تأتي زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لواشنطن هذا الأسبوع لتمثل محطة مهمة في تاريخ علاقة البلدين، لكنها تصف بشكل أبلغ واقع العلاقة اليوم، وكيف أصبحت المملكة بعد ما يقارب عقداً من زمن إطلاق رؤيتها لاعباً دولياً مهماً، يبني على إرث من الوزن السياسي والمواقف الراسخة والعلاقات المتوازنة.
ومن هنا تنظر واشنطن للمملكة كلاعب رئيسي على المستوى السياسي وقادر على التأثير في عدة ملفات إقليمية، كما أنها لاعب رئيسي في توازن أسواق الطاقة، ليس فقط على المستوى النفطي، بل أيضًا تعد أسرع الأسواق نموًا في الطاقة الشمسية وتسعى للريادة في الطاقة النظيفة، وهو ما يجعلها بحسب مجلس شيكاغو للشؤون الدولية «شريكًا مهمًا في تأمين تحوّل الطاقة عالميًا».
وقد شهدنا خلال زيارة الرئيس ترمب للرياض توقيع مذكرات تفاهم بين أرامكو وشركات غاز أمريكية. تشير عدة مصادر من ضمنها وكالة رويترز إلى أن زيارة نوفمبر ستثمر عن اتفاقيات إضافية تستهدف زيادة استثماراتها في الغاز المسال الأمريكي، وفرص زيادة حصتها في شركات أمريكية.
وهذا الأمر يؤدي لمنافع مشتركة تتجاوز الطاقة بحد ذاتها، إلى فرص التعاون في مجالات الذكاء الإصطناعي وخاصة قواعد البيانات والحوسبة السحابية، حيث تمتلك السعودية بنية تحتية قوية بالإضافة إلى تنافسية عالية في تقديم مزيج طاقة منخفض التكاليف، ويكفي الإشارة إلى أن المملكة استثمرت حتى الآن ما يقارب 21 مليار دولار فقط في مراكز البيانات، ناهيك عن السيارات الكهربائية واستكشاف الفضاء والصناعات المتقدمة.
من جانبه نشر معهد واشنطن تحليلاً لـ«دانا سترول»، إطاراً عاماً يشير إلى تطلع الإدارة الأمريكية للارتقاء بالعلاقات الأمريكية السعودية إلى مستوى جديد من الشراكة. في ظل التنافس العالمي الحالي، مما يعني النجاح في أمن سلاسل التوريد، والابتكار التكنولوجي المتطور، والقدرة الصناعية، والاقتصادات المرنة.
السعودية من جانبها تنظر إلى الطرف الأمريكي لتطوير أسطولها الجوي العسكري، وماذا يمكن أن يسفر عنه التعاون الدفاعي والأمني بين الطرفين، بالإضافة إلى جذب المزيد من الاستثمارات والتقنيات الأمريكية، التي ستستفيد من الفرص الواعدة التي تقدمها رؤية السعودية 2030.
خلال العامين الماضيين كانت المملكة راسخة في قرارها السياسي ومواقفها الثابتة ليس فقط في الموقف من قضية فلسطين، بل بالوقوف بوضوح ضد أي اعتداء على سيادة دول المنطقة، وحافظت على حيادها في الموضوع الروسي الأوكراني، وهذا ما نتج منه عدة خطوات إيجابية ليس أقلها احتضان المفاوضات الروسية الأمريكية، وهذا يقرب الفهم أكثر من أن المملكة أكبر من أن تصطف مع طرف ضد آخر.
في فترتي رئاسة دونالد ترمب اختار الرياض كوجهة أولى، وبينهما زار الرئيس بايدن مدينة جدة بعد أن نزل من شجرة تصريحاته في بداية فترته الرئاسية، ذلك لا يعد تفصيلاً صغيراً على مستوى مكانة المملكة العربية السعودية اليوم، ودورها في ملفات الأمن والسلم الإقليمي واستقرار أسواق الطاقة، والثقل الاقتصادي ودورها في سلاسل الإمداد ومستقبل تقنيات الذكاء الاصطناعي.
رمزية هذه الزيارة تتجاوز اتفاقية بعينها سواء كانت أمنية أو غازاً مسالاً، رمزية هذه الزيارة هي رغبة الطرفين في الاستثمار في العلاقات الصلبة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
