13 أكتوبر 2025, 3:52 صباحاً
تمثل هواية صيد الصقور وتربيتها أحد أبرز المظاهر التراثية الأصيلة في شبه الجزيرة العربية، ولا سيما لدى أهالي منطقة المدينة المنورة، الذين حافظوا على هذا الموروث الأصيل عبر الأجيال، وجعلوه جزءًا من هويتهم الثقافية والاجتماعية.
وتُعدُّ هذه الممارسة من أقدم الفنون العربية المرتبطة بالصحراء والحياة البرية، إذ كانت في الماضي وسيلةً للصيد والمعيشة قبل أن تتحول إلى هوايةٍ تراثيةٍ تحظى بدعمٍ رسمي في المملكة.
وتنتشر في المدينة المنورة تربية الصقور في عددٍ من المحافظات والمناطق الريفية، خصوصًا في الجهات الشمالية والشرقية، إذ يُقبل الأهالي على اقتناء الصقور وتدريبها على فنون الصيد وفق أساليب دقيقةٍ موروثة، تبدأ باختيار الصقر، مرورًا بفترة التدريب المعروفة محليًا بـ"التدهيل"، وصولًا إلى مشاركته في رحلات الصيد الموسمية التي تراعي الأنظمة البيئية واللوائح المنظمة.
ويُعدُّ شهر أكتوبر موسمًا رئيسًا لصيد الطيور في المنطقة، وفقًا للطاروح زيد بن محمد الحربي، الذي يوضح أن هواة الصيد يجتمعون خلال هذا الشهر لممارسة الهواية تزامنًا مع هجرة الطيور مثل الشواهين، ليكون الموسم فرصةً للرزق والتربية والتسلية.
ويشير إلى أن مواقع المقناص على الساحل الغربي من المملكة محددة ومعروفة، ومن أبرزها "الشعلان، والحنو، والرايس، والمعجز، والشعيبة، والمستورة، والخرار، والمجيرمة"، مؤكدًا أن المجيرمة تُعدُّ من أفضل مواقع المقناص في الساحل الغربي.
ويولي الصقّارون في المدينة المنورة اهتمامًا كبيرًا بتغذية الصقور والعناية بصحتها، ويستخدمون أدواتٍ تقليديةً موروثة مثل "البرقع" و"السبوق" و"الملواح"، كما تُستخدم الطرادات والمخادج لمراقبة الطيور أو الإمساك بها، خصوصًا تلك التي لم يتمكن الصقّار من اصطيادها مباشرة، وغالبًا ما يستمر الصيد من الصباح حتى الليل لضمان نجاح العملية، مع الالتزام بالأنظمة البيئية، وحماية الطيور المسموح بصيدها قانونيًّا.
وعلى مدى أكثر من أربعين عامًا، نقل خبراء الصيد معارفهم وخبراتهم إلى الأجيال الجديدة، مؤكدين أهمية ممارسة الهواية بأسلوبٍ مسؤولٍ وممتع، والتركيز على التعليم أولًا، وتسهم الأندية المتخصصة في تدريب الشباب ودعمهم لمواصلة هذا الإرث العريق.
وتشهد المدينة المنورة مشاركةً فاعلةً للصقّارين في المهرجانات والفعاليات التراثية التي تنظمها الجهات الرسمية؛ بهدف توثيق الإرث الوطني ونقله للأجيال القادمة، بالتوازي مع الجهود الوطنية الرامية إلى حماية الحياة الفطرية وضمان استدامة التنوع البيئي، وتعمل المملكة من خلال نادي الصقور السعودي واللوائح المنظمة لتربية الصقور وصيدها وتصديرها، بما يتوافق مع المعاهدات الدولية الخاصة بحماية الأنواع المهددة بالانقراض.
وتؤكد هذه الجهود أن صيد الصقور وتربيتها في المدينة المنورة لم يعد مجرد هوايةٍ تقليدية، بل أصبح جزءًا من مشروعٍ وطنيٍّ لتعزيز التراث والهوية الثقافية، مع المحافظة على التوازن البيئي وتنمية السياحة التراثية في المنطقة، ولا سيما خلال مواسم المقناص، الذي يجسّد شغف الأهالي وحبهم للطير والصيد.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة عاجل ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة عاجل ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.