عرب وعالم / السعودية / عكاظ

الرواية الرقمية

القصة أداة وجودية، فهي تضفي للوجود معنى وعبرها تتناقل الخبرات الإنسانية، فالقصة والأسطورة جند من جنود الله، والقرآن كتاب يحوي «أحسن القصص» ومجمع المعجزات السردية، ومنذ فجر حكايات الجدات وحتى عصر الرواية الحديثة، كان جوهر السرد إجابة لثلاثة أسئلة: ما القصة؟ ومن يرويها؟ ولماذا يقصها؟.

واليوم في عالمنا الرقمي نشهد على السرد التفاعلي والميتاسرد الذي يجعلنا أكثر من متلقين بل نحن جزء من القصة.

فالراوي العليم التقليدي أصبح خوارزميات ذكية موزعة.

السرد التقليدي عند ديفيد هيرمان هو: «طريقة لتنظيم التجربة البشرية في شكل متسلسل من الأحداث، يقدم إحساسًا بالتماسك والمعنى».

وهو بهذا المعنى ليس حكرًا على الأدب، بل يشمل الصحافة والعلوم والتاريخ...

أما السرد الرقمي فهو استخدام الوسائط الرقمية كالنص والصورة والصوت والفيديو في بناء القصة.

فهو سرد يتجاوز النص المكتوب ليصبح متعدد الوسائط قائم على التوليد والتفاعل.

فالقصة التي كانت مغلقة صارت قصة مفتوحة، ولم يعد مؤلفها واحدًا بل متعدد: هو المؤلف والجمهور والخوارزميات.

والقصة العابرة للمنصات تتوزع في لعبة وفيلم وأغنية... ويستطيع المستخدم أن يغيّر سيناريو الأحداث ومصائر الأبطال، بمعنى أن الراوي العليم نزل من عرش إبداعه وصار راويًا متعدد الأكوان، يعرف كل شيء، وهذا يعني أن الراوي العليم لم يغب لكنه فقد سلطته الأحادية وأصبح أشبه بالشبكة السردية، التي لا تعرف للقصة مسارًا واحدًا بل تعرف كل المسارات الممكنة للقصة.

يبدو أنه لا بأس بأن نسلم أنفسنا لراوي الأكوان المتعددة، لكن لدي مأخذ أخلاقي واحد على الأقل يخص هذا الراوي وهو أنك كمستخدم لو راجعته وأبديت إعجابك بعمله فسيطريك ويكيل لك المديح ويعترف بفضلك، وإن قلت أنه أخطأ وعمله لم يعجبك فسيعتذر عن الخطأ ويبجلك ويثني عليك كذلك.

فلو كان الراوي الرقمي الذكي هذا شخص بيولوجي بلحم ودم لما كان له صفة أشد وضوحًا من كونه منافقًا كبيرًا.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا