[email protected]
لا شيء يُشبه شهور الصيف حين تقرر أن تتوقف قليلًا، أن تأخذ نَفَسًا هادئًا بعد عامٍ من الركض المهني أو المسؤوليات المتلاحقة.
بات الصيف اليوم في المملكة مختلفًا عمّا كان قبل سنوات. فمع التقدم الكبير في مشاريع السياحة الداخلية، والبنية التحتية التي تطورت في وقت قياسي، أصبحنا نمتلك خيارات حقيقية لعيش تجربة راقية دون الحاجة إلى سفر بعيد أو مغامرة مرهقة.
من أبها بخضرتها الفاتنة ونسائمها التي تغسل الروح، إلى الطائف بنكهة الأصالة ومهرجاناتها البهيجة، وصولًا إلى الباحة ومرتفعاتها الهادئة، والباحة تحديدًا لا تكفيها زيارة عابرة، فهي من الأماكن التي تُشعرك بأنك في بلد آخر تمامًا، لكنها تحتضنك بلهجتك ولهفتك ولهفتها عليك.
حتى العلا، رغم حرارتها، تقدم لياليَ ساحرة تحت النجوم، وتجربة ثقافية لا تُنسى في كل شبرٍ من رمالها الهادئة.
هذه الوجهات لم تعد مجرد صور في إعلانات موسمية، بل تحولت إلى مشاريع متكاملة تعكس تحولًا اقتصاديًا واجتماعيًا حقيقيًا، يعزز جودة الحياة ويرفع سقف الرضا المجتمعي.
والأجمل من ذلك أن السياحة لم تعد نخبوية أو حكرًا على فئة، بل أصبحت أقرب للعائلة، وللشاب، وللمرأة، وللمتقاعد... لكل من أراد أن يمنح نفسه لحظة راحة وفسحة تأمل.
ولا يحتاج الأمر كثيرًا من التخطيط، بقدر ما يحتاج رغبة في أن تعيش اللحظة وتسمح لنفسك ببعض الرفق.
الصيف فرصة لإعادة تعريف الترفيه.
ليس فقط في المراكز التجارية أو المهرجانات، بل في التفاصيل الصغيرة: أن تجلس مع عائلتك على مائدة إفطار متأخر بلا استعجال، أن تشرب قهوتك بهدوء دون أن يرن الهاتف، أن تتنزه في ممر مشاة تم إنشاؤه حديثًا داخل حيّك، أو تقرأ كتابًا ظل يؤجَّل عامًا بعد عام.
جودة الحياة ليست شعارًا في وثيقة رسمية، بل هي قرارات فردية نمارسها حين نُبطئ إيقاعنا قليلًا، ونسمح لأجسادنا وعقولنا أن تلتقط أنفاسها.
ونحن مقبلون على يوم الشباب العالمي، الذي يوافق الثاني عشر من أغسطس، نستطيع أن ندمج بين التقدير والاستمتاع؛ فالشباب هم النبض الحقيقي لأي وطن، ووجودهم في الفعاليات، والمهرجانات، والمبادرات الصيفية، ليس مجرد مشاركة، بل هو تعبير عن رغبة في أن يكونوا جزءًا من المستقبل الذي يُبنى لا على الورق، بل على الأرض.
لا يحمل فقط حرارة الشمس، بل دفء اللقاء، وصفاء الذهن، وتجدد الحماس لما هو قادم.
وكثيرًا ما نحتاج لمثل هذه الأشهر، لنعيد ترتيب أولوياتنا، وننظر إلى الحياة بعيون أقل توترًا.
وما أجمل أن تكون التجربة كلها داخل الوطن.
أن تسافر داخل حدودك، وتندهش بأن هذه الجبال، وهذه الشواطئ، وهذه الأمسيات الفنية، وهذه المقاهي الأنيقة، كلها هنا... قريبة، مألوفة، ولكنها تُقدَّم بروح جديدة.
المملكة اليوم تحتضن التنوّع بكل أشكاله: في الطقس، في الطبيعة، في الثقافة، وحتى في أساليب الترفيه.
ولم يعد الخيار السياحي مرادفًا للطيران، بل أصبح مرادفًا للتخطيط الذكي والاختيار الواعي.
ولعل أكثر ما نحتاجه في هذه الإجازة، أن نعيد علاقتنا بالهدوء.
أن نستمتع بالفراغ المؤقت، ونكسر روتين الإنتاج المستمر، لا كترف، بل كاستحقاق.
فالإنجاز لا يكون دائمًا بالعمل، بل أحيانًا يكون بقدرتك على التوقف، وعلى أن تقول: “أنا أستحق هذه اللحظة”.
الصيف في السعودية لم يعد مجرد فصل... بل أصبح مساحة للحياة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.