في عرضه الثاني مع دار بلوماين Blumarine ، أثبت المصمم ديفيد كوما أنه لا يخشى التغيير الجذري أو إعادة صياغة هوية العلامة التي اشتهرت منذ التسعينيات بنعومتها الرومانسية، وألوانها الحالمة، ورمزها الأكثر تميزًا، "الفراشة"، لكن هذه المرة، لم تكن الفراشة رقيقة ومضيئة كما عهدناها، بل تحولت إلى كائن ليلي داكن، يطير في عتمة الليل بين الأضواء المتلألئة، مشحونًا بالدراما والإغراء.
المجموعة جاءت انعكاسًا لفكرة "التحول"، ليس فقط في الحشرات المجنحة التي جسدتها التصاميم، بل أيضًا في الدار نفسها، التي تمر بمرحلة انتقالية نحو هوية أكثر جرأة وحسية، تركز بشكل شبه كامل على أزياء المساء والحفلات، وبينما قد يُنظر إلى هذا التحول باعتباره تضييقًا لآفاق العلامة، فقد عكس في الوقت ذاته وضوحًا استراتيجيًا في خطابها البصري.
عالم من الأضداد: فراشات مقابل يعاسيب
منذ بداية العرض، بدا واضحًا أن كوما يشتغل على الثنائيات المتناقضة:
- الفراشات: رمز الرقة والحرية.
- اليعاسيب: رمز القوة والهشاشة في آنٍ واحد.
- النعومة: التي ظهرت في خامات الجورجيت والتول.
- البنية الحادة: التي تجلت في الخياطة الدقيقة للسترات والبليزرات.
- البراءة: المستوحاة من الوردي والبيج.
- الرومانسية القوطية: المتجسدة في الأسود والطبعات الداكنة.
هذا التوازن بين الأضداد شكّل العمود الفقري للمجموعة، وجعلها تبدو كحوار بصري بين النور والظلام، بين الحلم والواقع، وبين الإغراء والخطر.
الألوان: بين الرومانسية الكلاسيكية واللمسات الحادة
ركز كوما على لوحة لونية محدودة ولكن مؤثرة:
- البيج والوردي الباهت: استدعاء لجوهر بلومارين الرومانسي.
- الأسود القوطي: الذي منح المجموعة ثقلًا دراميًا.
- الأخضر الحامضي: كنفحة غير متوقعة أضافت طاقة مستقبلية.
هذا التباين بين الدرجات الحالمة والظلال الداكنة لم يكن مجرد اختيار جمالي، بل كان رسالة عن ازدواجية المرأة العصرية: حالمة، ولكن قوية، رقيقة، ولكن قادرة على المواجهة.
شاهدي أيضاً: مجموعة Blumarine لخريف 2025-2026
الأقمشة والمواد: لغة من الحسية والهشاشة
الأقمشة كانت بطلة العرض، وقد اعتمد كوما على مزيج ذكي بين الشفافية والبنية:
- الجورجيت الشفاف: منح الفساتين خفة وحركة.
- التول: عزز الإحساس بالأنوثة الحالمة.
- الدانتيل: أضاف لمسة رومانسية معقدة.
- الكشكشة المتدفقة: صنعت ديناميكية بصرية على منصة العرض.
حتى في القطع الأكثر رسمية، مثل البليزر، لم يتخل كوما عن الشفافية، حيث أضاف ألواح جورجيت شفافة منسدلة على الظهر، ليعيد تعريف الخياطة الرسمية بلغة أكثر حسية.
الفساتين: أيقونات السهرة بلا منازع
ركزت المجموعة بشكل شبه كامل على ملابس المساء:
- فساتين جورجيت: طويلة شفافة تحاكي حركة الفراشات.
- فساتين تول: قصيرة مطرزة مثالية للسهرات الشبابية.
- فساتين الدانتيل: التي تجمع بين الرقة والإثارة.
- تصاميم مطرزة: بكثافة كأنها شلالات من الضوء.
في بعض التصاميم، أعاد كوما تخيّل الفراشات في طبعات تشبه بقع النمر، وهو دمج بين الحيواني والأنثوي، أضاف عنصر المفاجأة والجرأة.
المجوهرات والإكسسوارات: بصمة بصرية مكثفة
لم تقتصر رؤية كوما على الملابس فقط، بل امتدت إلى الإكسسوارات:
- مجوهرات ضخمة: بتصاميم الفراشات واليَعاسيب.
- أحزمة معدنية: زادت من حدة بعض الإطلالات.
- أحذية بكعوب: دقيقة عززت الطابع الليلي.
كل هذه العناصر أكدت أن العرض لم يكن مجرد أزياء، بل تجربة بصرية متكاملة.
شاهدي أيضاً: مجموعة Blumarine ما قبل خريف 2025
فلسفة الليل: بلومارين بعد الغروب
- من الواضح أن كوما أراد أن يجعل من بلومارين دارًا للمرأة المحبة لليل، تلك التي تبحث عن إطلالات للسجادة الحمراء أو لحفلات ما بعد منتصف الليل.
- هذه الفكرة رسّخت العلامة كخيار رئيسي لموضة "اللحظة"، حيث يتزايد الطلب على قطع ملفتة وقوية تحاكي عصر الإنستغرام والظهور الإعلامي المكثف، لكن، في المقابل، تطرح هذه الاستراتيجية تساؤلات عن التوازن.
- إذ أن هوية بلومارين التاريخية ارتبطت أيضًا بالرومانسية النهارية، بالحرير الخفيف والألوان الزاهية التي تليق بحدائق الصيف، وهو ما بدا شبه غائب في هذا العرض.
مقارنة بالعرض الأول لديفيد كوما
في أول عرض له مع بلومارين، أدهش كوما النقاد بمزيج متناغم من الجرأة والانتعاش، حيث احتفظ بجذور العلامة وأضاف لمسته الشخصية، لكن في هذا العرض الثاني، بدا وكأنه يميل أكثر نحو الإغراء الداكن، أحيانًا على حساب التوازن:
- النجاح: ترسيخ هوية بصرية واضحة وسهلة التمييز.
- التحدي: خطر الوقوع في التكرار أو فقدان جانب من روح العلامة.
بلومارين في سياق الموضة العالمية
لا يمكن قراءة هذا العرض بمعزل عن السياق العالمي:
- هناك توجه عام نحو أزياء السهرة المبهرة، خصوصًا بعد عودة الحياة الاجتماعية بقوة.
- العلامات الكبرى تتنافس على إنتاج صور أيقونية أكثر من إنتاج قطع يومية.
- الجمهور يبحث عن الإطلالات الاستعراضية التي تترجم على وسائل التواصل الاجتماعي.
بهذا المعنى، فإن رهان كوما يبدو منطقيًا، لكنه يحتاج إلى مرونة تسمح بتقديم روايات أخرى للمرأة البلومارينية.
شاهدي أيضاً: مجموعة Blumarine ريزورت 2026
فراشة من نور وظلال
- في النهاية، يمكن القول إن مجموعة Blumarine ربيع وصيف 2026 كانت فصلًا جديدًا في قصة التحول، فهي مجموعة احتفت بالليل، بالإغراء، وبالظلال التي تلامس الضوء، ومع ذلك، فإن قوة العلامة تكمن دائمًا في قدرتها على الجمع بين العالمين: "عالم النهار المشرق وعالم الليل الغامض".
- ربما لم يكن العرض متوازنًا تمامًا، وربما حمل شيئًا من المبالغة، لكن هذا جزء من جرأة ديفيد كوما، الذي يفضّل أن يخاطر على أن يقدّم شيئًا آمنًا، وبينما ترفرف فراشة بلومارين في الليل، يبقى السؤال مفتوحًا هل ستعود يومًا إلى نور النهار؟
مجموعة Blumarine ربيع وصيف 2026
- وربما ما يميز هذا العرض تحديدًا هو أنه لم يكن مجرد استعراض لأزياء السهرة، بل كان تجربة مسرحية قائمة على المزج بين الخيال والواقع.
- فالإضاءة الخافتة، والموسيقى النابضة بإيقاعات غامضة، وحركة العارضات التي بدت وكأنها رقصة جماعية بين الفراشات واليعاسيب، كلها عناصر جعلت العرض أقرب إلى مشهد فني متكامل.
- هنا أثبت ديفيد كوما أنه لا يصمم الملابس فحسب، بل يكتب سردية كاملة حول المرأة التي ترتديها: "امرأة غامضة، متناقضة، تملك القدرة على إثارة الدهشة أينما حلّت".
شاهدي أيضاً: مجموعة Blumarine ريزورت 2024
شاهدي أيضاً: مجموعة Blumarine في أسبوع ميلانو للموضة خريف 2024
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.