تكنولوجيا / البوابة العربية للأخبار التقنية

من الإهمال إلى الريادة.. هل تنجح الخطط الرقمية في إنعاش البريد السوري؟

  • 1/2
  • 2/2

في خطوةٍ تاريخيةٍ، نحو إعادة إحياء اقطاع البريد السوري، وقّعت المؤسسة السورية للبريد مذكرتي تفاهم مع كل من مؤسسة البريد التركي ومجموعة بريد ، وذلك في إطار مسيرة إصلاحية شاملة تهدف إلى تعويض عقود من التدهور والإهمال الذي طال المؤسسة خلال عهد النظام البائد.

وتشير الوقائع إلى أن الخدمات البريدية في عهد النظام المخلوع قد عانت ضعفًا هيكليًا واضحًا، كان أبرز مظاهره الغياب شبه التام للاعتماد على أنظمة إلكترونية متكاملة، وحال ذلك دون تبسيط الإجراءات وتطوير تقديم الخدمات للمواطنين، الذين عانوا بطئًا وإرباكًا كبيرين في المعاملات.

وقد تفاقمت هذه المعاناة مع انتشار ممارسات الفساد الإداري في معظم مفاصل المؤسسة، مما أضعف ثقة الجمهور بها كمرفق خدمي موثوق.

ولم يقتصر الأمر على الجانب التقني والإداري، بل امتد ليشمل تضاؤل قدرة البريد على مع الجهات الحكومية الأخرى لتسهيل تقديم خدماتها للمواطنين، وهذا العزل المؤسسي حدّ من دور البريد كقناة مؤسسية فعالة لتقديم الخدمات الحكومية، محولًا إياه إلى كيان شبه مهمش.

كما أن التسويق الضعيف وغير الفعال لخدمات البريد السوري أسهم بنحو مباشر في تراجع الإيرادات، مما أدى إلى وقوع المؤسسة في دوامة من الخسائر المتتالية والمتراكمة، إذ شكلت هذه العوامل مجتمعة حاجة ملحة إلى إعادة هيكلة شاملة، تتبنى حلولًا إلكترونيةً، وبرامج شفافية وتأهيل إداري، لإعادة بناء ثقة الجمهور وكفاءة أداء المؤسسة.

البريد السوري.. بداية جديدة:

في هذا السياق، تأتي مذكرتا التفاهم مع البريد التركي وبريد المغرب كخطوة عملية أولى نحو معالجة هذا الإرث الثقيل، إذ تهدف المذكرتان إلى ترسيخ علاقة إستراتيجية متعددة الأبعاد، تقوم على تحديث الخدمات البريدية والمالية واللوجستية، وتعزيز التبادل التجاري الرقمي، وبناء قدرات بشرية وتقنية تمكن البريد السوري من اللحاق بركب التحول الرقمي وتوسيع شبكة خدماته الدولية.

ويركز التعاون على محاور حيوية عدة، يأتي في مقدمتها تعزيز التجارة الإلكترونية وتسهيل تبادل الطرود والحوالات المالية. وهذا المحور بالغ الأهمية في ظل التوسع العالمي للتجارة الإلكترونية، إذ تسعى المؤسسة إلى أن تكون شريكًا لوجستيًا وتجاريًا أساسيًا في هذا المجال، مع الالتزام بالمعايير الدولية التي حددها الاتحاد البريدي العالمي.

ولضمان استدامة هذا التطوير، يتضمن التعاون بناء الخبرات من خلال تبادل الخبرات، وتنظيم دورات تدريبية، وإنشاء فرق عمل مشتركة، مما يشير إلى فهم عميق لأهمية العنصر البشري في عملية التحول، إذ إن تبني التقنيات الحديثة يحتاج إلى كوادر مؤهلة قادرة على إدارتها وتطويرها.

الحوالات الإلكترونية:

أما على صعيد الخدمات المالية، فتركز بنود المذكرتين على توسيع قنوات الحوالات المالية والأنظمة البريدية المصرفية مثل: البنك البريدي والصراف الآلي والتوفير، ويأتي في قلب هذا التطوير العمل على تفعيل منظومات تبادل الحوالات الإلكترونية لتعزيز سرعة وأمن التحويلات، وهي خدمة حيوية للمواطنين والشركات على حد سواء.

وفي عصر أصبحت فيه البيانات بمثابة الذهب الجديد، لم يغب جانب الأمن الرقمي والحماية عن هذه الاتفاقيات، فقد نصت المذكرتان على التزام واضح بحماية البيانات الشخصية وسرية المعلومات، مع ضرورة اتخاذ تدابير تقنية وإدارية وقانونية تمنع التعامل غير القانوني بالبيانات أو تسريبها، مما يعكس وعيًا كبيرًا بأهمية بناء الثقة الرقمية.

البريد السوري.. والتجارة الإلكترونية:

من اللافت في هذه الاتفاقيات تباين مجالات التعاون مع كل طرف؛ إذ يركّز الاتفاق مع البريد التركي على الجوانب التشغيلية والتقنية المباشرة، بما يشمل تطوير خدمات التجارة الإلكترونية، وتنظيم رسوم التسليم، إلى جانب إدماج حلول الأتمتة وربط الشبكات والمواقع الدولية لتعزيز كفاءة الخدمات.

في حين تتجه مذكرة التعاون مع بريد المغرب إلى أبعاد إستراتيجية إقليمية أوسع، والتكامل وفق قواعد الاتحاد البريدي العالمي، وتقديم خدمات ثنائية متقدمة مثل الخدمات البريدية السريعة (EMS)، والخدمات المالية الدولية (IFS)، مع تعزيز التنسيق في المحافل الدولية. وهذا التنوع المتقن في الشراكات يمنح المؤسسة السورية للبريد مرونة استثنائية للاستفادة من حزمة متكاملة من الخبرات، تجمع بين الكفاءة التشغيلية الفورية والتوجهات الإستراتيجية المستقبلية.

وفي تعليقه على هذه القفزات الإستراتيجية، أكد عماد الدين حمد، المدير العام للمؤسسة السورية للبريد، أن مذكرتي التفاهم تمثلان محطتين نوعيتين وضروريتين في مسيرة النهوض بخدمات البريد السوري. مشددًا على التزام المؤسسة بمواصلة ربط شبكاتها بخطوط التجارة الإلكترونية العالمية وتعزيز قدراتها اللوجستية والمالية بما ينعكس مباشرة على خدمة المواطنين.

وأوضح حمد أن المؤسسة تعتمد نهجًا عمليًا مواكبًا للتحول الرقمي، يركّز على تسريع زمن توصيل الخدمات، وتبسيط إجراءات الدفع والحوالات البريدية، وأتمتة العمليات التشغيلية لضمان مستويات أعلى من الجودة وخفض التكاليف.

وأضاف: “نضع حماية بيانات المواطنين في صلب أولوياتنا، ونؤمن أن تبادل الخبرات والتدريب المشترك سيمنح كوادرنا أدوات الابتكار اللازمة”.

كما أشار حمد إلى أن مؤسسة البريد السوري تسعى إلى تحويل هذه الاتفاقيات إلى مشاريع ملموسة تفتح آفاقًا خدمية وتجارية جديدة، وتضع المؤسسة في موقع ريادي إقليمي يوفر خدمات سريعة، وآمنة، وميسرة للجميع.

توقعات إيجابية:

من المتوقع أن تؤدي هذه الشراكات إلى نتائج إيجابية على أصعدةٍ عدة، فعلى مستوى الخدمة، سيسهم التعاون في تحسين زمن التوصيل وتخفيض تكاليفه، ورفع كفاءة المراكز اللوجيستية،

وأما على الصعيد المالي، سيتم توسيع مجموعة الخدمات المالية البريدية، مما يمنح المواطنين بدائل آمنة وسريعة. كما أن بناء كوادر مؤهلة سيعزز من كفاءة المؤسسة على المدى الطويل.

وتمثل هذه المذكرات إطارًا لبناء تعاون مستدام وقابل للقياس. ومع التطبيق العملي لمضامينها، والإدارة المشتركة، والالتزام بمعايير حوكمة الخدمات وحماية البيانات، سوف تكون لها انعكاسات ملموسة على جودة الخدمة وفرص النهوض بواقع المؤسسات الخدمية في َة الجديدة، لتكون خطوة واعدة نحو تحول رقمي حقيقي، يضع نهاية لعقود من الجمود ويبشر بعهد جديد من الكفاءة والشفافية والخدمة الموثوقة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة البوابة العربية للأخبار التقنية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من البوابة العربية للأخبار التقنية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا