عمره 20 عامًا فقط.. ما قصة الشاب الذي أسّس دولة ونصب نفسه رئيسًا عليها؟
بموجب القانون الدولي، تصف عبارة "تيرا نوليوس" (Terra nullius) اللاتينية التي تعني "أرض لا يملكها أحد" منطقة من الأراضي غير المطالب بها من قبل أي دولة ذات سيادة.
أصبحت الأراضي غير المطالب بها نادرة جدًا.
وفي أوروبا، على طول الحدود الكرواتية-الصربية، أدى نزاع طويل على نهر الدانوب إلى ظهور مناطق يُدعى أنّها مصنفة كـ"تيرا نوليوس" في أربع جيوب صغيرة من اليابسة على الأقل.
بدأ النزاع الحدودي عام 1947، بعد الحرب العالمية الثانية، واشتعل مرة أخرى في التسعينيات عندما تم السعي لإعادة الفصل التاريخي بين صربيا وكرواتيا، اللتين قضتا معظم القرن الـ20 كمناطق ضمن يوغوسلافيا.
تاريخيًا، كانت الأراضي مفصولة بواسطة نهر الدانوب. وتدّعي صربيا أنّ حدودها تمر عبر منتصف النهر الحالي، بينما تدعي كرواتيا حدودًا مختلفة استنادًا إلى خرائط ملكية الأراضي في القرن الـ19، عندما كان مجرى النهر مختلفًا.
هذه التعاريف المختلفة للحدود تعني أن كرواتيا تطالب بأراضٍ على الضفة الشرقية للدانوب، وهي أراضٍ تعتبرها صربيا ملكها.
لكن مجرى النهر القديم يشير إلى وجود عدة جيوب على الضفة الغربية كانت ستنتمي إلى صربيا وفقًا لتلك الخرائط القديمة.
يمكن المطالبة بالأراضي المصنفة تحت "تيرا نوليوس" من خلال الاحتلال بحسب القانون الدولي.
ويصف نوام ليشيم، أستاذ الجغرافيا السياسية والثقافية المشارك في جامعة دورهام البريطانية، هذه الأراضي بكونها "فئة قانونية مبهمة".
وقال ليشيم: "القدرة على المطالبة بالأراضي هي في جوهرها مسألة قوة، وهذه القوة تُستمَد إمّا من القانون أو من القدرات، أو من الجمع بين الاثنين".
في عام 2015، طالب السياسي التشيكي فيت جيدليتشكا بقطعة أرض تمتدّ لسبع كيلومترات مربعة في منطقة الدانوب المتنازع عليها، تُدعى "Gornja Siga"، وأعلن أنّها أصبحت "جمهورية ليبرلاند الحرة".
رؤيته لهذه الدولة الصغيرة متشددة في الفكر الليبرالي، وقال آنذاك إنّ طموحه ستشكل "ثورة عالمية".
أصبحت الأرض الآن غير متاحة للدخول، بعد أن أقامت السلطات الكرواتية سياجًا حولها.
"جمهورية فيرديس الحرة"
أعلن دانيال جاكسون عن نفسه رئيسًا لـ"جمهورية فيرديس الحرة"، وهي عبارة عن قطعة صغيرة من الأرض بين كرواتيا وصربيا.
Credit: Courtesy Daniel Jackson
ألهم موقف جيدليتشكا الشاب دانيال جاكسون، البالغ من العمر 20 عامًا، لتجربة سيادته وإنشاء دولته الخاصة، ولكن بهدف مختلف تمامًا عن هدف السياسي التشيكي.
أعلن جاكسون الذي يحمل الجنسية البريطانية والأسترالية، عن نفسه رئيسًا لـ"جمهورية فيرديس الحرة"، أو "الجيب رقم 3" كما هو محدد على الخرائط الدولية.
وهذا يجعله أصغر رئيس دولة في العالم.
تقع الدولة الصغيرة التي يطالب بها على شاطئ رملي غير مأهول بمساحة 124 فدانًا على طول نهر الدانوب، ولا يوجد بها سوى غابات وأراضٍ شاطئية قليلة الغطاء النباتي.
تقع هذه الأرض غير المأهولة بالسكان، والمشار إليها بالجيب 3 على الخرائط الدولية، على طول نهر الدانوب.
Credit: Courtesy Daniel Jackson
الأرض التي يطالب بها جاكسون، بمساحة تقارب نصف كيلومتر مربع، أكبر قليلاً من مدينة الفاتيكان، التي تُعد أصغر دولة في العالم.
وقال جاكسون، الذي جذب نحو 400 "مواطن فيرديسي" لدعمه، إنّه يعتقد أن "جمهوريته" الناشئة يمكن أن تصبح دولة ذات سيادة مع الاعتراف الدولي.
لكن بعد أيام من رفع فريق "فيرديس" لعلمه المخطط بالخطوط الزرقاء والبيضاء على رمال "الجيب رقم 3" في 2023، قال جاكسون إنّه واجه أول أزمة "وطنية" له عندما وصلت الشرطة الكرواتية وطرَدته.
أفاد جاكسون أنّ محاولته لاستيطان الأرض فشلت بسبب السلطات الكرواتية.
Credit: Courtesy Daniel Jackson
وقالت وزارة الخارجية الكرواتية لـCNN إنّ احتلال جاكسون للأرض، ومشروع "ليبرلاند"، عبارة عن "إجراءات استفزازية بلا أساس قانوني".
وأضافت أنّها تقوم بواجبها في حماية حدودها الخارجية وحدود منطقة شنغن متعددة الجنسيات في أوروبا، مشيرة إلى أنّ مفهوم "تيرا نوليوس" ليس ذا صلة هنا.
ورُغم أنّ الحدود على طول نهر الدانوب قد تكون موضع نزاع، إلا أنّ الوزارة أكّدت أنّ كرواتيا وصربيا "تشتركان في فهم واحترام مبدأ أساسي للقانون الدولي. ومسألة تحديد الحدود التي لا تزال جارية لا تجعل أي مساحة مصنّفة ضمن تيرا نوليوس مفتوحة للاحتلال من قبل طرفٍ ثالث".
تواصلت CNN مع الحكومة الصربية أيضًا للتعليق.
جواز سفر "فيرديس" غير معترف به رسميًا.
Credit: Courtesy Daniel Jackson
لم يُثن هذا الموقف من عزم جاكسون، وقال
لـCNN من "المنفى" في المملكة المتحدة: "أحب ما أفعل. خبرتي أقل من بعض الرؤساء الآخرين، لكنّي في سنٍ أتعلم فيه بسرعة. أريد تمهيد الطريق لجيلنا ليشارك في السياسة العالمية بشكلٍ أكبر".
قبل محاولتهم احتلال "الجيب رقم 3"، قال جاكسون ومواطنوه إنّهم أجروا أبحاثًا واسعة في الأرشيفات المحلية على جانبي الحدود المتنازع عليها.
وعندما اقتنعوا أنّ الأرض متوفرة لهم، بدأت الجمهورية المعلنة ذاتيًا بوضع أسسها عن بُعد.
تم انتخاب جاكسون رئيسًا من قِبَل زملائه في مايو/أيار من عام 2019، وتم تشكيل حكومة، وتعيين مسؤولين وسفراء.
وأضاف جاكسون: "كانت هناك أسباب كثيرة دفعتنا لإنشاء فيرديس. اجتمع الناس للقيام بشيء فريد، ليُسمع صوتهم. إنشاء دولة يوفر فرصًا لتجربة أشكال جديدة للحكم وأنظمة التصويت. نريد أن نكون منطقة محايدة، حيث يمكن لقادة العالم مناقشة نزاعاتهم".
"أكثر من مجرد دولة صغيرة"
يصر جاكسون على تحقيق الاعتراف الدولي لـ"فرديس"، وقال: "الكثير من الناس أسسوا دولاً صغيرة لإيصال رسالة. نحن نحاول بناء دولة. نشير إلى أنفسنا كدولة أو دولة ذات سيادة لأسباب سياسية".
على مدار عام 2023، قال جاكسون إنّ ممثلي "فرديس" قاموا بعدة رحلات "مسح" إلى المنطقة، حيث أقاموا مخيمات ورسموا الخرائط وخططوا لمستوطنات أكثر كفاءة للبعثات المستقبلية.
كما وُضِع جدول لزيارة "المواطنين" بالتناوب خلال الأشهر التالية لضمان حضور دائم للسكان.
لكن الأمور لم تسر وفقًا للخطط.
في صباح الـ 12 من أكتوبر/تشرين الأول، بعد يوم من إعلان "جمهورية فرديس" مطالبتها بـ"الجيب رقم 3"، قال الشاب إنّ الشرطة الكرواتية، التي تسيطر فعليًا على الضفة الغربية للدانوب (حتى لو لم يتوافق ذلك مع التفسير الرسمي للحدود)، وصلت إلى الشاطئ.
وقال جاكسون: "لم يدم الأمر طويلاً. قامت الشرطة بتفكيك المخيم واحتُجز المستوطنون، بمن فيهم أنا، للخضوع للاستجواب. ونحن في المنفى منذ ذلك الحين".
في المنفى
يعتقد جاكسون أنّه سيعود مع أتباعه إلى قطعة الأرض هذه.
Credit: Courtesy Daniel Jackson
لكن جاكسون لم يستسلم، وأكد: "نستمر في الحكم من المنفى. سنواصل الضغط للعودة إلى الأرض والاستعداد للعودة إليها".
يرى ليشيم أنّ مطالبة جاكسون بالأرض لن تنجح على الأرجح، خاصة أمام الشرطة الكرواتية.
وشرح: "على المستوى السياسي العملي، أعتقد أن هذا الشاب البالغ من العمر 20 عامًا يواجه عقبات كبيرة، لم تتمكن شعوب كبيرة مثل الأكراد أو الفلسطينيين من تجاوزها بعد. ومع ذلك، لا يعني ذلك أننا لا يجب أن نأخذه على محمل الجد، والآخرين مثله
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة نيوز لاين ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من نيوز لاين ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
