عرب وعالم / السعودية / عكاظ

صدمة: «فاشينيستات» في حفل تدشين مشروع صحي جديد في !

في مشهدٍ صادم أثار سخطاً وسخرية عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، افتتح مستشفى جديد أبوابه في على فلاشات الكاميرات لا على نبض الإنسانية، وتحوّل حفل الافتتاح إلى عرضٍ دعائي تصدّرته «الفاشينيستات» وعدسات المشاهير، في مشهدٍ بدت فيه الرسالة الطبية غائبة تماماً عن الحضور، ليحلّ محلها وهجُ «الترند» وبريقُ الكاميرا، إذ استقبل على سجادةٍ حمراء «مشاهير البثوث ومواقع التواصل»، بدلاً من أن يصدِّر بهوَه لصفوة العلماء والأطباء والباحثين الذين يرفعون منسوب الثقة لا المشاهدات.


اختلطت في هذا المشهد أقنعة الجمال والاستعراض بوجوه الألم والمرضى وأجواء الطوارئ، وصور الضحك بمشاهد المرضى، لتولد صورة نمطية مشوّهة عن المؤسسة الطبية؛ صورة لا تعالج، بل تستعرض، وسط سؤال عريض: ما الذي سيتشكل في وعي المريض حين يرى أن «الفاشينيستا» تتصدر مشهد الافتتاح، فيما الطبيب الذي أنقذ الأرواح على هامش المشهد؟


سيغادر المكان بشعور أن الطب أصبح «ماركة»، وأن المستشفى ليس بيتَ شفاءٍ بل منصة للعرض والظهور.


المشكلة ليست في وجود الكاميرات، بل في غياب المصداقية؛ فحين يُستعار وجهٌ لا يعرف شيئاً عن الألم لتسويق مؤسسة علاجية، يتحوّل الطب إلى إعلان تجميلي فاقد للروح. الموثوقية هنا تُصاب بعدوى الشكل، والعلم يُختصر في مقطع دعائي مفرغ من الجوهر، بينما يفقد المريض الثقة في النية قبل الخدمة.


المستشفيات تُبنى لتعيد للناس صحتهم وكرامتهم، لا لتعيد ترتيب المشاهد في «الترند».


فحين يختلط «الأبيض» الطبي بألوان «الفلاتر»، ينهار الخط الفاصل بين العلاج والاستعراض، وتصبح الإنسانية نفسها بحاجة إلى إنعاش.


المستشفى الشهير الذي دشّن أبوابه حديثاً لم يخطئ في اختيار ضيوفه فحسب، بل في بوصلته كلها.


طريقة تسويقه كانت إعلاناً فادحاً عن غياب الرؤية، وعن جهلٍ مدوٍّ بقيمة الهدف الذي يُفترض أن تكون رسالته؛ الإنسان.


بدل أن يبدأ من جوهر الطب والترويج الرصين، انطلق من سطح التجميل، وبدل أن يستدعي صوت الخبرة والعلم، استحضر ضجيج الشهرة والموضة. وكأنَّ معيار الثقة أصبح عدد المتابعين لا عدد الأبحاث، وعدسة الكاميرا أصدق من أجهزة الأشعة.


ذلك الانحراف عن الغاية لا يُفقِد المستشفى هيبته فحسب، بل يوجّه رسالة خطيرة إلى المجتمع مفادها أن «الصورة باتت أهم من المضمون»، وأن جلب المرضى يمكن أن يُغلَّف ببريقٍ زائف ليُسوَّق كمنتج فاخر. إنها طريقة تسويقٍ فقدت البوصلة، وضاعت بين وهم التأثير وحقيقة الرسالة الإنسانية.


والمؤلم أن هذا النموذج لم يبقَ حبيس قطاع الطب، بل تسلّل إلى مجالات أخرى؛ إلى مطاعم تُسوِّق مذاقها بعدسات «فاشينيستات» لا يميزن بين نكهة ولا جودة، وإلى مشاريع عقارية تُروِّج أحلام السكن على ألسنة مؤثرين لا يفقهون في التصميم أو الهندسة، المشهد يتكرر؛ استعراضٌ بلا مضمون، وواجهة براقة تخفي هشاشة الفكرة وغياب المعنى.


إنها موجة تسويقية فقدت الوعي والاتجاه وتحتاج لضبط، تُغري بالسطح وتُفرِغ العمق من مضمونه. فحين يُستبدل العقل بالشهرة، والمعرفة بالظهور، تنهار الثقة في كل شيء؛ من الطب إلى الطعام إلى الطوب.


ومن يسير على هذا النهج، لا يبيع منتجاً، بل يبيع أوهاماً مطلية بالأضواء.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا