عرب وعالم / السعودية / عكاظ

الصناعة المعجمية: لغة البيان و«البيانات»

تشهد العاصمة ، هذه الأيام، حدثاً لغوياً فريداً من نوعه، يتمثّل في انعقاد المؤتمر السنوي الرابع لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية تحت عنوان «الصناعة المعجمية في العالم: التجارب، والجهود، والآفاق»، وهو المؤتمر الذي يتجاوز كونه مجرد لقاء أكاديمي عابر، ليصبح تجسيداً عملياً للرعاية ودعم القيادة الحكيمة للغة العربية، وتأكيداً على المكانة المركزية التي تحتلها المملكة بصفتها القلب النابض للعروبة والإسلام.

يأتي هذا المؤتمر ليعكس التزام المملكة الثابت بدعم اللغة العربية وتعزيز حضورها عالمياً، وهو التزام لا ينفصل عن رؤية 2030 الطموحة التي تضع الإنسان في صلب اهتماماتها. فالحفاظ على اللغة العربية وتطويرها ليس مجرد مسألة ثقافية، بل هو استثمار في الهوية والتراث، وأداة أساسية لتمكين الإنسان والمتحدث بالعربية في كل مكان. ومن هذا المنطلق، يؤكد المؤتمر دور مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية كمؤسسة رائدة لا تقتصر على جمع التراث اللغوي وتحقيقه، بل تتعداه إلى توظيف أحدث التقنيات لتطوير الدراسات اللغوية ومواكبة متطلبات العصر الرقمي.

تأتي الصناعة المعجمية إحدى الركائز الرئيسية لهذه الرؤية، فهي الجسر الذي يربط بين كنوز التراث اللغوي العربي العريق وعلم البديع والبيان، بمتطلبات المستقبل التكنولوجي وعالم الداتا والبيانات. فالمعاجم لم تعد مجرد كتب ورقية تشرح المفردات، بل تحوّلت إلى قواعد بيانات ضخمة تُغذي المحتوى الرقمي وتُطَوِّع تقنيات الذكاء الاصطناعي لفهم اللغة العربية وتحليلها وإنتاجها. وهذا المؤتمر، من خلال تركيزه على تجارب العالم وجهوده في هذا المجال، يؤسس لمرحلة جديدة تكون فيها العربية لغة فاعلة في صناعة التقنية، وليس مجرد مستهلكة لها.

يمثّل المؤتمر منصة دولية حقيقية تجمع كبار الخبراء والباحثين من مختلف أنحاء العالم، لإثراء الحوار حول قضايا اللغة وخلق فرص ثمينة لتبادل الخبرات وبناء الشراكات المستدامة. فالجلسات العلمية المتخصصة التي تناقش المعاجم والذكاء الاصطناعي والتكامل بينهما، والنقاشات الثرية حول مستقبل العربية في ظل الثورة التقنية، كلها مؤشرات على أن المؤتمر يضع الإصبع على الجرح، ويطرح القضايا الملحة التي تهم كل من يعنيه شأن اللغة.

يفتح هذا المؤتمر آفاقاً جديدة للتعاون الدولي في تطوير الصناعة المعجمية والابتكار اللغوي الرقمي. فهو رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن المملكة بمكانتها، ليست حارسةً للغة العربية فحسب، بل هي راعٍ أساسي لتطويرها وانتشارها في العصر الرقمي، لتكون قادرة على المنافسة في فضاء التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، كقدرتها على المنافسة في فضاء الأدب والإبداع.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا