رياضة / عكاظ

فوضى بودكاست الجماهير.. حين يصبح المايكرفون فخاً قانونياً للمشجعين

في وقت باتت فيه المنصات الرقمية نافذة كبرى للرأي والتأثير، شهدت ساحة البودكاست الرياضي في انفلاتاً غير مسبوق، حيث تحوّلت بعض الحلقات إلى ساحات شتائم، وفضاء للاتهامات، وعروض انفعالية، لا تنتمي للإعلام بصلة، وإنما تعكس حالة جماهيرية مشحونة تُبث بلا سقف ولا وعي.

التحقيق الذي نجريه اليوم لا يستهدف المنصات بحد ذاتها، بل يسلّط الضوء على ممارسات خطيرة يقودها بعض «مذيعي البودكاست» من غير الإعلاميين، ممن اتخذوا من انتماءاتهم الرياضية منابر للانتقاد اللاذع، والتجريح، بل والتشهير، مستغلين جماهير لا تُدرك أن ما يُقال في جلسات الأصدقاء، ليس هو ما يُقبل قانونياً في فضاء عام يُعد منبراً إعلامياً رسمياً.

آخر هذه الوقائع كانت حين خرج أحد المشجعين في بودكاست رياضي، ووجّه عبارات جارحة إلى لاعبي نادي النصر، وهو ما دفع الإدارة القانونية بالنادي إلى تقديم شكوى رسمية للجهات المختصة، باعتبار ما قيل تجاوزاً قانونياً يُصنَّف كتشهير وإساءة علنية.

المايكرفون ليس ديوانية

المحامي سلمان الرمالي يحذر قائلاً: «ما لا يعلمه كثير من الجماهير أن القانون لا يفرِّق بين منصة إعلامية تقليدية أو رقمية، فمجرد النشر العلني يُرتب مسؤولية. من يتحدث في بودكاست يُحاسب كما يُحاسب الصحفي في صحيفة يومية. المشكلة أن بعض المنتجين يغررون بضيوفهم، فيُسهمون في وقوعهم بمصيدة قانونية دون حماية».

انحراف تربوي

أما الخبير التربوي حمدان التومي، فيشير إلى أن «جيل الناشئة يتأثر بشكل خطير بمحتوى هذه البودكاستات، حيث يتعلّم أن السخرية والصوت العالي والتجريح هو السبيل لنيل الشهرة. هذا انحراف تربوي خطير يجب أن تواجهه الأسر والمؤسسات التعليمية بالتوعية، وبالمطالبة بالضبط التنظيمي».

منتجون بلا ميثاق

من جانبه، يؤكد خبير الاتصال الرقمي عواد الشمري أن «غياب الحوكمة الإعلامية من قبل هيئة تنظيم الإعلام سمح بتكاثر بودكاستات المشجعين الذين لم يتلقوا تدريباً مهنياً، ولا يدركون مفاهيم المسؤولية التحريرية. فبينما يجب أن تكون هذه البرامج أدوات توعية، تحوّلت إلى أدوات تحريض وتحطيم».

ويضيف: «ما نراه الآن هو فوضى يقودها هواة، لا إعلاميون، يُنتجون حلقات بهدف كسب التفاعل لا بناء الرأي، وغالباً ما يُستخدم المشجع كأداة لتفريغ غضبهم من نتائج المباريات».

الوعي المهني

إن استمرار هذه الفوضى، دون تدخل تنظيمي من هيئة الإعلام أو الجهات المختصة، يفتح الباب لانتهاكات أكبر، ويضع النشء في دائرة الخطر القيمي والقانوني.

لا بد من إصدار مدونة سلوك ملزمة للبودكاست الرياضي، تتضمن معايير للنشر، وضوابط لاستضافة الجماهير، ومساءلة قانونية للمنتجين والمذيعين الذين لا يملكون الحد الأدنى من الوعي المهني.

«البودكاست» منصة لها أثر، لكنها ليست ساحة معركة مفتوحة.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا