هل نتشارك حقًّا مع الموز معظم حمضنا النووي؟ يتناقل الجميع هذه المعلومة ولكن من أين أتت؟ في الواقع فإن هذه المقولة، وعلى عكس العديد من المقولات الزائفة، لها أساس علمي حقيقي، وفقًا لبيانات برنامج أجراه المعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري عام 2013، هناك بالفعل تشارُك كبير في بعض المواد الجينية بين البشر والموز.
لكن هنا تنتهي دقة الادعاء.
تقريبًا كل تفصيل آخر في جملة «البشر يتشاركون 60٪ من حمضهم النووي مع الموز» غير صحيح لأن النسبة ليست 60٪، والمقصود ليس الحمض النووي.
الانسان يتشارك 50٪ من حمضه النووي مع كل من والديه. لكن نتشارك مع الموز نحو 50٪ من جيناتنا، التي تمثل 1٪ فقط من حمضنا النووي.
إذن الصواب هو أننا نتشارك نسبة من نواتج الجينات مع الموز، وليس الحمض النووي أو حتى الجينات نفسها، بل الجزيئات المختلفة من البروتينات أو الحمض النووي الريبي الناتجة من تفعيل الجينات.
مع ذلك فإن حتى هذا التفسير مبسط جدًا، فما الحقيقة بالضبط؟
كان هدف مشروع عام 2013 تأسيس معرض في متحف سميثسونيان للتاريخ الطبيعي واستُخدمت النتائج في فيديو تضمّن أن الجينوم البشري متشابه بنسبة 41٪ مع جينوم الموز.
لمقارنة الجينومات، صنف العلماء جينات الموز، واستخدموا النتائج لتوقع المنتجات المحتملة للجينات، وفعلوا الشيء ذاته مع الجينات البشرية.
كانت الخطوة التالية هي مقارنة مجموعتي البيانات، وهي مهمة الحاسوب.
أُجري أكثر من 4 ملايين مقارنة، إذ كان البرنامج يقارن مدى تشابه تسلسل جينات الموز مع كل جين بشري، وُجد نحو 7,000 تطابق، أي جينات في الموز لها نظير تقريبي في الجينوم البشري، ما يعادل 60% من الجينات في أحد الأنواع لها نظير يمكن التعرف عليه في النوع الآخر. لكن هذا التناظر لم يكن تطابقًا كاملًا، إذ بلغ متوسط التشابه بين البروتينات نحو 40%.
إذن، فنحن في الواقع لا نتشارك 60% من حمضنا النووي مع الموز، بل نتشارك تشابهًا بنسبة 40% مع 60% من نسبة 2% فقط من حمضنا النووي!
بالنظر إلى العديد من الاختلافات الواضحة بين البشر والموز يظل هذا الإحصاء مفاجئًا لكنه أقل إثارة للدهشة من الادعاء الأصلي.
«لنتخيل بناء منزل. يمكن أن نعدّ الحمض النووي بمثابة المخطط الأساسي للمنزل، في حين يمثل الحمض النووي لأنواع محددة مخططات لأنماط منازل مختلفة».
«عند مقارنة منزل بالريف بمنزل بالمدينة، سنلاحظ أنهما مختلفان تمامًا. فقد يكون لديهما أثاث مختلف، وديكورات مختلفة، وتفاصيل خاصة بكل منطقة، وحتى أحجام وأشكال مختلفة. كل هذه الخيارات تشبه منتجات البروتينات الناتجة من حمضنا النووي، وهي المعلومات التي تميز منزلك الخاص عن أي منزل آخر».
الأمر ذاته ينطبق على منتجات الجينات. يبدو البشر والموز مختلفين جدًا للوهلة الأولى، لكن على المستوى الأساسي جدًا، لسنا مختلفين كثيرًا.
فما نفعله لكي نعيش يفعله أيضًا الموز، هناك الكثير من الأشياء التي نفعلها بنفس الطريقة، مثل استهلاك الأكسجين. الكثير من هذه الجينات أساسية للحياة.
بطريقة ما، هذا ليس مفاجئًا، فكلنا ننحدر من نفس المكونات الأولية: كل الحياة على الأرض تطورت من خلية واحدة نشأت منذ نحو 1.6 مليار سنة. بمعنى ما، نحن جميعًا أقارب .
قد نكون أقرب إلى الموز مما يوحي به الفحص البصري السريع لكن لسنا متشابهين جدًا مع هذه الفاكهة أيضًا.
الشيء الرائع هو أنه رغم تباعدنا التطوري الكبير، ما زال بإمكاننا العثور على بصمة مشتركة في جينوم سلف مشترك.
اقرأ أيضًا:
العثور على حمض نووي عمره 75 مليون عامًا محفوظ في بقايا ديناصور صغير ذو منقار بطي
ربما احتوى جين الحياة الأول على حمض نووي لم نسمع به من قبل
ترجمة: علاء الشحت
تدقيق: لين الشيخ عبيد
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.