وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، خلال الاجتماعات السنوية الحكومية بتخصيص 2026 ليكون «عام الأسرة» تعزيزاً لأهداف الأجندة الوطنية لنمو الأسرة الإماراتية، وترسيخ وعي المواطنين والمقيمين بأهمية الحفاظ على الترابط الأسري، كونه الركيزة الأساسية التي يقوم عليها المجتمع المزدهر، فضلاً عن غرس قيم التعاون والتواصل والتآلف، ونقلها إلى الأجيال المقبلة.
أكد سموه من منطلق مقولة «الأسرة أساس أي مجتمع قوي» للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أن نمو الأسرة الإماراتية يتعلق بوجودنا وهويتنا ومستقبل وطننا وأمننا، لذا فقد حظيت الأسرة الإماراتية بالاهتمام الرئيسي في السجل الوطني للدولة منذ تأسيسها.
أولوية وطنية
يمثل نمو الأسرة أولوية وطنية، حيث إن استقرارها وقوتها ركيزة أساسية لاستقرار الدولة، وازدهارها على المدى الطويل، لذا نالت المكانة التي تستحقها من خلال العديد من الخدمات والمبادرات والمنجزات التي تحققت لصالحها، وكانت دائماً في الصف الأول من اهتمام القيادة الحكيمة للدولة، وعلى رأس أولوياتها، وتعد وفقاً لتأكيد صاحب السمو رئيس الدولة، خط الدفاع الأول في سبيل الحفاظ على ثقافتنا وقيمنا وهويتنا.
ولا شك أنه بإعلان صاحب السمو رئيس الدولة تخصيص عام 2026 للأسرة، تتواصل حلقات العناية والرعاية والاحتواء المشهود بها وبأفرادها، خاصة مع توجيه سموه بتشكيل فريق عمل وطني يضم أكثر من 20 جهة حكومية اتحادية ومحلية تعنى بموضوع نمو الأسرة من خلال التركيز على ثلاثة مسارات تشمل السياسات والبرامج والتدخلات السلوكية، والصحة الإنجابية.
ويعني المسار الأول بمراجعة السياسات والبرامج التي تؤثر في نمو الأسرة بشكل مباشر أو غير مباشر، ويركز المسار الثاني على فهم الدوافع السلوكية والاجتماعية لنمو الأسرة من خلال المقابلات الميدانية في مختلف مناطق الدولة، ويهتم المسار الثالث بمراجعة مبادرات الصحة الإنجابية وفهم التحديات التي تواجهها لمعالجتها.
مشروع وطني
حول تعزيز مفاهيم الترابط الاسري، والآلية الواجبة لتطبيق المضامين المقررة لعام الأسرة، وفقاً للمسارات الثلاثة، قالت د. فاطمة العلماء رئيسة قسم طب الأطفال ورئيسة قسم صحة الطفل في هيئة الصحة في دبي: «حين أعلن صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، توجيهه بعام الأسرة، شعرتُ بأن الدولة تعيد التأكيد على تلك القيمة العميقة التي تأسست عليها الإمارات منذ نشأتها، فالأسرة ليست تفصيلاً اجتماعيًّا عابرًا، بل هي الجذر الذي تنمو منه كل الثمار، من الهوية إلى الأخلاق، ومن الاستقرار إلى الإنجاز».
وأضافت: «لقد اختارت القيادة أن تتعامل مع ملف الأسرة بوصفه مشروعًا وطنياً يتجاوز الشعارات، وهذا ما بدا واضحًا من تشكيل فريق عمل يضم أكثر من 20 جهة اتحادية ومحلية، يعمل على ثلاثة مسارات دقيقة، هي مراجعة السياسات والبرامج، قراءة السلوك الاجتماعي والأسري من خلال المقابلات الميدانية، ثم دراسة واقع الصحة الإنجابية والعمل على معالجة ما يحتاج إلى دعم أو تطوير».
وهذه المقاربة تؤكد أننا أمام رؤية علمية لا تبحث عن حلول تجميلية، بل عن قراءة واقعية لمتطلبات الأسرة الإماراتية، وما تحتاج إليه كي تستمر قادرة على النمو، في زمن تتعاظم فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
تخفيف الأعباء
واصلت د. فاطمة العلماء: «كنت قد تحدثتُ سابقًا عن أهمية توفير بيئة تشجع على الإنجاب، لا عبر التحفيز الكلامي فقط، بل بتخفيف أعباء الحياة، فحين يشعر الزوجان بأن تكوين أسرة أكبر لن يقف حجر عثرة أمام جودة تعليم أبنائهم أو صحتهم أو سقفهم الآمن، يصبح قرار الإنجاب قرارًا طبيعيًا لا مخاطرة فيه».
ورأت أن تعزيز المدارس الحكومية القوية، وتوفير العلاج الحكومي الشامل في الصحة الإنجابية ورعاية الأمومة، إلى جانب توفير السكن اللائق والميسر، تشكل أعمدة أساسية لدعم الأسرة.
ولا شك أن هذه الخطوة من القيادة الكريمة تعيد الاعتبار لمفهوم «البيت» بوصفه المكان الأول الذي تُصنع فيه القيم، وترتسم فيه ملامح الشخصية، وتُصاغ فيه علاقة الإنسان بنفسه وبالآخرين.
انتهت د. فاطمة العلماء للقول: «في رأيي، فإن تخصيص عام للأسرة ليس نهاية الفكرة بل بدايتها، فهو دعوة مفتوحة لتجديد الحوار حول قضايا الأسرة، وإعادة ترتيب الأولويات الاجتماعية، واستحضار تلك الروح التي جعلت الإمارات نموذجًا في العيش المشترك، والتواصل بين الأجيال، واحترام المكان والقيم، وإنها فرصة لأن نعود إلى الأصل، إلى البيت الذي نتعلم فيه الحب قبل المعرفة، والاحترام قبل القانون، والانتماء قبل الهوية الشكلية، وتبقى الحقيقة الأوضح، أن رعاية الأسرة هي أعظم استثمار في مستقبل الوطن».
استثمار الطاقات
تعد الأسرة هي نواة المجتمع ومصدر قوّته واستقراره، لذا تأتي أهمية دعمها وتعزيز دورها في بناء أجيال المستقبل، وقال د. أحمد صالح النقبي عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: «زيادة عدد المواليد الإماراتيين ليس مجرد رقم إحصائي، بل استثمار في طاقات بشرية تحمل الأمل، وتجدد الحيوية في جسد الوطن، ولتحقيق ذلك ينبغي العمل على رفع معدلات الزواج بين المواطنين، وتيسير سبل الاستقرار الأسري للشباب، عبر تهيئة بيئة مشجعة، تُقدّر قيمة الأسرة، وتحتضن احتياجاتها».
ولفت إلى أن خفض متوسط العمر عند الزواج يسهم في بناء أسر أكثر تماسكًا واستقرارًا، إذ يمنح الشباب فرصة مبكرة لتأسيس حياة قائمة على التعاون، والمسؤولية، والنمو المشترك، ومن المهم كذلك زيادة نسبة الشباب الذين يفضلون الزواج والإنجاب، وذلك عبر نشر الوعي بأهمية دورهم في استمرار البناء الاجتماعي والاقتصادي، فكل أسرة جديدة هي غرس أملٍ في أرض الوطن، وكل مولودٍ جديد هو وعد بمستقبل أكثر إشراقًا وازدهارا، تُزهر فيه القيم، وتتعزز فيه روح الانتماء والعطاء.
وأضاف أنه يجب تبنّي عقلية النمو الأسري التي تقوم على التطوير المستمر في العلاقات والتواصل والقيم المشتركة، حينها ندرك أن النجاح لا يعتمد على الظروف، بل على الجهد والتعلّم والتعاون، فتهيئة بيئة الأسرة مردودها سيكون داعماً ومشجعاً على الاستقرار والتفاهم بين أفرادها، عبر غرس قيم الاحترام، والمسؤولية والمشاركة.
إطار وطني
الأسرة بما تمثله من نواة المجتمع، وأساس تماسكه، هي البيئة التي تبنى فيها القيم، وتتجذر فيها الهوية، وتنشأ فيها الأجيال القادرة على صناعة المستقبل. هذا ما أكدته د. أمل عبد الله الهدابي النائب الأول لمجلس سيدات أعمال الامارات، وقالت: «يأتي إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عن تخصيص عام 2026 «عاماً للأسرة»، ليؤكد النهج الإنساني والحضاري الذي تتبناه دولة الإمارات، في جعل الإنسان محور التنمية وغايتها.
وأضافت أن هذه الخطوة ليست مجرد مبادرة رمزية، بل إطار وطني متكامل يترجم رؤية الإمارات نحو تعزيز استقرار الأسرة وتمكينها، وضمان جودة حياتها في ظل التحولات الاجتماعية المتسارعة، ويعكس هذا التوجه حرص القيادة الرشيدة على تحصين المجتمع من التحديات التي تمس تماسكه، من خلال سياسات تنموية وتشريعات داعمة وبرامج تستهدف تمكين الأبوين، وتعزيز دور المؤسسات التربوية والإعلامية في ترسيخ القيم الأسرية.
وأوضحت: كما يهدف عام الأسرة 2026 إلى تعزيز مكانتها باعتبارها ركيزة المجتمع، وقاعدة الاستقرار، ودعم نموها وزيادة عدد المواليد، وتعزيز معدلات الزواج بين المواطنين، بما يعزز التوازن الديمغرافي والاستقرار الاجتماعي.
امتداد الإرث
أشار علي حسن العاصي رئيس لجنة الأسر المتعففة التابعة لجمعية دار البر، إلى أنه عندما يُنظر إلى المستقبل في دولة الإمارات برؤيةٍ تستشرف الغد، لا يكون الإنسان مجرد رقم في معدلات التنمية، بل هو أولاً ودائماً، ومن هذا المنطلق، يأتي توجيه صاحب السمو رئيس الدولة، بتخصيص عام الأسرة، ليمثل أكثر من مجرد مبادرة سنوية، وهو إعلانٌ رمزيٌ عميق الدلالة، ورسالةٌ وطنيةٌ بأن قوة الوطن تبدأ من قوة الاسرة وهي الخلية الأولى فيه.
وقال: اختيار الأسرة محوراً لعامٍ وطني لم يكن وليد اللحظة، بل هو تمسكٌ وامتداد لإرث وجداني أرساه الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي طالما أكد أن الأسرة أساس وركيزة أي مجتمع قوي، وسط عالمٍ يزدحم بالمتغيرات، والتحديات، التي تمسّ الهوية والقيّم.
ويأتي هذا الإعلان ليؤكد أن حصن الإمارات المنيع منبعه تماسك أسرها، فنحن هنا نعود إلى الجذور، ونؤكد أن الحداثة والتقدم لا يتعارضان مع التمسك بالأصالة، بل يتكاملان ليشكّلا مجتمعاً إماراتياً فريداً، يجمع في هويته بين الانفتاح على العالم، والحفاظ على قيمه الراسخة وأصالته.
مسؤولية جماعية
أكد العاصي أن «عام الأسرة» يرمز إلى أولوية الاستثمار في الإنسان، وهو استثمارٌ يبدأ قبل المدارس أو الجامعات، في حضن الأسرة باعتبارها المصنع الأول للقيم والحاضنة التي تُغرس فيها مبكراً بذور الانتماء والولاء والتكافل، ولفت إلى أن القيادة ترسل رسالة واضحة بأن بناء مجتمع متلاحم ومستقر ومزدهر هو مسؤولية جماعية، تبدأ من كل بيت، إنها رمزية البناء من القاعدة، فكل أسرة مستقرة هي إضافة، وركيزة صلبة في صرح الوطن.
وأضاف: «الذي يدعو للفخر أن القيادة الرشيدة في الإمارات تنظر إلى الأسرة باعتبارها قضية وجودية وأمناً واستقراراً وطنياً، فنموها وتماسكها يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بهوية الدولة وأجيالها ومستقبلها، هذه النظرة نراها تتجسّد في مبادرات واستراتيجيات متكاملة».وأعتبر أن «عام الأسرة» ليس شعاراً، بل دعوةٌ مفتوحة للمشاركة في دعم هذه الرؤية، وإعادة التأكيد على أهمية الحوار الأسري، وتعزيز دور الوالدين في التربية، وضرورة ترابط الأجيال المتعاقبة من خلال غرس أخلاقيات التآلف، ومناقب التعاضد في نفوس الأجيال الجديدة.
وختم قائلاً: «في رؤية القيادة، الأسرة هي المدرسة التي يتخرج فيها المواطن النافع لنفسه، وأهله، ومجتمعه، ووطنه، النواة التي يبدأ منها كل نجاح، والمصدر الذي لا ينضب للطاقات والمواهب، من صنّاع المستقبل ورواده».
نعيمة الزعابي: توفير مقومات الاستقرار والنماء
نوهت نعيمة الزعابي عضوة مجلس سيدات الشارقة، بأن عام الأسرة يعد تجديد عهد من القيادة الحكيمة للدولة بمواصلة الاهتمام بالأسرة ورعاية أفرادها، وبذل ما يمكنها لتكريس استقرارها وتعزيز ترابطها ونموها.وقالت إن المسؤولية اليوم تشمل جميع أفراد المجتمع في ترجمة الأجندة الوطنية للدولة بشأن تقديم كل ما من شأنه توفير مقومات الاستقرار والنماء والحيلولة دون تعرضها لأي متاعب أو منغصات أو قلاقل، لاسيما مع مراجعة السياسات والبرامج التي تؤثر في نمو الأسرة بشكل مباشر أو غير مباشر لمعالجتها.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
