في خطوة تعيد رسم خريطة التحصينات العسكرية لمصر القديمة، كشفت بعثة أثرية مصرية عن قلعة عسكرية ضخمة تعود إلى عصر الدولة الحديثة، التي امتدت من حوالى 1550 ق.م. إلى 1070 ق.م. المعروفة بعصر الازدهار العسكري والتوسع لمصر القديمة، في موقع تل الخروبة بمنطقة الشيخ زويد شمال سيناء.
وتعد هذه القلعة، التي تقع على طريق حورس الحربي الإستراتيجي قرب ساحل البحر المتوسط، واحدة من أكبر القلاع المكتشفة في المنطقة، بمساحة تصل إلى 8000 متر مربع، وتؤكد عبقرية المصريين القدماء في بناء منظومة دفاعية متكاملة لحماية حدودهم الشرقية.
وأسفرت أعمال الحفائر في تل الخروبة عن كشف جزء من السور الجنوبي للقلعة بطول 105 أمتار وعرض 2.5 متر، يتوسطه مدخل فرعي بعرض 2.20 متر، إضافة إلى 11 برجا دفاعيا حتى الآن، وجزء من السورين الشمالي والغربي، والبرج الشمالي الغربي.
ووفقا لوزارة السياحة والآثار المصرية واجهت البعثة تحديات من الكثبان الرملية المتحركة التي غطت أجزاء واسعة، لكنها كشفت أيضا عن سور «زجزاجي» بطول 75 مترا في الجانب الغربي، يقسم القلعة من الشمال إلى الجنوب ويحيط بمنطقة سكنية للجنود، وهو تصميم معماري مميز يعكس التكيف مع البيئة القاسية في عصر الدولة الحديثة.
وعثرت البعثة الأثرية على كسرات وأوانٍ فخارية متنوعة، بما في ذلك ودائع أساس أسفل أحد الأبراج ترجع إلى النصف الأول من الأسرة الثامنة عشرة، ويد إناء مختومة باسم الملك تحتمس الأول (حوالى 1506-1493 ق.م.).
كما عُثر على كميات من أحجار بركانية يُرجح نقلها عبر البحر من براكين جزر اليونان، وفرن كبير لإعداد الخبز مع عجين متحجر بجواره، ما يؤكد أن القلعة كانت مركزا حيويا للحياة اليومية للجنود، وأشارت الدراسات الأولية إلى مراحل ترميم متعددة، بما في ذلك تعديلات في المدخل الجنوبي، وتأمل البعثة في كشف بقية الأسوار والميناء العسكري القريب من الساحل.
وأعلن وزير السياحة والآثار المصري الدكتور شريف فتحي، أن الكشف يُجسد عبقرية المصري القديم في الدفاع، ويعزز مكانة سيناء حضاريا، مع خطط لدمج الموقع في مسارات سياحية جديدة.
تمثل الدولة الحديثة، التي امتدت من حوالى 1550 ق.م. إلى 1070 ق.م. عصر الازدهار العسكري والتوسع لمصر القديمة، إذ قاد ملوك مثل تحتمس الأول وتحتمس الثالث حملات ناجحة لصد الغزوات الهكسوسية والحيثية، وتأمين الطرق التجارية والعسكرية، وكان طريق حورس الحربي، الممتد من دلتا النيل إلى فلسطين، الشريان الرئيسي لهذه الحملات، وشُيِدت عليه سلسلة من القلاع كـ«حصون الشرق» لحماية الحدود الشرقية من التهديدات الخارجية.
وشهدت سيناء، التي كانت بوابة مصر الشرقية، اكتشافات سابقة مثل قلعة تل الخروبة في الثمانينات (مساحتها 2500 متر مربع)، وقلاع تل حبوة وتل البرج وتل الأبيض، جميعها تعود إلى العصر نفسه.
وهذه التحصينات لم تكن مجرد جدران، بل مراكز حياة متكاملة تضم سكنا للجنود ومنشآت إنتاجية، ما يعكس تنظيما عسكريا متقدما، ويأتي الاكتشاف الجديد في سياق حملات حفائر حديثة مدعومة من المجلس الأعلى للآثار، ويُضيف إلى قائمة التراث العالمي.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.