عرب وعالم / السعودية / عكاظ

وفلسطين: وحدة الأرض المقدسة ومواقف التاريخ والسياسة

منذ أن اختار الله -سبحانه وتعالى- أرض الجزيرة العربية مهبطًا للوحي، وجعل مكة المكرمة قبلة للمسلمين، والمدينة المنورة منطلقًا للدعوة، ثم بارك أرض فلسطين فجعل فيها المسجد الأقصى ثالث الحرمين؛ ارتسم على الخريطة الروحية للأمة الإسلامية مثلث من القداسة يربط بين الحرمين الشريفين في المملكة العربية والمسجد الأقصى في فلسطين، هذه المواضع لم تكن مجرد أماكن، بل رسائل إلهية عن مركزية الدين في حياة البشر، وعن وحدة الوجهة والمصير للأمة المسلمة، التي بعث فيها خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه فيها كتاب الله العزيز خاتم الرسالات الإلهية.

وقد وعى العرب والمسلمون -منذ صدر الإسلام- أن حماية تلك المقدسات تعني حماية الهوية ذاتها، وأن التفريط فيها تفريط في الأمانة التي حمّلها الله الأمة جميعًا، وهنا برزت المملكة العربية السعودية –بحكم وجود الحرمين الشريفين– بوصفها صاحبة الدور الأصيل في رعاية الدين وحفظ المقدسات، فجمعت بين مسؤولية العمق الديني ومكانة الريادة السياسية.

في العصر الحديث، ومع احتدام الصراع على أرض فلسطين، كانت المملكة من أوائل الدول التي تبنّت القضية الفلسطينية في المحافل العربية والإسلامية والدولية، لم تكن مواقفها مجرد بيانات، بل كانت خطوات عملية تجلّت في المساعدات المالية، والدعم الدبلوماسي، والتأكيد الدائم على مركزية القدس في وجدان الأمة، ومن يتتبع قرارات القمم العربية يجد أن السعودية كانت تقود الصف الأول في تثبيت حق الفلسطينيين ومواجهة الأطماع الصهيونية.

غير أن بعض المغرضين حاولوا مؤخرًا التشكيك في هذا الموقف التاريخي الثابت، عبر ترويج شائعات لا تستند إلى أدلة، كادعائهم أن سفينة سعودية تُبحر من إيطاليا نحو إسرائيل محمّلة بالبضائع، ولقد ثبت بطلان هذه المزاعم حين خرجت الحقائق موثقة تؤكد أن السفينة تجارية تابعة لشركات أوروبية، لا علاقة لها بالمملكة لا من قريب ولا من بعيد، لكن خصوم السعودية اعتادوا النفخ في أبواق التضليل، إدراكًا منهم أن ثبات موقفها يفضح تهاون غيرها.

إن من يتأمل مسار السعودية يجد أنها لم تتعامل مع فلسطين كقضية سياسية فحسب، بل كعقيدة وواجب ديني وعربي، فكما أن مكة والمدينة أمانة في عنقها، فإن القدس جزء من رسالة الأمة التي لا تنفصل، وقد عبّر قادة المملكة على اختلاف العصور عن هذه الرؤية الواضحة: لا سلام بلا حقوق الفلسطينيين، ولا استقرار دون عودة الأرض إلى أهلها، أو حل النزاع بفصل الدولتين فصلًا تامًا، على أن تكون القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين.

خلاصة القول إن كل مسلم عربي لديه من الفطنة والحنكة ما يجعله يدرك أن الحكمة من اقتران هذه البقاع الثلاث المباركة – مكة، والمدينة، والقدس – أن يبقى المسلمون واعين أن وحدتهم الروحية تسبق وحدتهم السياسية، وأن التفريط في واحدة منها هو تقويض للبقية، ومن هنا يتجلى صدق الدور ؛ فهي تدرك أن مكانتها الدينية تلزمها أن تكون درعًا واقيًا للقدس وأهلها، مهما حاولت أبواق التشويه أن تلبّس الحق بالباطل.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا