عرب وعالم / السعودية / عكاظ

يا «سيد البيد» تمهل.. فهناك من ما زال يحبك !

في تحية لسيد البيد نشر سمو الثقافة -قبل سنوات قليلة- منشوراً جميلاً على صفحته في منصة إنستغرام، تحت عنوان (تحية لسيد البيد الشاعر محمد الثبيتي) مرفقاً بها مقطعاً بصوت الشاعر من قصيدة سيد البيد.

لم يكن المنشور إلا تأكيداً على احتفاء الوزير ووزارته بالثقافة والمثقفين وفهمه لمكانة من هم بوزن الشاعر الكبير محمد الثبيتي، في تراثنا وثقافتنا العربية .

لقد قال عنه الأديب والناقد السعودي سعيد السريحي: «لقد انتظرنا 1000 عام حتى جاء الشاعر محمد الثبيتي، وسننتظر 1000 عام أخرى لكي يظهر لدينا مثله».

الثبيتي ليس صنيعة «الأيديولوجيا» ولا صنيعة الثقافات المستوردة، بل هو ابن ملامح شعر امرئ القيس، وزهير بن أبي سلمى، وطرفة بن العبد، وعمرو بن كلثوم، وجرير، وعمرو بن أبي ربيعة، والمتنبي وكل أجداده من شعراء الجزيرة العربية موطن هوازن وثقيف ووائل وأزد، وهذيل وبجيلة، وقريش، وكل قبائل العرب الأقحاح الذين صنعوا لغتهم العربية وثقافتها وشعرها على أعينهم.

الثبيتي الذي نتمنى من سمو وزير الثقافة تكريمه في حفل ضخم يليق بأهم شعراء الجزيرة منذ ظهور الحداء على ظهور القوافل، مروراً بنبوغ الشعر بين يدي النابغة والأعشى وحتى اليوم، لم يكن مجرد شاعر مغرق في الرمزية، بل لأنه بالفعل نابغة هذا الزمان وشاعره.

مشكلة المتنبي أنه وقع في (فخٍ عظيم)، دون قصد منه، بل بسبب الزمان الذي ظهر فيه، فالمتنمرون من مثقفي الأمصار المستعربين، استكثروه علينا، ولم يكونوا قادرين على استيعاب أن يكون شاعرنا الثبيتي بهذه العبقرية الشعرية وأن يكون سعودياً في الوقت نفسه، بدويٌ قادم من فيافي وبوادي الجزيرة العربية، في تهامة الحجاز وحواضر نجد، ونسوا عن عمد أنه ابن السلالة الشعرية أباً عن جد لا هم.

والمأزق الثاني الذي أضر كثيراً بمتنبي عصرنا هو بغض الصحويين وفلولهم له، لأنه خرج عليهم وهم يتسيدون المشهد المجتمعي، فخشوا أن يهدم معبدهم الثقافي الذي يبنونه، والسردية الأممية التي يروجون لها، فبعض المحسوبين عليهم كانوا يبنون تراثاً ثقافياً وشعرياً مهتماً بقضايا عابرة مثل أفغانستان وكشمير وتورا بورا، فمن الصعوبة عليهم أن يروا سيد البيد الثبيتي يتسيد مشهد الشعر في مملكة العروبة وحاضنة تراثها العظيم.

وما زلت أذكر تلك الليالي الموغلة في الاستئصال، التي يهاجمون فيها صالات الأمسيات الشعرية، يخطفون المايكرفونات من بين أيدي الشعراء والنقاد، ويخرجون من فيها إلى الشارع، وما زلت أتذكر كيف أن تحالفاً قام بينهم وبين مشرفين على صفحات ثقافية في بعض الصحف كانت هي الحاضن الكبير للكراهية وصناعة الكوابيس عن الثبيتي ورفقائه.

ما أخشاه اليوم أن هناك من تلقف ترسبات الصحوة وقناعاتها عن الثبيتي، ويضادون أي مشروع لا يعرفونه أو لم يخرج من تحت عباءتهم، خاصة إذا كانوا يمتلكون منصات مؤثرة في العالم العربي، فالترويج لثقافتنا الناعمة ورموزها أهم من تصوراتنا الضيقة.

محمد الثبيتي مشروع وطني، وقامة سعودية كبرى، لن تختصرها دردشات وترسبات تتفلت بقصد أو بدون قصد، فالثبيتي استخدم الرمزية بوعي شعري عميق، مستنداً إلى المكان والزمان الأسطوري، واللغة القرآنية، ومن منا لا يستخدم لغة القرآن في ليله ونهاره، وهي تكاد تُشكلنا، وتهيمن علينا لقوّتها وروعتها.

الثبيتي لو كان قد نشأ بجوار الرصافة أو زيزفون دمشق أو جميزة بيروت لوضعه نقاد وشعراء الأمصار المستعربون على قائمة أعظم شعراء العربية، ولو قال قصيدة في كشمير لكان سيد الشعر عند صناع الكوابيس.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا