولاء للوطن ككيان أعلى، كفكرة سامية تتسع للجميع تحت مظلة من القيم والأخلاق والتاريخ المشترك. هنا، في هذه البقعة المقدسة التي تحتضن قبلة المسلمين، يجد العالم نموذجاً فريداً حيث الوحدة الوطنية ليست شعاراً، بل واقعٌ معاشٌ، يقوم على الاحترام المتبادل والانتماء العميق لأرض هذا الوطن وقيادته الحكيمة، في زمن يحترق بالكراهية، يضيء هذا التماسك كمنارة أمل.

أليس هذا الالتحام الاجتماعي في عالم متمزق استثناءً مدهشاً؟

سر آخر لهذا الاستثناء يكمن في التوازن الفريد بين الأصالة و المعاصرة. السعودية ليست متحفاً يقدّس الماضي فحسب، وليست مركبة فضائية منفصلة عن جذورها، إنها شجرة عظيمة، جذورها ضاربة في عمق التاريخ والتقاليد العربية الأصيلة وقيم الإسلام السمحة، بينما تمتد فروعها بثقة نحو آفاق المستقبل.

هذا التجديد ليس تقليداً أعمى للآخر، بل هو «استلهام للعقل» وتبني للإبداع مع الحفاظ على الروح السعودية الأصيلة.

من نيوم المستقبلية إلى تطوير قطاعات والترفيه، إلى دعم الفنون والابتكار، كلها خطوات واثقة تقول: نحن أبناء حضارة عريقة، ونحن أيضاً مهندسو غد مشرق.

هذا الانسجام بين الهُوية والحداثة هو عقلاني نادر في عالم يميل إلى التطرف في أحد الاتجاهين.

في ، تبدو السعودية في هذا المشهد العالمي المضطرب «كسفينة نوح العصر الحديث». سفينة قوية البنيان، واضحة الاتجاه، يقودها ربان حكيم، ويحمل على متنها أبناء وطن موحدين بقلوب عامرة بالولاء والطموح، إنها وعد بأن العقل والحكمة والوحدة يمكن أن تنتصر حتى في أكثر الأوقات اضطراباً.

إن استقرارها ليس سكوناً، بل هو حركة واثقة نحو الأمام، رؤيتها ليست أحلاماً، بل خططاً محكمة تنفذ على الأرض. وحدتها ليست شكلاً، بل جوهراً يتجلى في كل مواطن فخور بانتمائه.

السعودية تستحق أن ننظر إليها ليس فقط بإعجاب، بل بتأمل عميق. فهي تقدم للعالم درساً بليغاً في قلب الجنون، يظل العقل خياراً ممكناً.

في خضم الفوضى، يمكن للاستقرار أن يكون قوة فاعلة، وفي زمن الانقسام، يظل الولاء للوطن والتماسك الاجتماعي درعاً منيعاً.

إنها استثناء عقلاني يبعث على الأمل، ويذكرنا بأن الجنون ليس قدراً محتوماً، وأن المستقبل يمكن أن يُبنى بالحكمة والإرادة والوحدة.

هذا هو إبهارها، وهذه هي دهشة قدرها المشرق في سماء هذا العصر.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا