مصر اليوم / اليوم السابع

المتحف المصرى الكبير.. منصة لحوار الحضارات والتبادل الثقافى بين أحضان الأهرامات

على مرمى البصر من الأهرامات الشامخة، حيث تتلاقى عظمة الماضى مع طموح الحاضر، يقف المتحف المصرى الكبير كمنارة ثقافية جديدة تعيد تعريف العلاقة بين الحضارات، وتفتح أبوابا واسعة لحوار إنسانى يتجاوز الحدود واللغات.

فهنا على ضفاف التاريخ، لا تعرض القطع الأثرية فقط، بل تروى من خلالها قصة الإنسانية جمعاء، من القديمة إلى العالم الحديث.

منذ اللحظة الأولى التي تطأ فيها قدما الزائر ساحة المتحف العملاقة، يشعر أنه يدخل إلى فضاء عالمي يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، فالمتحف الذي بني ليكون أكبر صرح أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، لم يصمم ليكون مجرد مخزن للآثار، بل منصة حوار حضاري وثقافي تلتقي فيها الأمم والشعوب على أرض مصر، التي طالما كانت قلب الحضارة الإنسانية النابض.

وتتجاوز رؤية المتحف المصرى الكبير العرض التقليدي للقطع الأثرية، لتصل إلى مفهوم أوسع هو التبادل الثقافى، فالمتحف لا يكتفي باستقبال الزائرين من شتى بقاع الأرض، بل يسعى إلى نقل المعرفة وتبادل الخبرات مع المؤسسات الثقافية والمتاحف العالمية، عبر تعاون وبحث علمي ومعارض متنقلة.

وفي هذا الإطار، يعمل المتحف على تنظيم فعاليات دولية مشتركة تجمع بين فنانين وعلماء آثار وباحثين من مختلف الثقافات، في ورش عمل ومحاضرات ومعارض تفاعلية، تعيد صياغة العلاقة بين الإنسان وتاريخه بطريقة تفاعلية تُخاطب كل الحواس.

ولعل ما يميز المتحف هو أنه لا يقدم حضارة مصر القديمة فقط، بل يضعها في سياقها الإنساني العالمي، فيقارن بين ابتكارات المصريين القدماء ونظيراتها في حضارات أخرى، مثل بلاد الرافدين واليونان والهند والصين، ليظهر أن الحضارة ليست حكرا على أمة واحدة، بل هي رحلة إنسانية مشتركة.

وفي أروقة المتحف الممتدة على مساحة تفوق نصف مليون متر مربع، يجد الزائر نفسه أمام تجربة غامرة تمزج بين العرض المتحفي والتكنولوجيا التفاعلية.. فالقاعات الفسيحة لا تعرض القطع الأثرية فحسب، بل تحكي قصصها بلغات متعددة، عبر الشاشات الذكية وتقنيات الواقع المعزز، التي تسمح للزائر بأن يعيش تجربة السفر عبر الزمن.

كما يضم المتحف مركزا للتعليم الثقافي ومتحفا للأطفال يقدم تجربة فريدة لتعليم الصغار قيم التسامح والتنوع والاحترام بين الحضارات من خلال أنشطة تفاعلية تربط بين الماضي والمستقبل.

في هذا الفضاء، لا تقدم الحضارة المصرية القديمة كأثر ساكن، بل كمدرسة حية للعالم في الإبداع والإنسانية.

ويدرك القائمون على المتحف أن الثقافة اليوم هي أداة قوة ناعمة لا تقل تأثيرا عن السياسة والاقتصاد، ولهذا يسعى المتحف ليكون صوتا لمصر في المحافل الدولية، ومركزا لتقريب الشعوب عبر الفنون والمعرفة.

فمن خلال استضافة مؤتمرات ومعارض مؤقتة بالتعاون مع متاحف عالمية سيسهم المتحف في مد الجسور بين الشرق والغرب، وتعزيز الحوار بين الحضارات على أساس من الاحترام المتبادل.

ويمكن القول بكل فخر إن المتحف المصري الكبير هو هبة مصر الجديدة للعالم، إذ أنه لا يسعى لتخليد الماضي فحسب، بل ليجعل من الحاضر مستقبلا مشتركا للبشرية.

ولعل الموقع الجغرافي للمتحف يمنحه رمزية فريدة، فهو يقف على أعتاب الأهرامات، أقدم معجزة معمارية عرفها الإنسان، ليقول للعالم إن مصر لا تزال تكتب فصول الحضارة، ولكن بلغة العصر.

فبين الرمال الذهبية وشموخ الأهرامات، يمتد حوار الحضارات في أبهى صوره، حين تجتمع شعوب العالم تحت سقف واحد، يتأملون ماضيهم المشترك، ويبحثون في سبل بناء مستقبل أكثر سلاما وتواصلا.

إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع ثقافي أو أثري، بل هو رسالة عالمية مفادها بأن الحضارات لا تتصارع، بل تتحاور، وأن الماضي لا يدفن في الرمال، بل يستعاد ليلهم الأجيال الجديدة.

فعلى ضفاف الأهرامات، حيث نحتت أولى صفحات التاريخ الإنساني، يولد في الأول من نوفمبر المقبل مركز جديد لتبادل الأفكار، وتجديد الروابط بين الشرق والغرب، في رحلة مستمرة من التفاعل الإنساني لا تعرف نهاية.

وهكذا، يبقى المتحف المصري الكبير شاهدا على أن مصر، رغم مرور آلاف السنين، لا تزال قادرة على أن تجمع العالم في مكان واحد، ليصغي الجميع إلى لغة الحضارة.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا